دور مواقع التواصل في تعزيز العنف الرمزي!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/27 الساعة 19:42
ان التوظيف اللامنتهي لصور العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بانواعها واشكالها، كذلك الالعاب المحرضة والمحفزة للعنف والقتل، قد ولّدت مجموعة كبيرة من التأثيرات السلبية العنفية لدى الشباب خاصة لدى الفئات الصغرى والفئات المهمشة، حيث نزعت منهم كثيراً من القيم الاخلاقية والسلوكية الايجابية لتحولها الى قيم وسلوكيات سلبية.
لذلك نجد تزايد العنف الاجرامي في كثير من المجتمعات والمرتبط بالاستهلاك الاعلامي وزادت لغة العنف بأشكالها المتعددة، فالعنف الرمزي يتجلي في مصادرة القيم الاخلاقية وتوحيدها تحت نمط سلوكي جبري ويزداد ذلك في حالة الاشخاص الذين يعانون من التفكك الاسري والاجتماعي كذلك التبعية، حيث تسود لغة القوة في توجيههم مقابل مكاسب مادية او غيرها للقضاء على وسائل التعايش السلمي مع الآخرين من باب الحقد لتتعمق الفجوات في المجتمعات لتصبح اساليب القتل والعنف المتمثلة بالالعاب الالكترونية والافلام المفبركة وغيرها هي المسيطرة على عقول الشباب، وتؤثر في السلوكيات الاسرية والمجتمعية وبالمنظومة القيمية الدينية والاخلاقية، وتدفع بهم الى الادمان من خلال تناول الحبوب التي تساعدهم على البقاء اطول مدة زمنية ممكنة امام شاشة الكمبيوتر او الهاتف الخلوي لمشاهدة العروض القتالية الفنية حيث يتم التهام الوقت لديهم والجهد والطاقة حتى النشاط العقلي حيث يقضي الشاب فترة زمنية طويلة امام تلك الالعاب ليتواصل معها من مرحلة لأخرى آخذاً ردات فعل سلبية ويعيش في عالم يفصل فيه نفسه عن الواقع ليعيش في عالم الخيال والخدعات الادراكية.
يحصل من خلال هذا العالم على متع ادراكية وعقلية لا يجد لها مثيلاً في الواقع ، انها متع لحظية مؤقتة ينسجم أحياناً مع واقعه المرير اذا كان مهمشاً او فاشلاً ليعيش في عالم افتراضي، لينتج عن ذلك انفعالات وتأثيرات سلبية والخلل في ادراك الوقت والزمن الذي يعيشه، والتناقض في الادراك البصري (ليعيش حالة الهلوسة البصرية) وضعف القدرة على التفكير العقلاني، كذلك يعيش العزلة الاجتماعية الذي يفرضها على نفسه ويصيبه كسل ذهني.
ان تلك الالعاب والصور المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي من مشاهد وافلام مؤلمة تعرض اساليب التعذيب والقتل ليصبح ذلك شيئاً اعتيادياً لدى الكثيرين في حياتهم اليومية، مما يقتل فيهم الاحساس الطبعي الذي يجب ان يرافق الشخص من حزن وألم، كذلك الخطابات الاشهارية للكثير من المسؤولين التي تحرض على العنف وتتهم فئة دون غيرها بالارهاب، ليغيب المعنى الوجداني الاخلاقي لتصبح حياة البعض دال بدون مدلول، ليصبح المجتمع عنفي اوجدها التقدم التكنولوجي، ولتصبح هناك عبثية في الحياة بسبب ذلك.
فعلى الاسرة والمدرسة والمجتمع دوراً كبيراً في التوعية والارشاد والنصح من مخاطر ذلك، خاصة بانعدام البعد الانساني بسبب ذلك في الاسرة وفي التعاون المجتمعي، والاتزان النفسي لصالح البعد اللاانساني اي العنف والقتل وطرق السلب والنهب بسبب وسائل توظيف الفوضى، ولتتعطل المشاعر الانسانية الحقيقية لتحل محلها مشاعر استهلاكية ليفصل عن الزمان وعن المكان ليصبح فضاء مفتوح للوهم والخيال.
وهذا الاعلام المفتوح هو من نتائج العولمة التي لم يكن لها حدود وقيود لتأكل الاخضر واليابس وتفتك بكل شيء، لتختزل الثقافات كلها في ثقافة واحدة وتقذف بالمجتمعات الانسانية في التيه والحيرة لتنغمس المجتمعات في ثقافة الصورة ذات التعبير الغرائزي العنفي.

hashemmajali_56@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/27 الساعة 19:42