قطر والأردن..قواسم مشتركة لا تموت

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/08 الساعة 01:04
يزور الأردن وزير خارجية دولة قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني،وهذه هي الزيارة الأولى للوزير منذ توليه حقيبة الخارجية منذ عام مضى،و من المنتظر أن يلتقي آل ثاني جلالة الملك جريا على عادة الملك مع ضيوف الأردن من الأشقاء، وسيبحث الوزير ملف العلاقات الأردنية القطرية في مختلف القضايا التي تهم البلدين الشقيقين،وهذه فرصة ثمينة لإعادة بناء وتمتين العلاقات الأخوية بين دولة قطر الشقيقة والأردن،الذي يقف مع إخوانه في الخليج العربي حليفا لا يستدير رغم اختلاف وجهات النظر في الملفات الإقليمية و تباين الرؤى حول القضايا المتعلقة بالنزاعات في دول المنطقة.

لقد شكلت العلاقات الثنائية بين الأردن ودول الخليج الشقيقة ومنها دولة قطر حالة من التميز على مرّ السنوات منذ منتصف القرن الماضي،فعناصر التشابه وروابط الإلتقاء الإجتماعي والسياسي طالما شكلت بصمة وراثية لعائلة عربية واحدة رغم التباينات الطفيفة، فالرابط الأساس كان الإستقرار في أنظمة الحكم والإمتداد العميق ما بين مكونات الشعوب وأنظمة الدولة،وكان لشكل النظام الحاكم قاسم مشترك للجميع،فدول الخليج والأردن هي ممالك وإمارات فيما الأشقاء المجاورين إنتهجوا أنظمة جمهورية رئاسية وقعّت على دساتيرها بالدم والإنقلابات وتغير أشكال الحكم غير المستقر.

وهذا ليس درسا في التاريخ ولكنه عرض لحال المتغيرات السياسية التي يفرضها الواقع السياسي العربي المضطرب، ونتائجه الكارثية على المجتمع العربي الذي فقد خلال العقدين الماضيين ما يزيد على مليون ونصف المليون إنسان عربي نتيجة الحروب والصراعات،وكان الأردن دوما يلاحق الحكمة في محاولة لرأب الصدع بين مواقف الأشقاء ومنع وقوع النوازل السياسية التي تفتح باب التدخلات الخارجية في الشأن العربي.

وحتى نفهم بوضوح علينا أن نتحدث بوضوح، فحالة الجمود التي حكمت المرحلة الماضية والقلاقل واضطرابات السنوات الست والثورات التي لم تنتج واقعا أفضل لشعوبنا وعالما نتج عنها أضرار سياسية جانبية، بانت عوارضها في العلاقات بين مختلف الدول العربية،حتى وجدنا إن كل دولة تغني على «ويلاتها»، ولم يكن البلدان بعيدان عن تلك العوارض،ولكن اليوم بدا واضحا أن إعادة ضبط العلاقات والإتفاق المشترك على أسس الأخوة والمحبة والحرص على المصالح المشتركة بات هدفا ثابتا للقيادتين في عمان والدوحة.

إن دولة قطر التي تشكل زاوية هامة في البناء السياسي العربي ولاعبا رئيسا على الساحة الإقليمية تحتضن بكل دفء ما ينوف على خمسة وخمسين الفا من أبنائنا الأردنيين الذين يعملون في مختلف الوظائف والقطاعات هناك،وهم يتميزون بالكفاءة والإنضباطية وحسن السلوك المعهود، ويشكلون رافدا للإقتصاد الإجتماعي والرسمي في الأردن، وفي المقابل تحافظ الحكومة القطرية على وجود الجالية الأردنية دون تمييز بائن عن مواطنيها في الخدمات العامة وحفظ الأمن المشهود، ويحفظ القطريون مآثر الرعيل الأول من رجالات الدولة والجيش والأمن العام الأردني الذين شاركوا في بناء المؤسسات هناك منذ الإستقلال.

من تلك المأثورات التاريخية والوقائع الحاضرة ينطلق البلدان في إعادة التأكيد على عمق العلاقة الأخوية،والتشديد الدائم على روح الأخوة بين البلدين،والإشادة بتميز العلاقة الثنائية و الإحترام التي تربط جلالة الملك وأخيه الشيخ تميم آل ثاني والتي سمعناها كثيرا من جلالة الملك في أكثر من مناسبة خاصة تحدث فيها عن خصوصية العلاقة ما بين الأردن الرسمي وأشقائه في الخليج وخصوصا قطر، بعيدا عن المصالح الإقتصادية والمالية وحرصه الشديد على عدم المساس بحبل الوصل بناء على المتغيرات والتجاذبات في الساحة السياسية العربية.

ومنذ تسنم الشيخ تميم مقاليد الحكم فقد سعى للإرتقاء بالعلاقة مع الأردن،البلد الذي يعرفه جيدا وأجرى تدريبات عسكرية فيه الى جانب أخيه الملك عبدالله،وكذلك الشيخ عبدالله بن ناصر رئيس الوزراء والعديد من المسؤولين القطريين يحتفظون بذكريات عملية وإنسانية لهم في الأردن، الذي يعرفونه جيدا ويعلمون مدى الأهمية التي تشكلها قيادته اليوم في المساعدة على إنهاء الصراع والحروب في المحيط العربي،وتأسيس جبهة سياسية عربية تواجه المتغير الحتمي للسياسة الأمريكية الجديدة مع العالم العربي والشرق الأوسط عموما.

إن الأولويات السياسية بين البلدين الشقيقين تنطلق من النوايا الصادقة بين القيادتين،وإشراق شمس جديدة ستبدد بلا شك حالة الضبابية وتؤسس لإنطلاقة أقوى تبدأ من المشاركة في القمة العربية المقبلة،وتعيد برمجة العلاقات للدعم المتبادل على جميع الصعد السياسية والاقتصادية لمواجهة المستقبل كإخوة لا كدولة تجامل أخرى.

الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/08 الساعة 01:04