الفاعوري يكتب: مشروع الهاشميين

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/27 الساعة 15:52
مهند الواكد الفاعوري قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما اختار الله الخلق اختار من الخلق العرب ، ثم اختار من العرب قريش ، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختارني من بني هاشم فأنا خيرة من خيرة قد لا يوجد عائلة في العالم إلى الآن لها جذور ضاربة في التاريخ كالهاشميين. فهي العائلة الوحيدة المثبت نسبها منذ آلاف السنين وإلى يومنا هذا، حيث كان لهم الفضل منذ القدم على كل العرب ،حتى قبل مجيء سيدنا محمد منهم برسالته الخالدة فقد بدا دور الهاشميين بالبزوغ حين استلموا راية زعامة قريش امتدادا من جدهم الأكبر قصي بن كلاب الذي اسس دار الندوة في قريش التي هدفت لتوحيد قريش برأي واحد و هذا باعتقادي ساهم بإعلاء قريش و تعزيز دورها بين العرب قاطبة .
ثم جاء من بعده هاشم بن عبد مناف ( شيبة الحمد ) الذي ينسب له الهاشميين فهو أول من هشم الثريد لقريش و أول من أرفد و سقى حجيج مكة من القبائل العربية و كان اسهامه في تعزيز قريش أكثر مع القبائل العربية و محيطها الخارجي و من أبرز أدواره في هذا المضمار دوره في تأسيس و إيجاد رحلتي الشتاء و الصيف التي ساهمت في تعزيز صورة قريش ايضا خارج اطار جزيرة العرب و تمكينهم اقصاديا ثم جاء من بعده عبد المطلب الذي أعاد حفر زمزم بعدما نضبت فأحياها و أحيا قريش و ايضا بتصديه عن قريش لجيش أبرهة الاشرم عندما حاول دك بكة، وقد أسس الهاشميين في قريش حلف الفضول أيضا الذي كان فيه رسولنا الكريم حاضرا ،فكانت هذه ابرز ما قدم بني هاشم للعرب و قريش و نلاحظ مما سلف دور الهاشميين في تعزيز و توطيد و تقوية العرب مما أكسبهم شرعية القومية العربية كأسياد عليهم في ذلك الوقت .
حتى جاء منهم رسولنا الكريم - عليه الصلاة و السلام برسالة الاسلام التي نقلت دور الهاشميين من الدور القومي إلى الدور الديني فحمل من بعده أسلافه من فاطمة الزهراء و أعقاب الحسن و الحسين من السيادة و الشرف حمل هاتين الرسالتين بشرعية الدين كحملة أمانة استكمال ما تنزل على جدهم الأعظم رسولنا الكريم بهدي الناس و توصيل رسالته فهم بهذا الشق انتقلوا كأصحاب رسالة امتدت فيهم منذ ذلك الوقت، ومع كل ما اضطهدوه و ما خذلوا به في العديد من المراحل الا ان هذا لم يثنهم عن حمل الامانة عنا ، فبِخِضَمِّ كل التضحيات و الاضطهاد و الخذلان لم يبحثوا عن مكسب او مكتسب الا انهم لم يريدوا الا هدف استكمال رسالة أجدادهم و توصيلها إلى اسلافهم.
وقد أطر دور الهاشميون وأعاد بنيانهم من جديد ووحد جهودهم من جديد أبي نُميّ، الذي اسس دار المعارف لتنشئة الاشراف و الأسياد ولاستكمال ما ضحى به أجدادهم بتعريفهم قدرهم ومنزلتهم و رسالتهم
و امتد حكم بني هاشم لألف عام منذ ذلك الوقت من الحجاز و مكة إلى شريف العرب الحسين بن علي الذي أعاد الصبغة القومية للعرب بعدما حاول أقوام من غيرهم أخذ هذه الصبغة فقد كانت رسالته في ذلك الوقت ان الشرعية الدينية للعرب و ان العرب و الامة الاسلامية انحدرت بسبب اعتلاء غيرهم باسم الدين هذه الشرعية مما افقد العرب مكانتهم و الدين مضمونه فقد انتهج رواية احمد بن حنبل قوله صلى الله عليه و سلم( الناس تبعا لقريش في هذا الشأن ) وبشرح النووي ان الخلافة مختصة بقريش ، لا يجوز عقدها لأحد غيرهم فحاول الشريف الحسين في ذلك الوقت ارجاع دور العرب في البداية و ابرازه ليجعل من بعده دورهم في الاسلام اكبر.
فكان ذلك اول مشروع حقيقي بعد ألفي سنة للهاشميين من انشاء دار الندوة بتعزيز القومية العربية في البدء ثم اتباع و ارجاع شرعيتهم الدينيه بالتواتر كما سلف بالتاريخ وهذا كله يعطينا معيارين رئيسيين لما نحن فيه الآن، أولا فقد شق هذا المشروع قبل ولوجه للنور تآمر وخذلان بعض العرب في العديد من المراحل وهذا يفسر طبيعة العداة من بعض أنظمة الجوار للمشروع الهاشمي تخوفا منهم. فهو مشروع نهضة لا سلطة. فبتاريخ بني هاشم لم يطلبوا سلطة او ملك.
ثانيا إن استقرار رسالة بني هاشم في الأردن ليست استقرار حكم، بل استقرار شرعية دينية و قومية كان يطالب بها العرب اصلا فهم لم يأتونا معتلين دبابات و لم يصوبوا علينا فوّهات بنادق و لم يراق لنا منهم دم ولم يهتكوا لنا عرض بل نحن من آلينا وجودهم و دعيناهم و ناديناهم ليخرجونا من براثم الظلم و الاضطهاد وغياهب الجهل و التخلف الذي عُيِّشناه ، ومن كل ما سلف يتضح لدينا جليا ان الهاشميين هم مشروع نهضة و عزة و رفعة لم يطلبوا ملكا ولا جاها بل ضحوا و قدموا كأصحاب رسالة شرعية سماوية تخيف الى يومنا هذا كل من جلس عرش من عروش العرب تخوفا بجهل بأن يصبو إلى ما يملكون لإعتقادهم بجهلهم أنهم طلابين الى ما هو حقهم بتفكير ساذج أن الهاشميين باحثين عن حكم وملك فمشروع الهاشميين هو مشروع وحدة و عدالة و مساواة لكل أقطار العرب وهم الوصاة الحقيقين علينا و على أرضنا و على الدين .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/27 الساعة 15:52