ابو غنيمة: حكاية قطنة السردية بين الرؤية الاستشراقية والحقيقة (صور)

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/17 الساعة 13:42

مدار الساعة - نظم منتدى الرواد الكبار امس الندوة بعنوان "الموروث الشعبي الشفوي:نساء من الأردن"، للكاتبة هدى ابو غنيمة، وأدارها المستشارة الثقافية القاصة سحر ملص وبحضور مديرة المنتدى هيفاء البشير والعديد من المهتمين بالشأن الثقافي.

البشير قالت ان ابو غنيمة تتناول في هذه الندوة جانباً مهماً في حياتنا الأردنية وهو الموروث الشعبي الشفوي "نساء من الأردن"، لتكشف المستور عن حياة ثلة من النساء الشجاعات اللواتي سطرن قصصاً من البطولة والتضحية على جبهة التاريخ بمواقفهن العظيمة، ولكن للأسف، فقد غابت تفاصيل عن الكتب التي دوّنت تاريخ الأردن.

هدى ابو غنيمة اشارت الى ان "مصطلح الموروث الشفوي"، يدل على كل ما يتناقله الناس شفاهة, رأسيا عبر الزمان من جيل إلى جيل, وأفقيا من مكان إلى آخر، ولكن هو التجربة الإنسانية, سواء ما ابدعه المخيال الشعبي أو تناقلته الأجيال من قصص وأشعار وأغان, ووقائع تداولها الناس عبر الزمن وأسقطوا عليها أمنياتهم وأحلامهم ومشاعرهم, وهم يضيفون إليها أو يعيدون صياغتها.

ورأت ابو غنيمة ان التاريخ الشفوي يعد وسيلة لإعادة رسم الحياة حافلة بأحداثها وتفاصيلها, وما يقدمه بمثابة إعطاء الدم واللحم للأحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, ويعكس المزاج العام للناس العاديين, وينظر اليوم إلى التاريخ الشفوي باعتباره حقلا سخيا واعدا, ورافدا معنويا مهما لدمقراطية التمكين للجميع في معرفة التاريخ وتفاصيل أحداثه, وهو حق الأجيال المقبلة في الاطلاع على الأرشيف الوطني, والوعي بأهمية جمعه والاهتمام به .

ولاتكفي حماسة الباحثين في هذا النوع من التاريخ, وإنما يلزمها قيام مؤسسات وهيئات بحثية تتبنى مشاريع كبيرة في هذا الحقل.

واستعرضت ابو غنيمة رواياتان شفويتان من منطقة شرقي الاردن تتناول حياة "قطنة السردية"، الاولى حكاية الرحالة والصحافي الاميركي"وليم سيبروك"، في كتابه "مغامرات في جزيرة العرب"، والاخر حكاية الدبلوماسي الاردني د. كليب سعود الفواز التي جاءت في كتابه "أمراء حوران آل الفواز مشايخ السردية".

حكاية سيبروك كما قالت قالت ابو غنيمة اعتمدت على تجربته والحكايات التي عاشها بين رجال بني صخر والأحاديث التي كان يستمع إليها في حلقات القهوة كصديق للشيخ مثقال الفايز ومنها حكاية "قطنة السردية"، برؤية أنثروبولوجية حسب إطاره المعرفي وفكرته الأسطورية عن الشرق والصحراء وكأنه يعيد إنتاج نفسه وقيم مجتمعه وكأنه يتحدث عن "هيلينا الطروادية" في الاوديسة حين تحدث عن الصحراء التي امتلأت بالدماء من أجل عيون قطنة التي حالت الضغائن بين العشائر من زواجها "بطراد الزبن"، مصورا قوته الجسدية وكأنه يصور "طوطم" نصفه يشبه الفهد ووجهه وجه نسر، "ص " 143".

يقول سيبروك بحسب ابو غنيمة :عندما رزق الشيخ السردية ابن الكنج، بطفلة من اصغر زوجاته سماها "قطنة"، لم يصورها أحد حسب علمي، فالبدو يستخدمون لغة الشعر في الوصف فلا تظهر الصورة بوضوح"، وتتابع ابو غنية يستشهد سيبروك برأى الأمير أمين أرسلان في قطنة التي رأى مرتين يصفها بأنها كانت" أنثى متوحشة لم يكن هناك شيْء رقيق أو لين في جمالها, سوى شيء حاد كحافة السيف".

ويواصل سيبروك في الحدث عن قطنة كما قالت ابو غنية "بعد مقتل أخيها الأصغر علي إثر غزو قبيلة العنيزي لمضارب أهلها حينما كان أخوها الأكبر متعب غائبا مع مئة من رجاله وهو الذي أصبح شيخا لقبيلة السردية بعد وفاة أبيه الشيخ ابن الكنج, فقد تجولت قطنة بين القتلى بكامل زينتها لتعير رجال القبيلة بتخاذلهم عن مواجهة الغزو".

ثم يتحدث سيبروك عن قصة حب "قطنة"، وزواجها من "طراد الزبن"، التي كانت "سببا في قتل كثير من الرجال بسبب رفض أخيها متعب تزويجها من طراد الزبن من قبيلة بني صخر لنزاع بين القبيلتين, ولغاية في نفسه".

اما الحكاية الثانية فهي التي جاءت في كتاب "أمراء حوران آل الفواز مشايخ السردية"، للدبلوماسي الاردني د. كليب سعود الفواز، بحسب ابو غنيمة، الذي تحدث عن ابرز المغالطات التي جاءت في كتاب "سيبروك"، عن "قطنة"، فقول الفواز "تعود حكاية قطنة إلى نهايات القرن التاسع عشر, وبدايات القرن العشرين.

فهي ابنة جدي الكنج بن ظاهر الكليب إخوتها ثمان هم: صيتان وشلاش ومتعب ومشاري وفارس وحران وطلال وجدعان.

تزوجت قطنة من سطام بن شعلان, ورزقت بولد سمي عافت, لكنه توفي وعمره سبع سنوات, ثم بعد أن تركها سطام الشعلان تزوجت من ابن عمها متروك ذياب الكليب, ورزقت بعدد من البنات هن رفعة وشيمة والدلما, وقد عايشتهن لأن النساء في عائلتي يعمرن بحدود المئة سنة تقريبا, إضافة إلى أن ابنتها رفعة كانت زوجة والدي وتوفيت عام 1992 بعد أن تركت شقيقة لي.

وقد مثلت الشيخة رفعة معاني الشيخة أصدق تمثيل.

كانت تتمتع بشخصية قوية إضافة إلى جمالها.

هذه الرفعة رحمها الله كانت لا تهاب الرجال, بل كانو يهابونها, لأنها فرضت احترامها بخلقها وسمعتها الطيبة"،" ص 254"، وفق ابو غنيمة.

ورأت ابو غنيمة ان هناك فرق بين الروايتين لحكاية قطنة بعين الغريب وبعين المحب؟مشيرة الى ان القرن التاسع عشر, يعد قرن الاستشراق بلا منازع, الذي أثث الخيال الغربي بخصوص الشرق, تلك الصور, التي تعاقب على ترسيخها كل من "غوته ونرفال وهوغو وشاتو بريان وفلوبير"، حيث سار هذا الاتجاه الاستشراقي الرومانسي جنبا إلى جنب مع الاستشراق المتخصص, الذي ينظم نفسه عبر مؤسسات ودوريات علمية وأكاديمية رصينة وتصدر الواجهة علماء راسخون في الشرق.



مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/17 الساعة 13:42