العقيد القيسي يكتب: لا تقوّلوه ما لم يقل

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/31 الساعة 21:55

*أيسر عطية القيسي
بداية أود ان أؤكد لجميع القرّاء الكرام انه ليس من عادتي أن امتدح أو أن أهجو احد، معاذ الله ، لأنني تربيت في بيت يحمل الاحترام والتقدير للأردنيين كافة ، فكيف لا وهم الاهل والعزوة والعشيرة .

ولكنها شهادة ، أرجو أن يكون هذا وقتها، خاصة وإنني تشرفت بالخدمة بمعيّة صاحب الشخصية في هذه المقالة : المعلم والقائد اللواء الركن حسين الحواتمة ( الجنرال الاسمر ) .

وعندما اقول انني خدمته بمعيته ، اعني من ذلك انني كنت في موقع قريب جدا من عطوفة الباشا بل ان طبيعة المسؤولية في ذلك الموقع كانت تتطلب مني التواصل مع الجنرال الاسمر اغلب اوقات دوامي الرسمي بل والى ما بعد ساعات الدوام الرسمي . وارجو ان اضع بين يديكم حقيقة بداية علاقتي الوظيفية مع عطوفة الباشا والتي تزامنت مع تسلمه مهام قيادة قوات الدرك ، وكنت آنذاك اخدم في منطقة الجنوب في احد مراكز التدريب وانا احمل درجة الدكتوراة في القانون مع مرتبة الشرف الاولى ، بعد ان تم نقلي من ادارة الشؤون القانونية لا لضعف في ادائي او سوء في سلوكي وانما لأسباب أحبذ عدم الخوض فيها سيما وان المقام لا يتسع ولا يسمح بذلك .

انصفني عطوفة الباشا بعد ان استمع لمظلمتي وأيقن يقين القائد العسكري ذو البصيرة النافذة والحكمة الكبيرة ان موقعي المناسب في مكان اخر وفي موقع اخر من مواقع الرجولة والشرف في المديرية العامة لقوات الدرك .

نعم لقد اعاد الباشا لي اعتباري ورفع الظلم عني ، واجد لزاما علي ان اشكره على موقفه وعلى شجاعته وجرأته في اتخاذ القرارات في مثل هذه الحالات .

ما دفعني للكتابة هذا اليوم – كما اسلفت سابقا- ليس لمصلحة شخصية او لغاية معينة ، فانا والحمد لله تقاعدت من هذا الجهاز الامني العريق ولا مصلحة لي في الرياء او التملق سيما وانني خارج الخدمة العسكرية الان ، انما هو اعترافا مني بثقافة وفكر وشهامة ونبل واستقامة هذه القامة الأمنية الوطنية ، شهادة في حق رجل قلّ نظيره ، و بديهي أنها لا تزيده شهرة و لا تكسبه سمعة ، فهنيئا للوطن بهذه القامة وهنيئا لمرتبات قوات الدرك ان يقودها شخص بهذه القامة.

في الحقيقة أكن للباشا (حسين الحواتمة) الكثير من الاحترام و التقدير، مثمناً عمق ثقافته المعرفية وكذا استقامته النادرة، والمشرف أنه لم ينزاح إصراره عن مبادئه التي يؤمن بها قيد أنملة ، وعرف عنه دقته وصرامته وشجاعته في إبداء الرأي، وهو ما أكسبه احترام كل من عرفه بل وحتى مبغضوه .

ما قاله الباشا خلال مقابلته على احدى القنوات تعبر عن وجهة نظره الخاصة ازاء ما تمر به المملكة والوطن الأغلى والأسمى علينا جميعا، تعبر عن حرقة في قلبه لسلبية البعض منا ازاء ما يحدث في الاردن ومواقفه الصلبة والثابتة من القضايا المحورية والاستراتيجية على مستوى المنطقة ، وقد يكون اسيء فهمه من قبل البعض ، ولكن لماذا لم نأخذ من كلام الباشا خلال مقابلته التي امتدت لما يزيد عن الستين دقيقة، لماذا لم نأخذ منها الا جزء منقوص من تلك المقابلة ؟ لماذا كل هذا الضجيج والتشكيك بمواقف هذا القائد الذي نكن له جميعا كل الاحترام .

عطوفة الباشا اللواء الركن حسين الحواتمة كان من السباقين للتواصل المستمر مع رفاق السلاح وتحسس احتياجاتهم ومتابعتهم اولاً بأول ، وقد لمست ذلك في كثير من مواقفه البناءة سواء أثناء وجودي في الخدمة او بعد الاحالة على التقاعد اذ كان يؤكد في كل المناسبات على المتقاعدين العسكريين من الضباط والافراد وضرورة التعامل معهم بأرقى الصور لانهم من بنى هذه الاجهزة ونحن من سيكمل مسيرتهم، وكان يؤكد في كافة لقاءاته مع المتقاعدين اننا نلتقي معكم اليوم لنتلمس حاجاتكم ونستمع لآرائكم، وغدا سنكون مكانكم ونجلس ونلتقي من يدعونا ليتلمس حاجاتنا ويستمع لآرائنا واذكر انه كان يقول ( كلنا غدا متقاعدون ).

ألا تستحق هذه الشخصية الوطنية الفذة الإشادة والشكر لما قدمه ويقدمه للوطن ؛ لا اعتقد أنها مغالاة لأن القاعدة الشرعية تقول من لا يشكر الناس لا يشكر الله، هو شخصية فذة واعية مفعمة بالإنسانية والنبل ويملك فكرا عاليا، رجل نزيه ويعامل الناس كلها سواسية ولا توجد في قلبه العنصرية والحقد الطبقي، انه يعيد إلينا الأمل بأن نشاهد وجوه تخدم مصالح الوطن وتساهم في نهضة المجتمع الاردني في محيط من الخراب والتخلف والفساد والفشل والمحسوبية على مختلف الأصعدة.

هي كلمة حق في هذا الرجل الوفي لدينه ووطنه ومجتمعه، واسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينه، ويوفقه ليواصل عطاءه لقيادته ووطنه وله مني كل التقدير والاحترام.

واخيرا ارجوكم( لا تقوّلوا الرجل ما لم يقل ..... ولا تحمّلوا الكلام اكثر من معناه .... وخذوا الكلام بحسن نية ... )

*العقيد المتقاعد الدكتور ايسر عطية القيسي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/31 الساعة 21:55