هل من بديل للنظام الديمقراطي في هذا العصر؟!
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/25 الساعة 11:49
عبد الرحمن خالد الطوره
ما من أحد اليوم سواء أكان فردا او جماعة أو حزبا او مؤسسة او دولة الا ويزعم أنه يؤمن بالديمقراطية ويسعى الى تحقيقها، فجميع الحركات السياسية من نازيه وفاشيه وشمولية وصهيونية ،يمينية او يسارية ، قومية او دينية تزعم في خطابها الرسمي بانها حركات ديمقراطية مما يشير الى أهمية هذا النمط من الحكم وكونه أصبح مطمحا ومطلبا لكل الناس على اختلاف مشاربهم الدينية والسياسية والاثنية كما انه أصبح بمثابة جواز سفر للدخول الى نادي الدول والحركات الديمقراطية في العالم وشهادة حسن سلوك يسعى الجميع للحصول عليها.
فالديمقراطية - ابتداء - كمصطلح أو كمفهوم هي في أصلها يونانية المنبت والابتكار وتعني حكم الشعب وعلى هذا الأساس فهي شكل من أشكال الحكم يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه مباشرة أي على العكس من انظمة الحكم الأخرى ذات الطبيعة الاستبدادية التي تقوم على أساس التفرد بالحكم من قبل فرد او جماعة او طائفة معينة.
ورغم ان المصطلح واضح الدلالة من حيث المعنى اللغوي الا أن هناك أشكالا كثيرة عند ترجمته الى واقع عملي حيث يدّعي كل شكل من أشكال الحكم السائدة أنه ديمقراطي ولهذا تتعدد أشكال الديمقراطية ومعانيها بتعدد الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فمن أشكال الديمقراطية الشكل الاثيني اليوناني للديمقراطية والذي يقوم على المشاركة المباشرة من قبل جميع السكان في صنع القرارات وحكم انفسهم بانفسهم ، فالشعب هو المشرع وهو المنفذ وهو الرقيب على حسن الأداء. غير ان هذا النوع من الديمقراطية صعب التطبيق في زماننا هذا وذلك لكثرة السكان على العكس مما كان سائدا في اثينا حيث كانت الدولة "دولة مدينة "والسكان كان عددهم محدودا يجتمعون جميعا في ساحة واحدة لبحث شؤون حياتهم مع التنويه الى ان تلك الديمقراطية تقتصر على المواطنين الاحرار فقط أما الاجانب القاطنين في المدينة والعبيد والنساء فهم محرومون من ممارسة هذا الحق ! ولذلك طورت البشرية خلال مسيرتها التاريخية شكلا جديدا للديمقراطية هو الديمقراطية غير المباشرة التي تقوم على اختيار المواطنين عددا محدودا من المواطنين كممثلين لهم ينوبون عنهم في الاجتماعات العامة حيث يتم انتخابهم بالاقتراع السري ومن حق جميع المواطنين رجالا ونساء كاملي الاهلية وضمن ضوابط معينة كالعمر والسلوك الحسن مثلا المشاركة في الانتخابات . وعلاوة على ما سبق فهناك الاستفتاء العام وهو نوع آخر من المشاركة الشعبية الواسعة تحدد من خلاله الاتجاهات العامة للمواطنين حول بعض القضايا العامة ومثال ذلك الاستفتاء على دستور جديد او أجراء تعديلات عليه وما شابه ذلك. لكن الديمقراطية اليوم ليست شكلا من أشكال الحكم فقط وأنما هي نظام حياة متكامل في البيت والمدرسة والمصنع والمؤسسات الاجتماعية كالاحزاب والنقابات والجمعيات فكما ان هناك ديمقراطية سياسية تتعلق بشؤون الحكم وتداول السلطة والحقوق والواجبات والحريات العامة وحقوق الانسان فهناك في نفس الوقت ديمقراطية اجتماعية تهتم بمبدا تكافؤ الفرص في العمل وبالعدالة الاجتماعية بين المواطنين فلا ديمقراطية سياسية بدون ديمقراطية اجتماعية والا كان المجتمع معرضا لهزات اجتماعية خطيرة.
ولكي يكون الحكم ديمقراطيا لابد من أن يرتكز على مجموعة من المبادىء والأسس كوجود دستور او قانون أساسي او ميثاق يستند اليه الحكم وتشتق منه القوانين التي تحدد صلاحيات الحاكم وحقوق وواجبات المواطنين .كما لابد من احترام التعددية السياسية ومبدا التداول السلمي للسلطة اذ لا ديمقراطية حقيقية بدون وجود أحزاب سياسية تشارك في الانتخابات وتتداول السلطة فيما بينها كما لابد من الفصل ما بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية حتى لاتتغول سلطة على اخرى هذا بالاضافة الى احترام الحريات العامة والشخصية كحرية التعبير والتفكير والمعتقد وحماية حقوق الاقليات العرقية والدينية وابعاد الجيش والاجهزة الامنية عن التدخل في الحياة السياسية اذ كثيرا ماعانت بعض الدول من هذه الظاهرة من خلال قيام الجيش بالانقلابات العسكرية بحجة المصلحة العامة في حين يتحول الحكم الى حكم عسكري شمولي استبدادي يقوض الاسس الديمقراطية ويكمم الافواه ويقيد الحريات بمختلف أشكالها.
ولربما سائل يسأل هل يمكننا ان نستغني عن هذا الشكل من الحكم ؟ والايوجد في تراثنا ما هو بديل عنه؟ يقال ان أقل أو أفقر الجوانب في تراثنا والتي لم تحظى بالتنظير الكافي هو الجانب السياسي اذ لاتوجد نظرية سياسية لدي المسلمين ، فقد طغى على فكر المنظرين في هذا المجال الاهتمام بالسلطان وكيفية التعامل معه من قبل الرعية مثل الاداب السلطانية للماوردي ورسائل عبدالحميد الكاتب ورسالة الصحابة لابن المقفع وسير الملوك لنظام الملك الطوسي والتبر المسبوك في نصيحة الملوك للغزالي والمنهج المسلوك في سياسة الملوك للشيزري وغيرها . فالنظام الذي ساد خلال تاريخنا منذ الخلفاء الراشدين وحتى سقوط الخلافة العثمانية كان نظام الخلافة والذي أخذ اشكالا متعددة من التسميات كالخلافة والسلطنة والامارة وغير ذلك وهذا النظام لم يعرف الانتخابات النيابية او الاستفتاءأت العامة ولا التعددية السياسية كالاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ولا التداول السلمي للسلطة وانما كان الحكم باستثناء فترة الخلفاء الراشدين وراثيا وفي احيان أخرى انقلابيا وكان يتم اختيار الخليفة في الحقيقة اما بواسطة الغلبة أوبالشورى الشكلية في احيانا اخرى وكمثال على ذلك أخذ معاوية البيعة لابنه يزيد اذ جمع اهل الحل والعقد واستشارهم في هذا الموضوع فأدلى كل منهم برأيه وهو على الأغلب بالموافقة ولكن الطريف في الامر ما قاله يزيد بن المقفع عندما جاء دوره في الكلام حيث قال: امير المؤمنين هذا مشيرا بيده الى معاوية فان هلك فهذا مشيرا الى يزيد ومن رفض فهذا مشيرا الى السيف! ان النظام السائد في تلك الفترات هو نظام الشورى والبيعة من قبل اهل الحل والعقد وهم جماعة من العلماء والفقهاء ومن كبار وجهاء القوم يتولون ترشيح الخليفة ويبايعونه ثم يدعى بعد ذلك المواطنون للبيعة للخليفة شخصيا او من خلال الولاة الذين يمثلونه في الامصار.
هناك حنين جارف لدى المسلمين اليوم الى العصر الراشدي الذي يعتبرونه مثلا أعلى في السياسة والحكم العادل لكن الرجوع الى تلك المرحلة يكاد يكون حلما جميلا صعب المنال لان طبيعة الزمان ومشاغله وقضاياه تغيرت وطبيعة الناس كمواطنين ومسؤولين تغيرت فهناك كان الناس أقرب الى فترة فجر الاسلام وعاصروا النبوة ونزول الوحي على عكس زماننا هذا وقضاياه المختلفة التي تتطلب تطبيق قاعدة تغير الاحكام بتغير الازمان وحتى في تلك الفترة كانوا يدركون ان لكل زمان ظروفه ومتطلباته فالامام علي كرّم الله وجهه يقول فيه " ربوا أبنائكم فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" . ان معظم أنظمة الحكم التي جاءت بعد الخلفاء الراشدين كانت حكومات عائلية وراثية قامت على الغلبة وكانت كما تنبأ الرسول (ص) ملكا عضوضا، فللخليفة صلاحيات مطلقة وليس من السهل محاسبته الا اذا ضعفت شوكته وحتى في الفقه السني لا يجوز عزله مهما ارتكب من اخطاء الا اذا اظهر الكفر البواح بدعوى ان حماية الجماعة والامة تتقدم على أي اعتبار فالامام الجائر خير من الفتنة وجور دهر خير من هرج يوم،وسلطان غشوم خير من فتنة تدوم!
أن النظام الديمقراطي يكاد يكون عليه اليوم شبه اجماع من قبل جميع الحركات السياسية باختلاف مشاربها دينية أكانت أم مدنية اذ تعتبر الديمقراطية اليوم من أفضل ما توصل اليه العقل البشري من أنظمة في هذا الزمان وان كان لايخلو من عيوب من خلال التطبيق اذ تلعب فيه مراكز القوى وأصحاب المصالح الاقتصادية والعسكرية ووسائل الدعاية والتوجيه ادوارا مهمة في توجيه الناخبين والتاثير على اختياراتهم ومع ذلك فقد حققت الدول التي تسير على هذا الطريق رغم تلك العيوب انجازات كبرى على مختلف الصعد محققة لشعوبها الرفاه والعيش الكريم وهي ماضية في هذا الطريق الى ان تجد البديل العملي والواقعي لذلك. وفي النهاية ليس المهم شكل النظام او أسمه وانما المهم هو مضمونه ومحتواه ومستوى مشاركة الناس في صنعه والرضا عنه.
ما من أحد اليوم سواء أكان فردا او جماعة أو حزبا او مؤسسة او دولة الا ويزعم أنه يؤمن بالديمقراطية ويسعى الى تحقيقها، فجميع الحركات السياسية من نازيه وفاشيه وشمولية وصهيونية ،يمينية او يسارية ، قومية او دينية تزعم في خطابها الرسمي بانها حركات ديمقراطية مما يشير الى أهمية هذا النمط من الحكم وكونه أصبح مطمحا ومطلبا لكل الناس على اختلاف مشاربهم الدينية والسياسية والاثنية كما انه أصبح بمثابة جواز سفر للدخول الى نادي الدول والحركات الديمقراطية في العالم وشهادة حسن سلوك يسعى الجميع للحصول عليها.
فالديمقراطية - ابتداء - كمصطلح أو كمفهوم هي في أصلها يونانية المنبت والابتكار وتعني حكم الشعب وعلى هذا الأساس فهي شكل من أشكال الحكم يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه مباشرة أي على العكس من انظمة الحكم الأخرى ذات الطبيعة الاستبدادية التي تقوم على أساس التفرد بالحكم من قبل فرد او جماعة او طائفة معينة.
ورغم ان المصطلح واضح الدلالة من حيث المعنى اللغوي الا أن هناك أشكالا كثيرة عند ترجمته الى واقع عملي حيث يدّعي كل شكل من أشكال الحكم السائدة أنه ديمقراطي ولهذا تتعدد أشكال الديمقراطية ومعانيها بتعدد الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فمن أشكال الديمقراطية الشكل الاثيني اليوناني للديمقراطية والذي يقوم على المشاركة المباشرة من قبل جميع السكان في صنع القرارات وحكم انفسهم بانفسهم ، فالشعب هو المشرع وهو المنفذ وهو الرقيب على حسن الأداء. غير ان هذا النوع من الديمقراطية صعب التطبيق في زماننا هذا وذلك لكثرة السكان على العكس مما كان سائدا في اثينا حيث كانت الدولة "دولة مدينة "والسكان كان عددهم محدودا يجتمعون جميعا في ساحة واحدة لبحث شؤون حياتهم مع التنويه الى ان تلك الديمقراطية تقتصر على المواطنين الاحرار فقط أما الاجانب القاطنين في المدينة والعبيد والنساء فهم محرومون من ممارسة هذا الحق ! ولذلك طورت البشرية خلال مسيرتها التاريخية شكلا جديدا للديمقراطية هو الديمقراطية غير المباشرة التي تقوم على اختيار المواطنين عددا محدودا من المواطنين كممثلين لهم ينوبون عنهم في الاجتماعات العامة حيث يتم انتخابهم بالاقتراع السري ومن حق جميع المواطنين رجالا ونساء كاملي الاهلية وضمن ضوابط معينة كالعمر والسلوك الحسن مثلا المشاركة في الانتخابات . وعلاوة على ما سبق فهناك الاستفتاء العام وهو نوع آخر من المشاركة الشعبية الواسعة تحدد من خلاله الاتجاهات العامة للمواطنين حول بعض القضايا العامة ومثال ذلك الاستفتاء على دستور جديد او أجراء تعديلات عليه وما شابه ذلك. لكن الديمقراطية اليوم ليست شكلا من أشكال الحكم فقط وأنما هي نظام حياة متكامل في البيت والمدرسة والمصنع والمؤسسات الاجتماعية كالاحزاب والنقابات والجمعيات فكما ان هناك ديمقراطية سياسية تتعلق بشؤون الحكم وتداول السلطة والحقوق والواجبات والحريات العامة وحقوق الانسان فهناك في نفس الوقت ديمقراطية اجتماعية تهتم بمبدا تكافؤ الفرص في العمل وبالعدالة الاجتماعية بين المواطنين فلا ديمقراطية سياسية بدون ديمقراطية اجتماعية والا كان المجتمع معرضا لهزات اجتماعية خطيرة.
ولكي يكون الحكم ديمقراطيا لابد من أن يرتكز على مجموعة من المبادىء والأسس كوجود دستور او قانون أساسي او ميثاق يستند اليه الحكم وتشتق منه القوانين التي تحدد صلاحيات الحاكم وحقوق وواجبات المواطنين .كما لابد من احترام التعددية السياسية ومبدا التداول السلمي للسلطة اذ لا ديمقراطية حقيقية بدون وجود أحزاب سياسية تشارك في الانتخابات وتتداول السلطة فيما بينها كما لابد من الفصل ما بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية حتى لاتتغول سلطة على اخرى هذا بالاضافة الى احترام الحريات العامة والشخصية كحرية التعبير والتفكير والمعتقد وحماية حقوق الاقليات العرقية والدينية وابعاد الجيش والاجهزة الامنية عن التدخل في الحياة السياسية اذ كثيرا ماعانت بعض الدول من هذه الظاهرة من خلال قيام الجيش بالانقلابات العسكرية بحجة المصلحة العامة في حين يتحول الحكم الى حكم عسكري شمولي استبدادي يقوض الاسس الديمقراطية ويكمم الافواه ويقيد الحريات بمختلف أشكالها.
ولربما سائل يسأل هل يمكننا ان نستغني عن هذا الشكل من الحكم ؟ والايوجد في تراثنا ما هو بديل عنه؟ يقال ان أقل أو أفقر الجوانب في تراثنا والتي لم تحظى بالتنظير الكافي هو الجانب السياسي اذ لاتوجد نظرية سياسية لدي المسلمين ، فقد طغى على فكر المنظرين في هذا المجال الاهتمام بالسلطان وكيفية التعامل معه من قبل الرعية مثل الاداب السلطانية للماوردي ورسائل عبدالحميد الكاتب ورسالة الصحابة لابن المقفع وسير الملوك لنظام الملك الطوسي والتبر المسبوك في نصيحة الملوك للغزالي والمنهج المسلوك في سياسة الملوك للشيزري وغيرها . فالنظام الذي ساد خلال تاريخنا منذ الخلفاء الراشدين وحتى سقوط الخلافة العثمانية كان نظام الخلافة والذي أخذ اشكالا متعددة من التسميات كالخلافة والسلطنة والامارة وغير ذلك وهذا النظام لم يعرف الانتخابات النيابية او الاستفتاءأت العامة ولا التعددية السياسية كالاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ولا التداول السلمي للسلطة وانما كان الحكم باستثناء فترة الخلفاء الراشدين وراثيا وفي احيان أخرى انقلابيا وكان يتم اختيار الخليفة في الحقيقة اما بواسطة الغلبة أوبالشورى الشكلية في احيانا اخرى وكمثال على ذلك أخذ معاوية البيعة لابنه يزيد اذ جمع اهل الحل والعقد واستشارهم في هذا الموضوع فأدلى كل منهم برأيه وهو على الأغلب بالموافقة ولكن الطريف في الامر ما قاله يزيد بن المقفع عندما جاء دوره في الكلام حيث قال: امير المؤمنين هذا مشيرا بيده الى معاوية فان هلك فهذا مشيرا الى يزيد ومن رفض فهذا مشيرا الى السيف! ان النظام السائد في تلك الفترات هو نظام الشورى والبيعة من قبل اهل الحل والعقد وهم جماعة من العلماء والفقهاء ومن كبار وجهاء القوم يتولون ترشيح الخليفة ويبايعونه ثم يدعى بعد ذلك المواطنون للبيعة للخليفة شخصيا او من خلال الولاة الذين يمثلونه في الامصار.
هناك حنين جارف لدى المسلمين اليوم الى العصر الراشدي الذي يعتبرونه مثلا أعلى في السياسة والحكم العادل لكن الرجوع الى تلك المرحلة يكاد يكون حلما جميلا صعب المنال لان طبيعة الزمان ومشاغله وقضاياه تغيرت وطبيعة الناس كمواطنين ومسؤولين تغيرت فهناك كان الناس أقرب الى فترة فجر الاسلام وعاصروا النبوة ونزول الوحي على عكس زماننا هذا وقضاياه المختلفة التي تتطلب تطبيق قاعدة تغير الاحكام بتغير الازمان وحتى في تلك الفترة كانوا يدركون ان لكل زمان ظروفه ومتطلباته فالامام علي كرّم الله وجهه يقول فيه " ربوا أبنائكم فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" . ان معظم أنظمة الحكم التي جاءت بعد الخلفاء الراشدين كانت حكومات عائلية وراثية قامت على الغلبة وكانت كما تنبأ الرسول (ص) ملكا عضوضا، فللخليفة صلاحيات مطلقة وليس من السهل محاسبته الا اذا ضعفت شوكته وحتى في الفقه السني لا يجوز عزله مهما ارتكب من اخطاء الا اذا اظهر الكفر البواح بدعوى ان حماية الجماعة والامة تتقدم على أي اعتبار فالامام الجائر خير من الفتنة وجور دهر خير من هرج يوم،وسلطان غشوم خير من فتنة تدوم!
أن النظام الديمقراطي يكاد يكون عليه اليوم شبه اجماع من قبل جميع الحركات السياسية باختلاف مشاربها دينية أكانت أم مدنية اذ تعتبر الديمقراطية اليوم من أفضل ما توصل اليه العقل البشري من أنظمة في هذا الزمان وان كان لايخلو من عيوب من خلال التطبيق اذ تلعب فيه مراكز القوى وأصحاب المصالح الاقتصادية والعسكرية ووسائل الدعاية والتوجيه ادوارا مهمة في توجيه الناخبين والتاثير على اختياراتهم ومع ذلك فقد حققت الدول التي تسير على هذا الطريق رغم تلك العيوب انجازات كبرى على مختلف الصعد محققة لشعوبها الرفاه والعيش الكريم وهي ماضية في هذا الطريق الى ان تجد البديل العملي والواقعي لذلك. وفي النهاية ليس المهم شكل النظام او أسمه وانما المهم هو مضمونه ومحتواه ومستوى مشاركة الناس في صنعه والرضا عنه.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/25 الساعة 11:49