للصبر حدود

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/04 الساعة 10:16
لا يخفى على أحد حجم المعاناة التي يرزح تحتها اكثر من ثلثي الشعب الأردني بسبب السياسات المتراكمة للحكومات السابقة والحالية، ومع كل ذلك فقد أبدى المواطن الأردني قدرة كبيرة على التحمل فاقت جميع التوقعات، وحتى الحكومة الحالية بدت غير مصدقة أنها استطاعت تمرير تلك الضرائب الظالمة وبدون أي مقاومة تذكر ممن يسمون نواب الشعب!

الناس بدأت تشعر بثقل العيش، فالشباب لا يجدون أي فرص حقيقية للعمل، والعنوسة بلغت مستويات مقلقة، وارتفاع حالات الطلاق ينذر بتغير سلبي في اخلاق وسلوكيات الشعب، وارتفاع معدلات الجريمة، وزيادة عدد تعاطي المخدرات، وظهور جرائم لم يعتد الشعب الأردني على السماع بها، مما يدل على أهمية الاستقرار الاقتصادي في كبح او منع انحدار المجتمع الأخلاقي من اجل أن تبقى الأمة في مقدمة الدول.

إذاً ما زالت الحكومات لا تكترث بما آلت اليه حال الشعب الأردني واختارت الاستمرار في برامج البنك الدولي المدمرة، ولم تنظر هذه الحكومة او أي من الحكومات السابقة الى التجارب الناجحة التي قامت بها بعض الدول الآسيوية والتي كانت مرتهنة للبنك الدولي وبرامجه المذلة، فانتفضت على برامج التصحيح الاقتصادية العقيمة وقامت بعمل ثوره تكنولوجية، وافتتاح مصانع تجميع السيارات، وجعل قطاع السياحة من انجح القطاعات في الدولة، فتمكنت تلك الدول وخلال فترة وجيزة من سداد جميع ديونها، وزاد الدخل المحلي مما جعل تلك الدول في مقدمة دول العالم في تقديم الرفاه والأمن والسعاده لمواطنيها.

في الأردن لدينا من العقول والكفاءات ما نحتاجه للنهوض بالاقتصاد الوطني، ولكننا محكومون بعائلات، وشلل، ومجموعات من المتسلقين لا تسمح لأي مواطن أردني صاحب كفاءة بدخول الوزارات او الوظائف العليا من اجل بقاء الاحتكار لاصحاب المعالي والسعاده والعطوفه وابنائهم وأقاربهم للدولة الأردنية.

إذاً مرة أخرى انه الفساد، وكلما حاولت الالتفات يميناً او شمالا للبحث عن أسباب فشل سياساتنا الاقتصادية، يأخذني البحث الى السبب الحقيقي لهذا الفشل الا وهو الفساد. ولكن الشعب الأردني يعاني وما زال يعاني من السياسات الحمقاء، وعلى الجانب الاخر يتمتع رئيس الحكومة ووزراؤها برواتب عالية وامتيازات فقدوا معها الإحساس بالمواطن الذي لا يجد رغيف الخبز، او الجندي الذي لا يستطيع ملء خزان سيارته بالبنزين، او حتى بالمريض الذي لا يستطيع شراء علبة الدواء، فإلى متى سيبقى المواطن يعاني؟ ألم يعلم رئيس وأعضاء هذه الحكومة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته). وأخيرا، انصح هذه الحكومة بأن تتعلم من تجارب دول الجوار وان تعلم بأن للصبر حدوداً.

* خبير فُض نزاعات/ استراليا
  • معان
  • الأردن
  • شباب
  • اقتصاد
  • مال
  • رئيس
  • عالية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/04 الساعة 10:16