خماش يكتب: مدمن كراسي
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/15 الساعة 23:02
تكلمنا في مقالاتٍ لنا سابقاً عن أمانة المسؤولية كم هي كبيرة وعظيمة عند الله. حيث قال الله في كتابه العزيز(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (الأحزاب: 72)) وحمل الإنسان الأمانة وكان ظالماً لنفسه وكان جهولاً لصعوبتها ولثقل مسؤولياتها. كان المسلمون في بداية عهد الإسلام وعلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى زمن الخلفاء الراشدين يتهربون من تحمل المسؤولية لعظم شأنها عند الله ومخافةً من حساب الله الشديد عليها يوم الحساب. ولكن للأسف الشديد في وقتنا الحاضر يتسابق الناس على تحمل المسؤولية لأنهم لا يكترثون بالآخرة ويوم الحساب. وكم من مسؤول تولى مسؤوليتة بالواسطات أو لربما ركض هو ومن معه ليلاً ونهاراً عند فلان وعلاَّن من أجل التواسط له للحصول على منصب عالٍ وحصل عليه وظلم نفسه وغيره لأنه غير كفؤ للمنصب الذي تولاه، ولأنه لا يعي مدى عظم الأمانه عند الله في المنصب الذي تولاه.وكما قال الله ... فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ... إلخ. ونحن نرثي حال أولئك من يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
وما يحير المرء في هذه الأيام إلا الدايلاما التي نواجهها وبالخصوص في معظم دولنا الإسلامية والعربية وهي أن المسؤولين الذين في المسؤولية وعلى كراسيهم يقولون: أن المعارضين لهم من الشعب (المعارضة) يركضون خلف الكراسي والمناصب. فأقول لهم وأنتم ماذا تفعلون؟! ألستم تفعلون منذ زمن طويل كفعلهم؟! ومازلتم متمسكين في كراسيكم ومناصبكم؟! ولم تشبعوا مناصب؟! ولم تكلِّوا ولا تملِّوا؟! ولم تتعبوا من جلوسكم على كراسيكم؟! وهل لا يصلح في المجتمع لتولي المناصب والكراسي التي تجلسون عليها إلا أنتم؟! أم كما يقال الله (خلقكم وبعد خلقكم كسر القالب) ... إلخ. ولكن ربما الأسباب في إستمرار البعض في مناصبهم لسنوات عديدة هو أولاً: فقدان أمانة المسؤولية عند من بيده منح المسؤولية وعند من يتولاها. وثانياً: عدم وجود معايير مكتوبة وتطبق ويلتزم بها لكل منصب من المناصب. وثالثاً: عدم وجود نظام معياري لمحاسبة كل من يتولى منصب على ما أنجزه خلال فترة توليه المنصب وتطبيق قانون العقوبات عليه إن إستغل منصبه لمصالح شخصية له أو لأحد من طرفه بما يستحق. ورابعاً: عدم وجود مدة محددة لتولي أي منصب بحيث لا يتمسك المسؤول بالكرسي ويعلم أنه سيتغير. وعليه أن يترك خلال فترة توليه المنصب بصمات تحيي ذكراه ولا تنسى ويترك منصبه في وضع إقتصادي ومالي متميز.
ويا حبذا قبل أن يتولى أي شخص منَّا أي منصب في أي مؤسسة عامة أو خاصة أن يطلب منه وضع خطة لحل جميع مشاكل المؤسسة التي سيتولاها وتناقش من قبل لجنة مختصة. وإن وقع عليه الإختيار سيتم محاسبته على خطته بحذافيرها كما هو متبع في الدول الأجنبية. وبهذه الطريقة سوف لا يتسابق أحد على تولي المناصب إلا إذا كان على قدر المسؤولية ولا يلجأ للواسطات والمحسوبيات والشللية وغيرها من المعايير التي أدت في بلادنا الإسلامية والعربية إلى الحضيض في كل مجالات الحياة.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/15 الساعة 23:02