الدكتور رجائي حرب يكتب سقوطٍ مدوٍ للأمة العربية
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/31 الساعة 15:07
كتب الدكتور رجائي حرب
إستيقظ العالم العربي يوم السابع من حزيران 1967 على هزيمةٍ وسقوطٍ مدوٍ للأمة العربية بأكملها؛ وتركت تلك الهزيمة آثاراً سلبيةً على الانسان العربي من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ ودخلت الأمة في مرحلة التيه الحقيقي؛ ودفعت ثمناً باهظاً كلفها مكانتها بين الأمم وأسقط القيمة المعنوية لتاريخها المجيد، وسهَّل الاعتداء على بنيتها العقائدية المتمثلة بالدين الاسلامي، وكان ذلك كله بسبب عدم قدرة العرب على استغلال اللحظة التاريخية لتوحدهم بعد انهيار الخلافة العثمانية بداية القرن العشرين، وبسبب حجم المؤامرة الدولية التي صنعت بينهم الجواسيس والعملاء والتي عملت على إدامة ضعفنا وتفرقنا وتثبيط دعواتنا للوحدة والتلاحم لدخول المستقبل
ثم أتى بعد تلك الهزيمة بشهرين مؤتمر الخرطوم، والذي تم اعتباره كأهم المؤتمرات المفصلية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، والذي اشتهر بقراراته التاريخية التي ركزت على ( لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراف باسرائيل ) ومنذ ذلك التاريخ والذاكرة الشعبية العربية تدعوه باسم مؤتمر ( اللاءات الثلاثة ). ثم عقد العرب خمساً وأربعين قمة عربية عادية وغير عادية منذ عام 1946، ومئات القرارات التي لم يتم تنفيذها؛ والأدهى أن أمتنا اشتهرت بإصدار القرارات ونقيضها،
واليوم نرى تراجعاً لا بل وانهياراً تاماً لبنية النظام العربي الذي نخره سوس الخيانة والتآمر والتشكيك وعدم الثقة، والسعي للزعامات الورقية على حساب الأخوة العربية، والتقرب- إلى الغرب وإسرائيل – زُلفى، وبروز موجة الصهاينة العرب، والمثبطين للهمم، والقاتلين لكل حلم عربيٍ بالوحدة، والمتآمرين على أية تجربة حقيقية لمفهوم الدولة الحديثة؛ وغدت القمم العربية المتعاقبة محطات لتقويض معنويات الانسان العربي الذي لديه آمال وطموحات كبيرة مستندة على أرث حضاري كبير
وغدونا نتوسل بقرارات القمة العربية إسرائيل أن تقبل بمبادرات السلام العربية التي يتم طرحها بين الفينة والأخرى بدل أن تسعى بنفسها للحصول على ذلك السلام بكل الطرق
وتبع كل ذلك موجات التطبيع العلني وتنسيق الزيارات والارتباط العضوي بين بعض الدول العربية وإسرائيل؛ وافتقرت قراراتنا العربية إلى مبدأ تحصين القضية الفلسطينية والقدس بالذات أو التفريط بها أو جعلها خطاً أحمر لا يجوز المساس به، ودرجنا على الانقلاب على القرارات قبل أن يجف حبرها
وتراجعنا عن سياسة ( السلام من موقع القوة ) ودعوات تحرير الأراضي العربية المحتلة بالكامل، ومدينة القدس بالذات، وعدم التنازل عنها؛ إلى طرح المبادرة العربية للسلام التي حظيت بإجماع عربي مطلق، أدى إلى أن تتحول ( لاءات ) مؤتمر الخرطوم الثلاثة في عام 1967 بقدرة قادر إلى اثنتين وعشرين ( نعم )، بالوقت الذي تسرح به إسرائيل وتمرح في البلاد العربية دون خوف أو وجل وتستمر بفرض سياسة الأمر الواقع ضاربةً عرض الحائط بـ ( لاءات ) الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم؛ وعلى ما يبدو فإن معظم الشعوب العربية ما زالت مصممةً على رفض التعامل أو التواصل أو السلام مع إسرائيل رغم كل الاجراءات التي تمارسها بعض الأنظمة العربية مع شعوبها
واليوم نحن في الأردن – عشية مؤتمر القمة العربي في تونس - نعيش قلقاً حقيقاً لا يخفى على أي مراقب، قلقٌ على وضعنا في المرحلة القادمة وعلى مستقبلنا نتيجة الضعف العربي وغياب معظم القادة العرب عن التأثير أو إظهار الصلابة التي ظهر بها جلالة الملك عبدالله الثاني نحو قضية القدس، وسبب ذلك ما رشح من معلومات شبه مؤكدة عن ( صفقة القرن ) التي تتفق فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على حسم بعض ملفاتها على حساب الأردن وجعله ( وطناً بديلاً للاجئين ) وإحداث تغييرٍ في تركيبته الديمغرافية وثوابته السياسيّة.
وبكل تأكيد هذا ما جعل جلالة الملك عبدالله يطلق التصريح الشجاع الذي أثلج صدور كل الأردنيين؛ وينادي جلالته بـ( اللاءات الثّلاث ) أيّ ( لا للتّنازل عن القدس المحتلة، لا للوطن البديل، لا للتوطين على حساب الأردن )،
إن هذا الموقف الوطني الأردني الذي عبر عنه جلالة الملك عشية القمة العربية في تونس وما تبعه من جولة مكوكية إلى المغرب للقاء الملك محمد السادس مسؤول ملف القدس وإلى أوروبا التي تدعي مناصرة القانون الدولي وحقوق الإنسان ليؤكد على تصميم الأردن برفض صفقة القرن التي ستكون حاضرةً على طاولة القمة في تونس وعلى رفض الاجراءات الأحادية التي تتخذها أمريكا واسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن،
وموقفنا الأردني هو الأبرز في هذه المرحلة المفصلية، ويحتاج إلى رص الصفوف وشحذ الهمم وتماسك الجبهة الداخلية وتناسي القضايا الجانبية التي تعكر السلم المجتمعي حتى يركد غبار الصفقة اللعينة التي تستهدفنا جميعاً مع التركيز على الموقف ( الملكي والشعبي ) ودعمهما، في زمن التراجع والاستسلام العربي، لأننا اليوم كأردنيين نستعيد كرامتنا التي أهرقها الموقف العربي المتخاذل معنا، ونسعى جادين للمحافظة على وجودنا وسط هذه الأمواج المتلاطمة التي فقد بها الكثيرون بوصلتهم إلا نحن في الأردن حيث نعيدها إلى اتجاهها الصحيح؛ وحين وضعنا إصبعنا على مكمن الجرح الحقيقي والذي سبب لنا كل آلامنا حتى أفقدنا كل آمالنا
إن موقفنا كأردنيين اليوم هو موقف الشرفاء في الزمن الصعب حين نتمسك بوحدتنا الوطنيّة، وحين نرفض الإملاءات الخارجية، وحين نكتب بمداد الدم وعنفوان القوة وبوح التصميم طرقات مستقبلنا وسفرنا من ( لاءات العرب الضائعة إلى لاءات مليكنا التي أعادت لنا روح التحدي والتصميم )؛ فقد قلناها منذ زمنٍ بعيد ( المنية ولا الدنية ) وعلى ما يبدو أن قدرنا قد حتَّم علينا أن نظل شرفاء تيمناً بالأرض المباركة التي نعيش عليها، فهي لا تقبل إلا عباد الله المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه
إن جلالة الملك عندما يقول في تصريحٍ صحفي ( أن زمن التسوّل قد انتهى إلى الأبد، ولن أُفرّط بالقدس والوصاية الهاشميّة عليها مهما كان الثّمن ) ليؤكد عزمنا كأردنيين جميعاً على عدم التراجع عن الطريق الذي اتخذناه معاً؛ وما حالة الغليان الرسمي والشعبي التي نعيشها إلا انعكاس لهذه التصريحات الشجاعة التي بثَّت في كل الأردن مشاعر ما عشناها منذ زمن بعيد؛ وجعلتنا نروم إلى لحظات النصر والعزة واللُحمة الوطنية ووحدة الدم والمصير بين الأردن وفلسطين وشعبيهما الذيّن شكلا وحدةً حقيقةً في تحمُّل أعباء المرحلة القادمة
إن الأردنيين الذين ما زالوا يتنسمون عطر معركة الكرامة ما زالوا يربضون في شعاب وادي الأردن ويحلقون نسوراً فوق جبال جلعاد منتظرين الوعد الحق للسير نحو القدس، وما زالت قلوب الفئة المؤمنة التي قاتلت في اليرموك ومع أبو عبيدة عامر بن الجراح وفي مؤتة العز وفي كرامة الغور تتحفز للظفر والثأر والنصر على قرود الأرض وخنازيرها ومن والاهم من صهاينة العرب
إننا الوحيدون في الأردن الذين بقينا ننتظر على أطلال فلسطين بعدما تركتنا قوافل العرب وذهبت تبحث في رمال صحرائها عن نفطٍ بائس وملحٍ حارق ومجدٍ زائفٍ في أحضان مومسٍ قذرة؛ بقينا نحن وبقي معنا الشرف والمجد والتاريخ والعلياء ينتظر حشد الله ورباطه في هذه الأكناف المقدسة، فالمجد لا يليق إلا بنا عندما يختلط الدم الطاهر لجعفر في مؤته، وأبو عبيدة في عمواس ومعاذ في الشونة وكايد المفلح العبيدات، وحسين حرب ومعاذ الكساسبة، وراشد الزيود، وسائد المعايطة وآلاف الأبطال من أهل الصّبر والمروءة
لنا المجد على هذه الأرض لأننا القابضون على جمر الصّبر والنّصر، لنا المجد في الأردن الذي حوى وما زال يحتوي الموجعة قلوبهم من نائبات الدهر ومن غضب بلدانهم؛ لنا المجد ومليكنا يدق بلاءاته أبواب العزة والشموخ ويحمل في قلبه عزة الجندي العربي الشريف، ونباهة الفارس النبيل وحكمة القائد المغوار، ويدخل عتبات القمة العربية في تونس ومعه كل الأردنيين يشده من أزره لرفض صفقة القرن وصفعة الخذلان التي تضمر الشر لنا. فلكم جميعاً أيّها الأردنيون القابضون على جمر الصبر تحية المجد والسؤدد والفخار
إستيقظ العالم العربي يوم السابع من حزيران 1967 على هزيمةٍ وسقوطٍ مدوٍ للأمة العربية بأكملها؛ وتركت تلك الهزيمة آثاراً سلبيةً على الانسان العربي من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ ودخلت الأمة في مرحلة التيه الحقيقي؛ ودفعت ثمناً باهظاً كلفها مكانتها بين الأمم وأسقط القيمة المعنوية لتاريخها المجيد، وسهَّل الاعتداء على بنيتها العقائدية المتمثلة بالدين الاسلامي، وكان ذلك كله بسبب عدم قدرة العرب على استغلال اللحظة التاريخية لتوحدهم بعد انهيار الخلافة العثمانية بداية القرن العشرين، وبسبب حجم المؤامرة الدولية التي صنعت بينهم الجواسيس والعملاء والتي عملت على إدامة ضعفنا وتفرقنا وتثبيط دعواتنا للوحدة والتلاحم لدخول المستقبل
ثم أتى بعد تلك الهزيمة بشهرين مؤتمر الخرطوم، والذي تم اعتباره كأهم المؤتمرات المفصلية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، والذي اشتهر بقراراته التاريخية التي ركزت على ( لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراف باسرائيل ) ومنذ ذلك التاريخ والذاكرة الشعبية العربية تدعوه باسم مؤتمر ( اللاءات الثلاثة ). ثم عقد العرب خمساً وأربعين قمة عربية عادية وغير عادية منذ عام 1946، ومئات القرارات التي لم يتم تنفيذها؛ والأدهى أن أمتنا اشتهرت بإصدار القرارات ونقيضها،
واليوم نرى تراجعاً لا بل وانهياراً تاماً لبنية النظام العربي الذي نخره سوس الخيانة والتآمر والتشكيك وعدم الثقة، والسعي للزعامات الورقية على حساب الأخوة العربية، والتقرب- إلى الغرب وإسرائيل – زُلفى، وبروز موجة الصهاينة العرب، والمثبطين للهمم، والقاتلين لكل حلم عربيٍ بالوحدة، والمتآمرين على أية تجربة حقيقية لمفهوم الدولة الحديثة؛ وغدت القمم العربية المتعاقبة محطات لتقويض معنويات الانسان العربي الذي لديه آمال وطموحات كبيرة مستندة على أرث حضاري كبير
وغدونا نتوسل بقرارات القمة العربية إسرائيل أن تقبل بمبادرات السلام العربية التي يتم طرحها بين الفينة والأخرى بدل أن تسعى بنفسها للحصول على ذلك السلام بكل الطرق
وتبع كل ذلك موجات التطبيع العلني وتنسيق الزيارات والارتباط العضوي بين بعض الدول العربية وإسرائيل؛ وافتقرت قراراتنا العربية إلى مبدأ تحصين القضية الفلسطينية والقدس بالذات أو التفريط بها أو جعلها خطاً أحمر لا يجوز المساس به، ودرجنا على الانقلاب على القرارات قبل أن يجف حبرها
وتراجعنا عن سياسة ( السلام من موقع القوة ) ودعوات تحرير الأراضي العربية المحتلة بالكامل، ومدينة القدس بالذات، وعدم التنازل عنها؛ إلى طرح المبادرة العربية للسلام التي حظيت بإجماع عربي مطلق، أدى إلى أن تتحول ( لاءات ) مؤتمر الخرطوم الثلاثة في عام 1967 بقدرة قادر إلى اثنتين وعشرين ( نعم )، بالوقت الذي تسرح به إسرائيل وتمرح في البلاد العربية دون خوف أو وجل وتستمر بفرض سياسة الأمر الواقع ضاربةً عرض الحائط بـ ( لاءات ) الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم؛ وعلى ما يبدو فإن معظم الشعوب العربية ما زالت مصممةً على رفض التعامل أو التواصل أو السلام مع إسرائيل رغم كل الاجراءات التي تمارسها بعض الأنظمة العربية مع شعوبها
واليوم نحن في الأردن – عشية مؤتمر القمة العربي في تونس - نعيش قلقاً حقيقاً لا يخفى على أي مراقب، قلقٌ على وضعنا في المرحلة القادمة وعلى مستقبلنا نتيجة الضعف العربي وغياب معظم القادة العرب عن التأثير أو إظهار الصلابة التي ظهر بها جلالة الملك عبدالله الثاني نحو قضية القدس، وسبب ذلك ما رشح من معلومات شبه مؤكدة عن ( صفقة القرن ) التي تتفق فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على حسم بعض ملفاتها على حساب الأردن وجعله ( وطناً بديلاً للاجئين ) وإحداث تغييرٍ في تركيبته الديمغرافية وثوابته السياسيّة.
وبكل تأكيد هذا ما جعل جلالة الملك عبدالله يطلق التصريح الشجاع الذي أثلج صدور كل الأردنيين؛ وينادي جلالته بـ( اللاءات الثّلاث ) أيّ ( لا للتّنازل عن القدس المحتلة، لا للوطن البديل، لا للتوطين على حساب الأردن )،
إن هذا الموقف الوطني الأردني الذي عبر عنه جلالة الملك عشية القمة العربية في تونس وما تبعه من جولة مكوكية إلى المغرب للقاء الملك محمد السادس مسؤول ملف القدس وإلى أوروبا التي تدعي مناصرة القانون الدولي وحقوق الإنسان ليؤكد على تصميم الأردن برفض صفقة القرن التي ستكون حاضرةً على طاولة القمة في تونس وعلى رفض الاجراءات الأحادية التي تتخذها أمريكا واسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن،
وموقفنا الأردني هو الأبرز في هذه المرحلة المفصلية، ويحتاج إلى رص الصفوف وشحذ الهمم وتماسك الجبهة الداخلية وتناسي القضايا الجانبية التي تعكر السلم المجتمعي حتى يركد غبار الصفقة اللعينة التي تستهدفنا جميعاً مع التركيز على الموقف ( الملكي والشعبي ) ودعمهما، في زمن التراجع والاستسلام العربي، لأننا اليوم كأردنيين نستعيد كرامتنا التي أهرقها الموقف العربي المتخاذل معنا، ونسعى جادين للمحافظة على وجودنا وسط هذه الأمواج المتلاطمة التي فقد بها الكثيرون بوصلتهم إلا نحن في الأردن حيث نعيدها إلى اتجاهها الصحيح؛ وحين وضعنا إصبعنا على مكمن الجرح الحقيقي والذي سبب لنا كل آلامنا حتى أفقدنا كل آمالنا
إن موقفنا كأردنيين اليوم هو موقف الشرفاء في الزمن الصعب حين نتمسك بوحدتنا الوطنيّة، وحين نرفض الإملاءات الخارجية، وحين نكتب بمداد الدم وعنفوان القوة وبوح التصميم طرقات مستقبلنا وسفرنا من ( لاءات العرب الضائعة إلى لاءات مليكنا التي أعادت لنا روح التحدي والتصميم )؛ فقد قلناها منذ زمنٍ بعيد ( المنية ولا الدنية ) وعلى ما يبدو أن قدرنا قد حتَّم علينا أن نظل شرفاء تيمناً بالأرض المباركة التي نعيش عليها، فهي لا تقبل إلا عباد الله المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه
إن جلالة الملك عندما يقول في تصريحٍ صحفي ( أن زمن التسوّل قد انتهى إلى الأبد، ولن أُفرّط بالقدس والوصاية الهاشميّة عليها مهما كان الثّمن ) ليؤكد عزمنا كأردنيين جميعاً على عدم التراجع عن الطريق الذي اتخذناه معاً؛ وما حالة الغليان الرسمي والشعبي التي نعيشها إلا انعكاس لهذه التصريحات الشجاعة التي بثَّت في كل الأردن مشاعر ما عشناها منذ زمن بعيد؛ وجعلتنا نروم إلى لحظات النصر والعزة واللُحمة الوطنية ووحدة الدم والمصير بين الأردن وفلسطين وشعبيهما الذيّن شكلا وحدةً حقيقةً في تحمُّل أعباء المرحلة القادمة
إن الأردنيين الذين ما زالوا يتنسمون عطر معركة الكرامة ما زالوا يربضون في شعاب وادي الأردن ويحلقون نسوراً فوق جبال جلعاد منتظرين الوعد الحق للسير نحو القدس، وما زالت قلوب الفئة المؤمنة التي قاتلت في اليرموك ومع أبو عبيدة عامر بن الجراح وفي مؤتة العز وفي كرامة الغور تتحفز للظفر والثأر والنصر على قرود الأرض وخنازيرها ومن والاهم من صهاينة العرب
إننا الوحيدون في الأردن الذين بقينا ننتظر على أطلال فلسطين بعدما تركتنا قوافل العرب وذهبت تبحث في رمال صحرائها عن نفطٍ بائس وملحٍ حارق ومجدٍ زائفٍ في أحضان مومسٍ قذرة؛ بقينا نحن وبقي معنا الشرف والمجد والتاريخ والعلياء ينتظر حشد الله ورباطه في هذه الأكناف المقدسة، فالمجد لا يليق إلا بنا عندما يختلط الدم الطاهر لجعفر في مؤته، وأبو عبيدة في عمواس ومعاذ في الشونة وكايد المفلح العبيدات، وحسين حرب ومعاذ الكساسبة، وراشد الزيود، وسائد المعايطة وآلاف الأبطال من أهل الصّبر والمروءة
لنا المجد على هذه الأرض لأننا القابضون على جمر الصّبر والنّصر، لنا المجد في الأردن الذي حوى وما زال يحتوي الموجعة قلوبهم من نائبات الدهر ومن غضب بلدانهم؛ لنا المجد ومليكنا يدق بلاءاته أبواب العزة والشموخ ويحمل في قلبه عزة الجندي العربي الشريف، ونباهة الفارس النبيل وحكمة القائد المغوار، ويدخل عتبات القمة العربية في تونس ومعه كل الأردنيين يشده من أزره لرفض صفقة القرن وصفعة الخذلان التي تضمر الشر لنا. فلكم جميعاً أيّها الأردنيون القابضون على جمر الصبر تحية المجد والسؤدد والفخار
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/31 الساعة 15:07