الجدیة الأردنیة.. والنكتة الجدیدة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/29 الساعة 03:32
تقبل النكتة والتغیر في المزاج الأردني خصائص یمكن رصدها ودراستها وتوظیفها في تغییر الوعي وإحداث التغییر المرغوب في الواقع الصورة الذهنیة للأردني أنه جدي ویفتقر لحس النكتة والدعابة. للبیئة وقساوتها ومسلسل الهزائم والانكسارات وخسارة الأراضي وتشرد الأسر أثر في تشكل هذا المزاج الجدي الأمیل للغضب والانفعال. في حالات قلیلة تسمح المواقف للاشخاص بالتعبیر عن الفرح لبرهة قصیرة ینظر للاستغراق فیها على انه خروج عن المألوف. الجدیة والتجهم وخشونة المظهر والملامح كانت وما تزال سمة یربطها البعض بالحكمة والعقل والاتزان . في سبعینیات القرن الماضي احضر احد كبار ضباط الجیش المتقاعدین مجموعة من نجوم الكومیدیا المصریة لإحیاء حفل زفاف نجله الذي دعا لحضوره العشرات من رفاق السلاح وعائلاتهم. ما ان بدأ الحفل وباشر النجوم استعراضهم وسط تجهم الحضور حتى ادركوا انهم في اجواء غیر قابلة للمشاركة ولا الاستمتاع فقد استمر العرض لأكثر من نصف ساعة دون أن یبدي الحضور أي استجابة الامر الذي دفع بالفنان سعید صالح لمخاطبتهم قائلا ”البئیة بحیاتكم“ في إشارة إلى ان حالة الوجوم توحي وكأن الحضور في مأتم اكثر من كونهم في فرح. المزاج الأردني الذي بقي حادا وغاضبا وحذرا یشهد تغیرا یمزج بین الغضب والنقد السیاسي والتهكم من جهة والنكتة والخیال والابداع الذي لا یخلو من خفة الدم من جهة اخرى . وسائل التواصل الاجتماعي والتطبیقات المتعددة لها مكنت المغردین والناشرین من التفاعل مع المواد والمنشورات والتغریدات بطرق واسالیب مدهشة وخارجة عن المتوقع والمألوف. الشخصیات السیاسیة والاجتماعیة والاعلامیة مواضیع مفضلة للقصص والتعلیقات والصور والدبلجات التي یقوم بها الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ومسارح الفن وشاشات التلفزة. بعض هذه الاعمال تعكس موهبة حقیقیة وخیالا خصبا للأشخاص الذین ینتجونها وتؤدي وظیفة مهمة في تجسید التعبیر الجمعي عن مواقف الاستیاء او الغضب او السخط والبعض الآخر یستخدم للنكایة والانتقام. مهما تكن الاسباب تسهم النكت والقصص والصور الناقدة في مساعدة الافراد والجماعات على تجاوز المشاعر السلبیة المرتبطة بالأزمات والاحداث التي لازمت ظهورها. الملفت في تطور المزاج الشعبي الأردني تقبل الشخصیات المستهدفة بالنقد له باعتباره احد مظاهر وجودهم على مسرح العمل العام. بعض الشخصیات التي تؤلف حولها القصص والروایات یرون في ذلك مناسبة لاختبار الصور التي تحملها القوى والفئات الاجتماعیة الثقافیة حولهم وتجعلهم في حالة من الاشتباك الایجابي الذي قد یفضي الى مزید من التقبل والاحترام. التقلید والنقد السیاسي تسلل الى الثقافة الأردنیة في تسعینیات القرن الماضي وبالتزامن مع الانفتاح الرسمي على الشباب وعودة الحیاة الدیمقراطیة وبدء عملیة السلام، في هذه الفترة أنتج مسرح هشام یانس ونبیل صوالحة مسرحیة ناقدة ألقت الضوء على بعض الاحداث السیاسیة والعلاقات العربیة وقام النجوم بتقلید بعض الزعماء العرب حیث حضر جلالة الملك حسین والملكة نور عرض المسرحیة واعتبر ذلك قبولا لهذا النوع من الأعمال وإیذانا بقبول هذا النوع من النقد الساخر. لاحقا أنتج الفنان موسى حجازین العدید من الاعمال التي شاركه في كتابتها الكاتب احمد حسن الزعبي وتطور هذا النوع من الفن لیتحول الى برامج واعمال تلفزیونیة حیث انتج الفنان بشتو والاعلامي البزور وغیرهم اعمالا تتوجه بالنقد لكثیر من جوانب النشاط السیاسي وسلوك وتفاعلات الشحصیات العامة. ملاحقة الشخصیات العامة وتركیب الصور والنقد لمسیرتهم اصبحت أحد میادین الكتابة والتعلیقات والبورتریه والنكتة السیاسیة التي اصبح لها جمهورها ومتابعوها الذین یرصدون ویشاركون هذه الاعمال. تقبل النكتة والتغیر في المزاج الأردني خصائص یمكن رصدها ودراستها وتوظیفها في تغییر الوعي وإحداث التغییر المرغوب في الواقع لبناء مجتمع اكثر تقبلا وتسامحا وانفتاحا. الغد
  • تقبل
  • الأردن
  • صورة
  • ضباط
  • مال
  • ثقافة
  • شباب
  • عرب
  • الملك
  • أعمال
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/29 الساعة 03:32