حدث في المدینة الطبیة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/14 الساعة 00:44
القوات المسلحة الأردنیة كانت وما تزال موضع تقدیر واحترام الأردنیین في الداخل والخارج.
على مدار العقود الثلاثة الماضیة وبالرغم من عدم دخول جیشنا في معارك فعلیة مباشرة مع قوات معادیة إلا انه بقي حاضرا في أذهان الأمة ویتمتع بمحبة واحترام الناس ویحظى بمستویات عالیة من الثقة والتقدیر. خلال الاستطلاعات التي أجرتها مراكز الدراسات والبحوث حافظت القوات المسلحة والاجهزة الامنیة على مكانتها ومواقعها المتقدمة على سلم المؤسسات والسلطات التي یحترمها المواطن.
لا اظن ان سلاحا خدم صورة القوات المسلحة الأردنیة وجعلها قریبة من الناس وموضعا للثقة والتقدیر كما عملت الخدمات الطبیة الملكیة. منذ ان كانت مرافقها الصحیة في ماركا في خمسینیات وستینیات القرن الماضي الى ان شیدت المدینة الطبیة غرب العاصمة عمان وانتشرت المستشفیات والمراكز لتشمل محافظات وألویة المملكة وهي تراكم الانجازات واحدا تلو الآخر وتبعث الطمأنینة في نفوس من ابتلاهم الله بالمرض والسقم وتتصدى لآلام الناس دون النظر الى مراكزهم ودیاناتهم وطوائفهم.
التطبیب والرعایة والبحث والاكتشافات العلمیة واغاثة المنكوبین وضحایا الكوارث والحروب في ارجاء المعمورة اكسبت الخدمات الطبیة الملكیة سمعة ومكانة واحتراما لا یمكن لأحد ان یتجاهلها.
الخریجون الجدد من كلیات الطب والجامعات المرموقة حول العالم یتسابقون على الالتحاق في صفوف المؤسسة التي لا تبخل على كوادرها في التدریب والتنمیة والتوجیه الذي اصبح هدفا یتمنى الكثیرون ممن یمارسون المهنة ان یتحقق لهم.
في تاریخ الطب الأردني كان الدكتور عبدالسلام المجالي وجراح القلب الریادي داود حنانیا والدكتور اسحق مرقة واشرف الكردي ویوسف القسوس ونوار فریز والمئات من الرواد أساتذة قدموا للمهنة خبرة وخلقا وابداعا وریادة صنعت تاریخ المؤسسة ومنحتها دفعة یصعب ایقافها مهما شحت الموارد او توالدت المؤسسات والمستشفیات المتكاملة والحدیثة.
الأیام الماضیة قدمت المدینة شاهدا جدیدا على ابداعات كوادرها وكفاءاتهم بعد ان نجح العمید الدكتور حسین عضیبات رئیس قسم الامراض الجلدیة في وضع حد لمعاناة إحدى الاسر العربیة التي ابتلي احد اطفالها بمرض جلدي لم یتمكن الاطباء والمستشفیات من تعریف الحالة او وصف ما یناسبها.
التدهور الذي اصاب صحة الطفل العراقي ودفع بالعائلة الى مراجعة اطباء في كل من الاردن والعراق ولبنان وفرنسا ما كان لیتوقف لولا الخبرات الأردنیة التي ما تزال تقیم وزنا للصحة وقدسیة الحیاة وتأبى الانخراط في سباق تجمیل الشفاه وهندسة الجسد الذي اصبح الشغل الشاغل للكثیر من المراكز والعیادات المنتشرة على مساحات الفضاء الطبي الشاسع.
في حدیث اسرة الطفل العراقي الذي استعاد فرصته في الحیاة الطبیعیة تحدث والده عن المعاناة التي عایشها طوال السنوات القلیلة الماضیة وهو یتتبع وصایا ووصفات وترشیحات من یصادفونه لیعرض الحالة على أحد عشر طبیبا في خمسة بلدان اسیویة وافریقیة واوروبیة.
مقابلته للدكتور حسین استشاري الامراض الجلدیة في المدینة الطبیة كانت التحول الاهم في مسار الحالة فبعد دراستها وبدء برنامج المعالجة شعر الطفل بالتحسن بسرعة اذهلت الاهل وادخلت الى قلوبهم الفرح والطمأنینة.
الیوم وبعد ثلاثة اسابیع من العلاج استعاد الطفل فروة الرأس التي هتكها المرض واصبحت اسرته قادرة على ممارسة نشاطاتها الاجتماعیة التي توقفت منذ ان اصیب بهذا العارض الخطیر.
قصة الطفل العراقي والطبیب الأردني لیست الوحیدة التي تؤشر على ما تقوم به مؤسساتنا حیال الانسان والمعاناة والالم فهي قصة الأردن ورسالته ومنهجه.. تحیة للعمید حسین عضیبات ورفاقه في القوات المسلحة والخدمات الطبیة التي كانت وما تزال وشما أردنیا جمیلا على جسم امتنا الذي انهكته الحروب والامراض والویلات.
الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/14 الساعة 00:44