الاقراض المتعثر.. حاجة ومسؤولية!

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/25 الساعة 10:24
ان الصبر والتحامل على النفس بعد ان يتعثر الانسان في أزمة مهما كان نوعها هو بداية البحث عن الطريق الصحيح ، فكل ما جناه الناجحون في حياتهم انما هو ثمرة صبر وتقييم وتحليل لساعات تلت هذا التعثر، فكل لحظة ثبات تمر على الانسان في لحظات الشدة والازمة فانها تدعم ساعات الثبات والصمود التي تليها ، وكل يوم يمر عليك وانت واقفاً مع الالم ينقص من عمر الالم ويقرب المسافة نحو الاستشفاء والعافية، وفي كثير من الاحيان يكون السقوط اكبر سبب لاعادة الوقوف من جديد. واحياناً يكون القيد هو باعث لمعاني الحرية فعلى كل انسان تعثر في مشروع او مر في ازمة ان يحذر من السقوط في ظلمة اليأس والاستسلام فلا يأس مع الله، فالمشاكل والهموم والصعوبات لا بد وان تمر على الانسان لكن المشكلة تكمن في آلية التعامل معها سواء كان الحذر منها مسبقاً او اثناء الازمة او ما بعد الازمة. فلا مجال للانسان ان يستسلم نفسياً لهذه الازمات ويسلم امره يائساً من كل شيء ، فهناك تبعات قانونية لأي شخص اقترض من أي صندوق اقراض لتنفيذ مشروع او لأي سبب كان، وهذا يجب ان يضعه في اعتباره عند التوقيع على الاقتراض ، والتعثر هو انعكاس سلبي على الشخص وعلى اسرته ومعيشته، فكيف اذا كان المقترض من النساء، فصناديق الاقتراض حينها لها حساباتها لسداد هذه القروض وما يترتب عليها من اجراءات قانونية في حالة عدم السداد وهذا ما حدث مع صندوق المرأة وقضية عدم السداد من قبل المقترضات. المشاريع المتناهية الصِغَر سواء المنزلية او غيرها لم تعد تجني دخلاً جيداً لتستطيع المرأة من خلاله الانفاق على نفسها وبنفس الوقت السداد للصندوق حسب الاقساط المستحقة، مما تصبح هناك حالة من التعثر اوجدتها ضرورة وأهمية الاقتراض وثانياً ضعف الضمانات بالسداد خاصة ان المشاريع غالبيتها لم تراعي دراسات الجدوى الاقتصادية، خاصة ان كثيراً من النساء ليست بالمستوى العالي من الوعي للالمام بكافة الامور، حيث يكون همها الوحيد الحصول على القرض دون التفكير في تبعياته القانونية وليس لها خبرة بالإدارة المالية وبالحسابات. لكن على الجهات المقرضة ان يكون لها سياسة ادارة المخاطر والمعالجات الوقائية للمتعثرات من النساء وهو الاهم، حيث بأمكان صندوق المرأة وغيره من صناديق الاقراض ان يعقد اتفاقيات مع الشركات والمصانع والعديد من الجهات في مختلف المحافظات لايجاد فرص عمل بالمياومة للنساء المتعثرات بقروضهم، ليكون السداد بنسب يتفق عليها مع هذه الشركات والمؤسسات. كذلك فان المصانع والشركات والمؤسسات التي تستوعب الغارمات (النساء المتعثرات في قروضهم) يتم منحهم اعفاءات وامتيازات لاستيعابهم لهذه الفئة العاملة، وهناك مجالات عديدة لعمل المرأة وتكون طريقة السداد قانونية وحضارية لان عملية السداد عن الغارمات وفق آليات اخرى ستكون حافزاً لمزيد من النساء على الاقتراض وعدم السداد. كذلك قامت وزارة التنمية الاجتماعية بتأسيس شركة تسويق لمنتجات المشاريع الصغيرة، وهذه الشركة يجب ان تكون مرتبطة بالصناديق الاقراضية للجميعات ولصناديق الاقتراض للمرأة (صندوق المرأة) وغيره، لدعم تسويق مشاريعهم وفق اسس سليمة ، خلاف ذلك فان الاقراض سيبقى متعثراً ان لم يكن وفق اسس سليمة وستبقى المشكلة مكررة من مرحلة الى مرحلة اخرى، خاصة ان الفوائد عالية على هذه القروض. كذلك فان كثيراً من الدول قامت بانشاء مدن حرفية بالتعاون مع الشركات والمصانع الكبرى والمنظمات الدولية الداعمة للمشاريع الصغيرة، وهذه المدن أو القرى الحرفية لها امتيازات واعفاءات ضريبية خاصة، ومنها مراكز تدريب وتأهيل لغايات التشغيل المباشر لكافة الفئات المهمشة وغيرها حتى لذوي الاحتياجات الخاصة، ولهذه القرى المهنية والحرفية معارض انتاج واساليب تسويق مختلفة، وهناك حرف تقليدية نسعى لعدم اندثارها مع الزمن كونها تراثية وهي كثيرة ومتعددة. لذلك على الجهات المعنية بالحكومة وبالتعاون مع القطاع الخاص والاهلي اعداد دراسة استراتيجية واضحة المعالم لشروط الاقراض ودرء المخاطر وآلية تسويق ومتابعة المشاريع والتفكير بانشاء قرى حرفية، وهناك جميعات متخصصة بذلك وهناك منظمات دولية داعمة لذلك يجب ان يتم استغلالها بشكل سليم لتحقيق تنمية مجتمعية ، وتحارب الفقر والبطالة من خلال التدريب والتأهيل والعمل والانتاج بطرق حضارية، لا ان تعتمد على مبدأ الشفقة والفزعات في تقديم الحلول المختلفة.

hashemmajali_56@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/25 الساعة 10:24