رجاء.. ثقوا برأي «دائرة قاضي القضاة»
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/08 الساعة 01:21
أرجو من اخواننا في مجلس الامة ان يقرأوا باهتمام تفاصيل «اللقاء» الذي اجرته وكالة الانباء الاردنية مع سماحة قاضي القضاة، الشيخ عبدالكريم الخصاونة، حول القضايا التي طرحت للنقاش على هامش التصويت على بعض المواد في مشروع قانون الاحوال الشخصية، كما ارجو ايضا ان يثقوا بما قاله، ليس فقط لاننا نعرف مدى ما يتصف به من صدقية واحترام،، وانما لانه ايضا ( ومعه كادر كبير من القضاة المتخصصين ) على رأس الجهة المعنية بالموضوع، وهم بالتالي الاقدر بحكم تجربتهم العملية، على ارشادنا الى الصواب الذي يحقق المصلحة العامة في مجتمعنا.
لا تحتمل هذه المقالة، بالطبع، تسجيل الاجابات التي قدمها سماحته، يكفي ان اشير الى ثلاثة عناوين فقط : الاستثناء من سن الزواج، وحق الانثى في الميراث، والوصية الواجبة لابناء البنت اسوة بأبناء الولد، ومع ان كل هذه الموضوعات حظيت بنقاشات مستفيضة في اوساطنا الاجتماعية، من متخصصين وغير متخصصين الا ان «رأي» دائرة القضاة يبقى الاهم، ليس فقط لانه اجتهاد فقهي من علماء واصحاب «صنعة «، وانما لانه يستند الى وقائع عملية، ودراسات علمية للواقع الاجتماعي في المجتمع الاردني. في مسألة «الاستثناء» مثلا اجاز قانون الاحوال الشخصية للقاضي ان يأذن بتزويج من اكمل الخامسة عشرة من عمره وفقا لتعليمات محددة وصارمة، وبموجب ضرورات تقتضيها المصلحة فقط، وهذا الاستثناء يتوافق مع احكام القانون المدني الاردني، كما ثبت بعد تجربته انه انخفضت نسبة الزواج دون سن 18 الى 25 % في عام 2018عن العام الذي سبقه، وبالتالي فان شطب هذا الاستثناء او تغييره بشكل متسرع وقصري - وفقا لدراسات اعدتها الدائرة - سيفتح مفاسد اجتماعية واخلاقية، وربما امنية ايضا ( مثل ازدياد الزواج غير الموثق والعرفي وما يترتب عليه من مسائل اثبات النسب واستغلال الفتيات خارج اطار القانون أواللجوء الى الزواج خارج الاردن بعيدا عن اجراءات الحماية التي يفرضها القانون ).
في قضية الوصية الواجبة، وهي جزء اساسي من فلسفة الارث، باحكامه وقواعده، تحدث سماحة قاضي القضاة بشكل مفصل، ثم انتهى الى ان اقرار الوصية لابناء البنت جائز شرعا، لكنه غير واجب، لان مثل هذا الوجوب يشكل تعديا سافرا على ادارة الموروث وحقوق الورثة، كما انه (اذا تم ) يستدعي اعادة النظر في احكام النفقات، وهذا غير ممكن، والاخطر من ذلك ان تطبيقه سيتسبب باشكاليات تؤثر على انصبة الورثة وترتب مخالفات للقواعد والضوابط المستقرة في الميراث، وامثلة ذلك عديدة.
لا اريد ان اشكك في بعض النوايا والدعوات التي «تتطاير « من هنا وهناك للتأثير على النقاش داخل «غرفة» التشريع لدفعها الى اجراء تعديلات تمس بعض المواد بعكس ما ورد في مشروع القانون وما اقره مجلس النواب، فالاصل ان تكون النوايا بريئة باتجاه هدف واحد، وهو الحرص على المصلحة العامة للمجتمع، لكن لدي رجاء وهو : ان نثق برأي دائرة قاضي القضاة، فهي الجهة الادرى بحكم معايشة قضاتها ومحاكمها الشرعية للواقع، بما بترتب على القانون من مآلات، وبما يحققه من عدالة واستقرار في المجتمع.
بقي لدي ملاحظة تتعلق بقانون الاحوال الشخصية الذي استدعت الظروف والمستجدات اليوم اجراء بعض التعديلات عليه، وهي انه خرج من رحم (الاختصاص) فقد شارك في اعداده وصياغته مئات الاكاديميين والعلماء والخبراء من ميادين العلوم الشرعية والمدنية، وتم عرض مسودة مشروعه على الملأ، واخذ حقه الكامل من النقاش والحوار، والتقط المعنيون به آراء المتفقين معه والمعارضين له، وجرى الرد عليها، وربما كانت المرة الاولى التي شهدنا فيها مثل هذا الحراك الديني والاجتماعي حول «تشريع» يتعلق بحياة الناس.
بانتظار إجابة السادة النواب والأعيان غدًا، نتمنى ان نسمع ما فيه مصلحة الناس في بلدنا.. الدستور
لا تحتمل هذه المقالة، بالطبع، تسجيل الاجابات التي قدمها سماحته، يكفي ان اشير الى ثلاثة عناوين فقط : الاستثناء من سن الزواج، وحق الانثى في الميراث، والوصية الواجبة لابناء البنت اسوة بأبناء الولد، ومع ان كل هذه الموضوعات حظيت بنقاشات مستفيضة في اوساطنا الاجتماعية، من متخصصين وغير متخصصين الا ان «رأي» دائرة القضاة يبقى الاهم، ليس فقط لانه اجتهاد فقهي من علماء واصحاب «صنعة «، وانما لانه يستند الى وقائع عملية، ودراسات علمية للواقع الاجتماعي في المجتمع الاردني. في مسألة «الاستثناء» مثلا اجاز قانون الاحوال الشخصية للقاضي ان يأذن بتزويج من اكمل الخامسة عشرة من عمره وفقا لتعليمات محددة وصارمة، وبموجب ضرورات تقتضيها المصلحة فقط، وهذا الاستثناء يتوافق مع احكام القانون المدني الاردني، كما ثبت بعد تجربته انه انخفضت نسبة الزواج دون سن 18 الى 25 % في عام 2018عن العام الذي سبقه، وبالتالي فان شطب هذا الاستثناء او تغييره بشكل متسرع وقصري - وفقا لدراسات اعدتها الدائرة - سيفتح مفاسد اجتماعية واخلاقية، وربما امنية ايضا ( مثل ازدياد الزواج غير الموثق والعرفي وما يترتب عليه من مسائل اثبات النسب واستغلال الفتيات خارج اطار القانون أواللجوء الى الزواج خارج الاردن بعيدا عن اجراءات الحماية التي يفرضها القانون ).
في قضية الوصية الواجبة، وهي جزء اساسي من فلسفة الارث، باحكامه وقواعده، تحدث سماحة قاضي القضاة بشكل مفصل، ثم انتهى الى ان اقرار الوصية لابناء البنت جائز شرعا، لكنه غير واجب، لان مثل هذا الوجوب يشكل تعديا سافرا على ادارة الموروث وحقوق الورثة، كما انه (اذا تم ) يستدعي اعادة النظر في احكام النفقات، وهذا غير ممكن، والاخطر من ذلك ان تطبيقه سيتسبب باشكاليات تؤثر على انصبة الورثة وترتب مخالفات للقواعد والضوابط المستقرة في الميراث، وامثلة ذلك عديدة.
لا اريد ان اشكك في بعض النوايا والدعوات التي «تتطاير « من هنا وهناك للتأثير على النقاش داخل «غرفة» التشريع لدفعها الى اجراء تعديلات تمس بعض المواد بعكس ما ورد في مشروع القانون وما اقره مجلس النواب، فالاصل ان تكون النوايا بريئة باتجاه هدف واحد، وهو الحرص على المصلحة العامة للمجتمع، لكن لدي رجاء وهو : ان نثق برأي دائرة قاضي القضاة، فهي الجهة الادرى بحكم معايشة قضاتها ومحاكمها الشرعية للواقع، بما بترتب على القانون من مآلات، وبما يحققه من عدالة واستقرار في المجتمع.
بقي لدي ملاحظة تتعلق بقانون الاحوال الشخصية الذي استدعت الظروف والمستجدات اليوم اجراء بعض التعديلات عليه، وهي انه خرج من رحم (الاختصاص) فقد شارك في اعداده وصياغته مئات الاكاديميين والعلماء والخبراء من ميادين العلوم الشرعية والمدنية، وتم عرض مسودة مشروعه على الملأ، واخذ حقه الكامل من النقاش والحوار، والتقط المعنيون به آراء المتفقين معه والمعارضين له، وجرى الرد عليها، وربما كانت المرة الاولى التي شهدنا فيها مثل هذا الحراك الديني والاجتماعي حول «تشريع» يتعلق بحياة الناس.
بانتظار إجابة السادة النواب والأعيان غدًا، نتمنى ان نسمع ما فيه مصلحة الناس في بلدنا.. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/04/08 الساعة 01:21