«الغارمات»: الهدف أن يتحرّك المجتمع
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/25 الساعة 01:30
لا تختلف قصص الغارمات في بلادنا عن قصص اخرى تابعنا فصولها المخجلة على السنوات الماضية، الجديد - هنا - هو ان ضحايا هذه القصص من اخواتنا وامهاتنا اللاتي وجدن انفسهن امام صناديق لا نعرف كيف تأسست، ومن هم اصحابها، وما هي اهدافها الحقيقية.. فوقعن في «افخاخها» تحت إلحاح الحاجة الى قروض مستعجلة، او حتى اغراءات خذ واصرف حتى ياتي الفرج.
كان يفترض بالطبع ان تخضع هذه المؤسسات والصناديق لرقابة البنك المركزي اسوة بالبنوك التي تتعامل بموضوع القروض، وان يكون هنالك ضمانات للتسديد يلتزم بها كل من يتقدم للحصول على قرض -اي قرض -، كان يفترض - ايضا ان يكون قانون التنفيذ اكثر رحمة بحيث لا يصار الى ايداع «المدينين الصغار» في السجون، وقبل ذلك ان تكون الفوائد المترتبة على هذه القروض اقل ما يمكن.
حصل خير..فقد اطلق جلالة الملك مبادرة كريمة لمساعدة « الغارمات « من شاشة التلفزيون الاردني يوم الجمعة الماضية، وبدأنا بفتح الملف لنكتشف ان هنالك تضاربا في اعداد الغارمات والمبالغ المترتبة عليهن، وان الجهات الرسمية التي كانت تعرف الموضوع لم تتحرك الا بعد ان انطلقت المبادرة الملكية، ولنكتشف ايضا ان الذين سارعوا للتبرع هم مسؤولون في مؤسسات وطنية وشركات، وان صندوق الزكاة التابع لوزارة الاوقاف هو المظلة الرسمية المعنية بادارة المبادرة، وان المبالغ التي تم جمعها بلغت نحو 2.5 مليون دينار من اصل 7.5 مليون دينار مطلوبة لتسديد كافة المستحقات.
لا اريد ان اسجل اية ملاحظة على ما جرى، يكفي ان اشير الى مسألتين: الاولى هي ان المبادرة الملكية جاءت في سياق عام هدفه بث روح التعاون والتكافل واحياء الهمة الوطنية داخل المجتمع لانعاشه واعادة الحيوية اليه، وكان يمكن للمسؤولين الرسميين وغير الرسميين ان يلتقطوها ويتعاملوا معها وفق السياق والهدف العام التي اطلقت من اجلها كحلقة في سلسلة حلقات مستمرة تشمل الغارمات والغارمين وكل اصحاب الحوائج، بحيث تستثمر لابراز افضل ما لدينا من نخوة وشهامة وكرم، او من كل خير للصالح العام، وكل هذا موجود بالتاكيد في مجتمعنا الذي ظل على الدوام معطاء وكريما، ليس لاغاثة المحتاجين داخل بلدنا فقط، وانما لكل محتاج في محيطنا العربي والانساني ايضا.
اما المسألة الثانية فمرتبطة بالمسألة الاولى، فقد كان المطلوب في هذه الحالة ان يتحرك المجتمع بكافة فئاته: الرجال والنساء والاطفال، الميسورون والمستورون، من اجل التبرع، كما حصل مثلا في « تيلثون « بناء مستشفى الحسين للسرطان بحيث يشارك الجميع في هذه المهمة الوطنية بما يعكس تكافل المجتمع كله، لكن ذلك لم يحصل للاسف بالشكل المطلوب، ليس لان المجتمع لا يريد ذلك، وانما لاسباب اخرى تتعلق بادارة المبادرة وبعدم قدرة الاطراف الرسمية على ايصال رسالة الغارمات الى الناس بصورة صحيحة وواضحة ومقنعة.
بقي لدي ملاحظة اخيرة وسريعة، وهي ان بلدنا لا يعاني من ازمة اقتصادية فقط وانما من ازمة ادارية واخلاقية في المرتبة الاولى، وهذه الازمة لها اسباب عديدة، لكن اهمها عجز المسؤول عن الانسجام مع نبض الناس وقناعاتهم، وعدم قدرة السياسة على انجاز مهمتها الاساسية وهي اعادة بناء ثقة الناس بحكومتهم ومؤسساتهم ونخبهم ايضا. الدستور
كان يفترض بالطبع ان تخضع هذه المؤسسات والصناديق لرقابة البنك المركزي اسوة بالبنوك التي تتعامل بموضوع القروض، وان يكون هنالك ضمانات للتسديد يلتزم بها كل من يتقدم للحصول على قرض -اي قرض -، كان يفترض - ايضا ان يكون قانون التنفيذ اكثر رحمة بحيث لا يصار الى ايداع «المدينين الصغار» في السجون، وقبل ذلك ان تكون الفوائد المترتبة على هذه القروض اقل ما يمكن.
حصل خير..فقد اطلق جلالة الملك مبادرة كريمة لمساعدة « الغارمات « من شاشة التلفزيون الاردني يوم الجمعة الماضية، وبدأنا بفتح الملف لنكتشف ان هنالك تضاربا في اعداد الغارمات والمبالغ المترتبة عليهن، وان الجهات الرسمية التي كانت تعرف الموضوع لم تتحرك الا بعد ان انطلقت المبادرة الملكية، ولنكتشف ايضا ان الذين سارعوا للتبرع هم مسؤولون في مؤسسات وطنية وشركات، وان صندوق الزكاة التابع لوزارة الاوقاف هو المظلة الرسمية المعنية بادارة المبادرة، وان المبالغ التي تم جمعها بلغت نحو 2.5 مليون دينار من اصل 7.5 مليون دينار مطلوبة لتسديد كافة المستحقات.
لا اريد ان اسجل اية ملاحظة على ما جرى، يكفي ان اشير الى مسألتين: الاولى هي ان المبادرة الملكية جاءت في سياق عام هدفه بث روح التعاون والتكافل واحياء الهمة الوطنية داخل المجتمع لانعاشه واعادة الحيوية اليه، وكان يمكن للمسؤولين الرسميين وغير الرسميين ان يلتقطوها ويتعاملوا معها وفق السياق والهدف العام التي اطلقت من اجلها كحلقة في سلسلة حلقات مستمرة تشمل الغارمات والغارمين وكل اصحاب الحوائج، بحيث تستثمر لابراز افضل ما لدينا من نخوة وشهامة وكرم، او من كل خير للصالح العام، وكل هذا موجود بالتاكيد في مجتمعنا الذي ظل على الدوام معطاء وكريما، ليس لاغاثة المحتاجين داخل بلدنا فقط، وانما لكل محتاج في محيطنا العربي والانساني ايضا.
اما المسألة الثانية فمرتبطة بالمسألة الاولى، فقد كان المطلوب في هذه الحالة ان يتحرك المجتمع بكافة فئاته: الرجال والنساء والاطفال، الميسورون والمستورون، من اجل التبرع، كما حصل مثلا في « تيلثون « بناء مستشفى الحسين للسرطان بحيث يشارك الجميع في هذه المهمة الوطنية بما يعكس تكافل المجتمع كله، لكن ذلك لم يحصل للاسف بالشكل المطلوب، ليس لان المجتمع لا يريد ذلك، وانما لاسباب اخرى تتعلق بادارة المبادرة وبعدم قدرة الاطراف الرسمية على ايصال رسالة الغارمات الى الناس بصورة صحيحة وواضحة ومقنعة.
بقي لدي ملاحظة اخيرة وسريعة، وهي ان بلدنا لا يعاني من ازمة اقتصادية فقط وانما من ازمة ادارية واخلاقية في المرتبة الاولى، وهذه الازمة لها اسباب عديدة، لكن اهمها عجز المسؤول عن الانسجام مع نبض الناس وقناعاتهم، وعدم قدرة السياسة على انجاز مهمتها الاساسية وهي اعادة بناء ثقة الناس بحكومتهم ومؤسساتهم ونخبهم ايضا. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/25 الساعة 01:30