ماذا سيجلب بومبيو إلى الشرق الأوسط؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/23 الساعة 00:41

وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو يزور الشرق الاوسط، وسيبدأ زيارته للكويت، ومرورا بلبنان، ومن ثم الى اسرائيل «فلسطين المحتلة»، فماذا سيجلب معه من سيناريوهات سياسية ؟ من الواضح أن الادارة الامريكية تسعى الى توسيع دائرة حركة «فرجار» في رسم محور حلفاء واشنطن ضد إيران، وفي إطار دبلوماسي لجلب حلفاء جدد من دول المنطقة.

و تأتي الزيارة بتزامن مع قرب موعد إجراء الانتخابات الاسرائيلية، وسيزور بومبيو «القدس « المحتلة في سياق دعم واشنطن الواضح والمؤكد لاعادة انتخاب نتنياهو. ولكسب مزيد من الدعم السياسي والانتخابي لنتنياهو الذي جاءت عملية «سلفيت الفدائية الاخيرة» كضربة في نعش منظومة الامن الاسرائيلي، ولتعيد تسليط الاضواء والانظار في السياسة الاسرائيلية على مفهوم « الامن الوجودي « مع الفلسطينيين، وتجدد المخاوف مع العمليات الفدائية الفردية النوعية والمتميزة بالهدف والتوقيت.
ولأول مرة سيزور بومبيو لبنان، ولربما أن إدراجها على جدول أعمال زيارة المنطقة لم يكن في حسابات الادارة الامريكية لو أنها تفكر في تخطيط أوسع لحلف مناوئ ومعادٍ لايران، ولخطف ما تبقى من لبنان من سيطرة ايران وسورية، وحسب ما يروج له في السياسة الامريكان وحلفاؤهم في الشرق الاوسط، فقد سبق الزيارة لقاءات متنوعة لمسؤولين خليجيين مع قادة سياسيين لبنانيين.
الى ما هو أقرب، فان زيارة بومبيو بتراتبية اجندتها وجدول أعمالها جاءت بعد الاجتماع في دمشق لقادة 3 جيوش : ايران وسوريا وروسيا، المحور المقابل والمضاد لامريكا وحلفائها. وقد بعث قادة جيوش البلدان الثالثة رسالة سياسية لسورية ما بعد نهاية الحرب، تثبيت نظام الأسد، ووحدة الاراضي السورية وتثبيت الوجود الايراني العسكري والامني، وتقاسم النفوذ في سورية من الساحل الشمالي الى بادية الشام إيرانيا وروسيا.
و أبعد ما تكون الادارة الامريكية تفكر في مواجهة عسكرية أو حرب اقليمية بتوقيت لربما أكثر ما لا يناسب الامريكان والحلفاء. فالخطوات الجارية أكثر ما هي مستعجلة في إطار مواجهة سياسية ودبلوماسية، وتمهيد سياسي لصفقة القرن الترامبية، فما تسعى اليه الادارة الامريكية فتح الابواب لتسويات أوسع بما يتعلق في علاقة اسرائيل ودول المنطقة، وحل القضية الفلسطينية، وتفكيك ما علق وتعقد في ملفات التفاوض الفلسطيني -الاسرائيلي في صيغة حلول نهائية.
السير الامريكي نحو صفقة القرن جارٍ على قدمين، والتقويم الامريكي لزيارة سيؤدي الى الانتقال من مستوى الى مستوى جديد من الضغوطات، وبناء محور لتحالف يتغطى في مواجهة إيران، ويدخل اسرائيل في لعبة التطبيع والتفاهمات مع الدول العربية الشريكة في الحلف الامريكي، وكما يبدو فانه يضم دولا عربية كثيرة، وحتى الخارجة بحكم التنافر والصراعات البينية العربية، فيجري تطويعها وإعادتها الى بيت الطاعة الامريكي.
الخطوة السعودية نحو الانفتاح بعلاقة سياسية ودبلوماسية نحو دمشق جرى التحفظ عليها، ودون الاعلان عن التراجع عنها، وان كانت مصر أعلنت قبل ايام عن رغبتها الجامحة بعودة سورية الى جامعة الدول العربية، بينما بعثت الدبلوماسية الامريكية رسائل ثقيلة وغليظة الى التجار الأردنيين على خلفية وضع قيود على الشراكة والتعامل التجاري مع السوريين، ولا اظن أن ثمة موقفا مغايرا قد يلجأ لاتخاذه في هذا السياق لاختلاف تناقض المصالح وحاجة الأردن الاقتصادية الملحة للانفتاح على اي سوق تجاري جديد.
على الجانب الموازي، صحيح أن واشنطن أعلنت عن انسحابها من سورية، وقد استشعر الامريكان أن القرار لربما لم يكن صائبا، وأن حلفاء امريكا ساروا بعيد الاعلان نحو تطبيع العلاقات مع سورية، وأظهرت عواصم عربية استعدادها لاعادة فتح سفارات وتطبيق اقتصادي وتجاري، وما يثبت وجهة القرار الدولي بأن بشار الاسد قد انتصر وأن الحرب قد انتهت في سورية، ولذا فان الامريكان اعتمدوا خطة بديلة لاحتواء الموقف.
لربما أن الحل لازمات المنطقة ليست مفاتيحه في أيدي الامريكان. وحتى حلفاء وفرقاء واشنطن يقفون على مفترق واسع من الازمات والصراعات الاقليمية، وولادة تحالفات وتوسيع ما هو قائم قد لا يضبط ايقاع الصراعات بقدر ما يؤجج ضجيج معارك سياسية طاحنة، وبالعودة الى صفقة القرن، وخصوصا أن اسرائيل المفردة الرمادية والضاربة في كل أزمات وصراعات الاقليم بقديمها وجديدها.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/23 الساعة 00:41