ليضع المسؤول نفسه مكان المواطن!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/30 الساعة 17:43
/>كتب :عبدالحافظ الهروط
ما من مسؤول رسمي كبير او متزلف ومتكسب الا "وتشدق بالانجازات" وكأن المواطن الاردني لا يريد ان يكون الوطن في مصاف الدول تقدماً، الا اذا كانت المقارنة مع الاوطان التي دُمّرت ونُهبت ثرواتها، جراء الحروب التي ساقتها او غزتها.
المواطن الاردني لم يصبر على كل الذي جرى من فساد وافساد واحتكارلادارة الدولة واهتزاز في البنية الاجتماعية وتراجع في البنية التحتية وارتفاع البطالة وانتشار المخدرات،وعمليات السطو والقتل والانتحار،الا لأنه يحرص على أمن بلده ويضحي من اجل كرامته ولا يقبل بالاهانة وكسر ارادته التي ان وصلها تكسّرت ارادة الوطن،لا قدّر الله .
المواطن الاردني ليس غبياً ، فهو يدرك ان ما يجري في وطنه ومؤسسات الدولة لا يرضاه أي عاقل،وان السكوت عنه هو فساد وتآمر على الوطن للاجهاز عليه ، وتحقيق مطامع جهات تخطط ليكون مصيرالاردن مصير دول محيطة وفي المنطقة،وقد احترقت وتحترق في النار، ومع ذلك، ورغم فظاعة هذه الجرائم الا اننا لم نسمع عنها سوى الانتصارات،في الوقت الذي لم نعرف من هو المنهزم، وهو بالتأكيد المواطن العربي والنظام العربي،والا فمن غيرهما؟!
اذا كان المواطن الاردني لا يعي الانجازات او يتعامى عنها ويجحدها، فإن على المسؤولين والمتكسبين ان يدّلوه عليها،في أي مجال وأي مكان وما هو المردود المادي والمعنوي على المواطن ،لا بالكلمات المستهلكة والتزلف لمن هم اعلى درجات منهم،والاكتفاء بكلمة "الانجازات".
الاردنيون لا يريدون امتلاك خزائن الارض،وليسوا من الذين يحزمون حقائبهم مع كل عطلة او مناسبة او عيد ليقضوا نقاهة في بلد عربي او غريي، كما لا يملكون الفلل والسيارات الفارهة وان ابناءهم يدرسون في الجامعات الغربية وفي المدارس والاكاديميات الراقية، او يعالجون في المستشفيات الخاصة.
مثل هذه الخدمات النوعية وهذه المزايا،لا تتوافر الا لأصحاب المال، وقد زعموا ان هذا الكسب كان بعرق جبينهم،وليس بسبب وصولهم الى مراكز الدولة واستغلالهم الوظيفة والنفوذ،وعندما يطالب الناس بمساءلتهم يكون رد هؤلاء المتنفذون والمتكسبون بأن هذا اغتيال لشخصية المسؤول وضرب في هيبة الدولة!!.
ان أسوأ ما يتحدث به المسؤولون المقصّرون والفاسدون والفاشلون،ومعهم المتكسبون،هو تحريف كلام المواطن عن مواضعه،بادعائهم ان كل هذا الكلام، والاحتجاج والكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي يسيء للدولة،ويغضب الملك،حال اختبائهم وراء "التوجيهات الملكية" وزج "اسم الملك" في كل صغيرة وكبيرة،في حين يواصلون كذبهم بكلمة"الانجازات" ليواروا تقصيرهم وتزلفهم بها وكأن المواطن الاردني يحب الترف وهو يخرج الى الشارع، او يقف في طابور امام الديوان الملكي وقد جاء راكباً قدميه من اقصى البلاد،بعد ان ضاقت به وباسرته السُبل.
ليضع المسؤول نفسه مكان هذا المواطن وما يعانيه،وقد وصل الحائط،ماذا سيقول ؟ ماذا سيفعل؟!
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/30 الساعة 17:43