الحديث عن الشباب..

مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/09 الساعة 08:35
عبدالحافظ الهروط
قلّما تجد مسؤولاً او شخصاً عادياً في مناسبة أو جلسة، إلا والحديث فيها عن الشباب وأنهم «عماد المستقبل» و«بناةالغد»، فالشعارات التي تُطلق في توصيفهم، اكثر من شعر الرأس!. ولو تُرجمت الأقوال افعالاً، لما وجدنا ابناءنا في ما هم عليه، حيث البطالة في ارتفاع، والمخدرات تخطف عقولهم واجسادهم، أما الانتحار والشجار والسلوكيات البعيدة عن عادات وتقاليد وما تربيّنا عليه، حدّث ولا حرج. الأسباب التي أوصلت شبابنا الى ما نشاهده يومياً، عديدة، ولكن مؤسسات الدولة–لا اقول الحكومة- فحسب، وما تقوم به من حلول، قد ثبت عجزها عن إيجاد بيئة تنقذ الشباب مما يعانونه، وإلا أين هذه «الجيوش» من التنمية الوطنية ولماذا تُعّطل طاقاتهم، لا بل صار الشباب اداة ضغط على الدولة برمّتها؟! غيّبنا الشباب عن العمل التطوعي، بذريعة ان ظروف اليوم ليست ظروف الأمس، ولم نتح لهم فرص العمل بعد ان اوهمنا انفسنا بأن شبابنا تسكنهم «ثقافة العيب»، ولا يقبلون على المهن، وهذا ليس صحيحاً،لأن تشجيع الشباب للاقبال على هذه الوظائف الكريمة يتطلب وضع حوافز، لا رواتب «معونة وطنية» وبعد أن صار موظف الحكومة، يشكو من عدم كفاية ما يتقاضاه شهرياً، فكيف الذي بلا عمل؟! اما الرعاية الشبابية، فهي رعاية منقوصة،ولا تكاد تشمل بضع آلاف من ملايين، اذ يوسم الشعب الاردني بـ الفتيّ كون الشباب تزيد نسبتهم على 70 %من السكان. قد يكون لتراخي وزارة التربية والتعليم والجامعات في اشغال الطلبة بالأنشطة اللامنهجية وتوجيههم نحو رغباتهم وتنمية مواهبهم، واكتفاء وزارتي الثقافة والشباب ببرامج تقليدية وتقصيرهما في انتاج مبدعين لاثراء العمل الثقافي والشبابي، وعجز اللجنة الاولمبية والاندية عن فرز منتخبات وفرق قادرة على المنافسة قارياً ودولياً، بما في ذلك صناعة النجم الرياضي،..كل هذا وما رافقه من تراكم سياسات خاطئة، افرغ الطاقات، وكأن شباب الوطن ليسوا الاجيال التي جعلت الاردن انموذجاً امام الاشقاء والاصدقاء. اما على صعيد الاحزاب والنقابات، فكيف يمكن ان تكون ملاذاً للشباب، كونها احزاباً ونقابات فقدت حضورها في القضايا الوطنية، من جهة، ولتخوّف الشباب من الالتحاق بالاحزاب، وهذا التخوف لا يحتاج لتوضيح او دليل؟!. الا ان أكثر ما يثير الاستهجان عند الحديث عن الشباب، هو دعوة الحكومات لوزارة الأوقاف من خلال «خطباء الجمعة» بمخاطبة هذه الشريحة الواسعة من مجتمعنا الطيب.. «جمعة» يتناول فيها الخطباء تحريم الزنا، وجمعة عن المخدرات وأخرى عن الفساد، وعلى اهمية هذه الموضوعات وشرعيتها، إلا أنها تُطرح بإسلوب جامد وبمعلومات مكرورة، لا تلامس مسامع الشباب ولا تحرّك وجدانهم. هذه الادوار المناطة بنا جميعا، مؤسسات ومجتمعات، يفترض ألا تنسينا دور الاعلام وما يجب ان تكون عليه المؤسسات المعنية،وذلك في تسليط الضوء على مشاكل الشباب وتبيان الحقائق،وما هي مشاريع التشغيل التي يمكن للدولة اجتراحها، فالأردن لا يحتمل المزيد من تعطيل هذه الطاقات، وإذا ما أردنا أن نستخلص الدروس مما يجري في مجتمعنا، ودون التعامي عن الأخطار، فهي واضحة وضوح الشمس.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/09 الساعة 08:35