صفقة القرن والخیارات الأردنیة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/19 الساعة 01:38
الحدیث الذي أدلى به الدكتور عبدالله العكایلة رئیس كتلة الاصلاح النیابیة في اعقاب اللقاء مع جلالة الملك صریح ومباشر ویحمل في طیاته الكثیر من المقترحات والافكار التي تلقى قبولا شعبیا وتستجیب لمطالب الشارع الأردني وتحرر الإرادة الأردنیة من الخوف والتردد والاحساس بالقهر، إلا أن التطبیق له یحتاج الى استدارة سیاسیة وتحول فكري وأیدیولوجي وامكانات اقتصادیة وسیاسیة قد لا تكون متوفرة في هذه اللحظة من تاریخ الأردن والمنطقة
والعالم. منذ أشهر والأردن یعیش حالة من الحراك السیاسي الداخلي والخارجي. فالملك یجتمع بصورة دوریة مع الكتل النیابیة ومن تولوا مواقع اداریة في الدولة وبعض الكتاب والاعلامیین والعشائر فیستمع الى همومهم ومقترحاتهم ویعبر عن رفضه للقرارات التي اتخذتها الادارة الأمیركیة حول القدس والجولان وغضبه من تعدیات الاحتلال على حرمة الاقصى والمقدسات.

بالرغم من معرفة الجمیع بوجود خطة أمیركیة صهیونیة تنال من الحقوق العربیة واعتداءات اسرائیلیة على المقدسات الواقعة تحت الوصایة الهاشمیة الا ان الناس في الشارع الأردني لا یعرفون الكثیر عن تفاصیل الخطة ونوعیة ومستوى التهدیدات، كما یجهل الناس الاستراتیجیات والخطط والسیاسات التي اعدتها الدولة لمواجهة هذه الخطط والوقوف في وجهها. التهدیدات التي تحملها الخطة والاجراءات السابقة واللاحقة لإعلانها متعددة وكارثیة فهي تنال الدولة والنظام والهویة وتلغي الحقوق التاریخیة للشعب الفلسطیني بالأرض والسیادة والوجود وتعبر عن استشراء النزعة التوسعیة لدى الكیان الصهیوني الذي یزداد شراسة وتطرفا. الخیارات المطروحة للوقوف في وجه التعنت الأمیركي محدودة وتفتقر الى الحلفاء والمناصرین. للكثیر من الخبراء یبدو الصمود الفلسطیني وتلاحم الجبهة الداخلیة خیارا ممكنا وآمنا، لكن ذلك یحتاج الى اكثر من المشاعر والخطابات فهناك حاجة الى اصلاحات جوهریة في السیاسة والاقتصاد والادارة تعالج الاختلالات التي اضعفت ثقة المواطن بالدولة والمؤسسات. وعلى الساحة الفلسطینیة یصعب على اي جهة اجبار الفلسطینیین على القبول
بتسویة لا تلبي طموحات الشعب وتنسجم مع الشرعیة الدولیة. الى جانب الخیار المحلي المحافظ یجد خیار المواجهة السیاسیة تأییدا شعبیا واسعا. فعلى لسان رئیس كتلة الاصلاح النیابیة یمكن للأردن ان یقود حملة عالمیة تسهم فیها الدول الرافضة للمشروع الأمیركي وتؤیدها اوروبا وروسیا والصین اضافة الى اندونیسیا وقطر وتركیا ومالیزیا والباكستان ومن رغب من الاقطار العربیة. خیار المواجهة السیاسیة خیار مهم وفعال لكنه یحتاج الى تنسیق عمیق ویتطلب استدارة سیاسیة وتغییرا في التحالفات الاقلیمیة والعالمیة مما قد یستفز الادارة الامیركیة وحلفاءها الذین یحاولون استعداء كل ما هو اسلامي. ایا كانت الخیارات التي سیتخذها الأردن فهناك العدید من القیود والمحددات التي تجعل منها امرا صعبا ومكلفا یحمل الكثیر من المخاطر والتهدیدات الاضافیة فالعلاقة مع الولایات المتحدة قدیمة وعمیقة واستراتیجیة قدمت من خلالها الولایات المتحدة الحمایة والدعم والتأیید للأردن، وقف خلالها الأردن في وجه المد الشیوعي وتبنى سیاسات معتدلة في الاقلیم وشكل شریكا موثوقا في الحرب على الارهاب . خلال العقود الستة الماضیة تحملت العلاقة هزات سیاسیة كادت ان تعصف بها إلا أنها استعادت عافیتها فهل تستطیع العلاقة تحمل مثل هذه الأزمة الصامتة. في لقاء الملك مع نائب الرئیس الأمیركي بنس في عمان وبعد تعقیب جلالته على قرار الإدارة الأمیركیة حول سیادة اسرائیل على القدس اتفق الطرفان على حق الأردن في الاختلاف مع الولایات المتحدة فهل سیبقى هذا الاتفاق قائما؟ العلاقة الأردنیة الأمیركیة كانت وبقیت استراتیجیة للاطراف حیث یحتل الأردن المرتبة الثانیة بین الدول التي تتلقى المعونات الأمیركیة بعد اسرائیل اذا ما حسبت نسبة المساعدة لحجم السكان. في اللقاءات التي نظمها الدیوان الملكي مع الساسة والاحزاب والكتل البرلمانیة هناك حدیث مشبع بالدفء والمصارحة والتأیید. المشكلة ان الحدیث والمشاعر والرغبة في العمل لا تجد منافذ لترجمتها والتعبیر عنها، فلا توجد منابر حزبیة مؤثرة والحكومة منشغلة بالقضایا والهموم الاقتصادیة والازمات. في وسط كل ذلك یبقى تمتین الجبهة الداخلیة واجراء الاصلاحات السیاسیة الاقتصادیة الضروریة امرا ضروریا للحد من فرص الاختراق وتجنب المخاطر التي قد تعصف بالدولة والهویة والنظام. الغد
  • الملك
  • لب
  • الأردن
  • اقتصاد
  • لحظة
  • صورة
  • عرب
  • علان
  • مال
  • عمان
  • البرلمان
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/19 الساعة 01:38