ترامب.. وحالة الضعف والتشظي العربي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/31 الساعة 09:41
المواقف الأمیركیة من القانون الدولي والهیئة الاممیة والقضایا التي تشغل العالم كانت وما تزال غریبة ومتباینة ومثیرة للاهتمام. ففي الوقت الذي ینظر فیه البعض إلى الولایات المتحدة كنموذج لممارسة الحریة واحترام حقوق الانسان وإطلاق طاقات الأفراد یجد البعض صعوبة في فهم تجنب الولایات المتحدة أن تكون طرفا في بعض الاتفاقیات الدولیة ذات الاهمیة في الجوانب الانسانیة والحقوقیة ومعارضتها للاجماع الدولي في مجلس الامن واستمرار إصرارها على حمایة اسرائیل بنقض القرارات التي تدین سلوكها وإجراءاتها في السیطرة على الأراضي العربیة وحرمان الشعب الفلسطیني من حقه في السیادة على أرضه ومقدساته. في التاریخ الأمیركي الحدیث لم یظهر زعیم یستخف بالقانون الدولي ویملك جرأة على اتخاذ قرارات تخالف التقالید وتتجاوز على حقوق الشعوب ویستمر في التعبیر عن استخفافه بالآخر كما فعل ویفعل الرئیس الامیركي دونالد ترامب. الرئیس الذي أثار وصوله إلى البیت الأبیض المخاوف لدى العدید من القادة والسیاسیین واستهل ولایته بالعدید من القرارات والوعود التي شكلت انقلابا على السیاسات الأمیركیة والعلاقات التي كانت الولایات المتحدة طرفا وشریكا وراعیا لها فقد اعلن قراره القاضي بمنع دخول رعایا عدد من الدول الإسلامیة لبلاده وقرر الانسحاب من بعض الاتفاقیات المتعلقة بالتجارة البینیة والمناخ وباشر مطالبة الكونغرس بتوفیر الاموال اللازمة لبناء جدار عازل بین الولایات المتحدة والمكسیك في سابقة أثارت الشكوك الأمیركیة حول مستقبل القیم والمبادئ التي طالما نادى بها الرواد الاوائل وخلق احساسا بالتوتر مع الجیران خصوصا وانه طالب المكسیك المشاركة في تمویل مشروعه العملاق. اقلیم الشرق الأوسط والعالم العربي كان أكثر مناطق العالم تأثرا بالسیاسات التي تبناها ترامب والقرارات التي اتخذها منذ أن اصبح رئیسا لأكثر بلدان العالم قوة ونفوذا. فما ان باشر مهامه الرئاسیة حتى جدد الوعد الذي قطعه للیهود بنقل السفارة الأمیركیة في اسرائیل الى القدس والاعتراف بها كعاصمة لهم متجاهلا الحقوق التاریخیة العربیة والقوانین والقرارات الدولیة التي تعتبرها أراضي محتلة یجري التفاوض على تسویة الخلاف علیها في عملیة سلام استندت الى اتفاقیة جرى توقیعها منذ نصف قرن. مستغلا المخاوف التي تسیطر على الانظمة العربیة المعادیة للدیمقراطیة واستعداده للتغاضي عن ممارساتها الخارجة على القوانین والاعراف الدولیة، وعمل الرئیس ترامب على تعمیق مخاوف الانظمة العربیة من الوجود الایراني ودعا الزعامات العربیة الى تجاوز مخاوفها ومشاعرها المعادیة لإسرائیل في سبیل تشكیل حلف عربي اسرائیلي جدید یقف في وجه الخطر الایراني كما تتصوره اسرائیل وبعض الانظمة العربیة. خلال السنوات التي تولى فیها ترامب السلطة توقفت الادارة الامیركیة عن الضغط على الانظمة التي تقید الحریات وتغاضت ادارته عن بعض الجرائم وتقدمت الصفقات التجاریة على برامج الاصلاح وبقي الرئیس وفریقه ملتزمین بالوعود التي قطعها للقوى الیهودیة والقیادات الاسرائیلیة دون الاكتراث لحقوق الفلسطینین او مستقبلهم مستفیدا من حالة الارتباك التي یشهدها الاقلیم والتشظي القائم بین دول وانظمة الاقلیم. في مقابلة اجرتها احدى المحطات التلفزیونیة الامیركیة مع الرئیس ترامب بعد توقیعه قرار الاعتراف بضم الجولان المحتل لاسرائیل اشار صراحة بانه اتخذ قراره بنقل السفارة للقدس دون ان یحدث ردة فعل عربیة او عالمیة وها هو یتخذ هذا القرار الذي یعترف بضم الجولان دون ان یحدث شيء. الانتهازیة التي یتمتع بها الرئیس والغطرسة ومشاعر الازدراء التي یحملها للعرب الذین یبدون في اسوأ اوضاعهم هي العوامل التي دفعت به لاتخاذ هذه القرارات
العدوانیة المخالفة لكل القواعد والتقالید التي یتفق علیها العالم. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/31 الساعة 09:41