لا نصر إلا بالتديّن الحقيقي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/26 الساعة 01:03
إذا نظرنا في تاريخ أمتنا، منذ عهد الرسالة إلى عصرنا الحاضر، وقمنا بعمل رسم بياني لحال الأمة الإسلامية، سنجد أن هذه الأمة تزيد عزتها وترتفع كرامتها كلما تمسكت بدينها، والعكس صحيح، فالتمسك بالدين يتناسب طردا مع العزة والكرامة، والعكس بالعكس.
والذي يعنيه التمسك بالدين هو أن يصير التدين حقيقيا، لا مجرد شعار أو شكل أو (بريستيج) يتباهى به الناس ليحققوا منافع ومكاسب دنيوية رخيصة. ومعنى التدين الحقيقي أن يأخذ المسلم بتعاليم الإسلام جملة وتفصيلا، خاصة ما يتعلق بالعقيدة والشريعة والأخلاق.
ومشكلتنا الحقيقية والعميقة هي مشكلة الأخلاق، فمن نظر في شوارع المسلمين وأسواقهم رأى البون الشاسع بين أخلاق الإسلام وسلوك المسلمين، إذ الأخلاق أصبحت عملة نادرة يصعب الحصول عليها. فمثلا نشاهد من يصطف بسيارته أمام (كراجات) الناس بحجة الصلاة أو قضاء حاجة معينة، وهناك من يغلق شارعا بأكمله من أجل أن يشتري خمس حبات من الفلافل. ونرى من يغش القطع، ويخل بالأوزان، ومن يغيّر (الماركات) وبلد المنشأ، ويحلفون على صدقهم أغلظ الأيمان، وهم كذابون غشاشون، ولا نعدم من يلقي بقاذوراته من شباك السيارة، ومن ينظف (مكتة) السيارة على رصيف الشارع، ومن يلوّث الشارع بزبالته التي يلقيها على الشارع بدلا من وضعها في (الحاويات) المخصصة لذلك، وهناك من يسرق الكهرباء، وآخر يسرق الماء، وهلمّ جرا.
كل ما سبق وغيره يتعارض مع أحكام الإسلام، والعجيب عندما تسأل واحدا من هؤلاء عن حلّ للأوضاع يقول: الرجوع للدّين، ولا أدري من الذي يمنعه من الرجوع للدين أو التقدم نحوه، وهل ما يفعله يعبّر عن إنسان يفكّر بأخلاق الدين؟ علينا أن نعيد التفكير في المنظومة الأخلاقية لتطبق، لا لتظلّ شعارات ترفع فقط، حتى يكون تديّننا حقيقيا، هذا من جانب.
ومن جانب آخر التديّن الحقيقي مبني على العلم بالدين، فلا بدّ من تعلم أحكام الدين، وطلب العلم الشرعي، والتفقه فيه، (ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) وإلا سيظل الدين مجرد شعار يُبنى على الهوى والشهوات والرغبات.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/26 الساعة 01:03