اليوم العالمي للمرأة : المرأة والفجوة الرقمية

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/10 الساعة 02:44


بقلم :طروب جمال البدور-جنيف
مدار الساعة - جاء احتفال الأمم المتحده المتحده بيوم المرأة العالمي لهذا العام بعنوان " نطمح للمساواة، نبني بذكاء، نبدع من أجل التغير" خاصة في مجالات نظم الحماية الاجتماعية وإمكانية الحصول على الخدمات العامة والبنية التحتية المستدامة.
ان العالم اليوم بحاجة ماسة الى الحلول والأفكار الابداعية لايجاد حلول للمشاكل المختلفة باساليب مميزة وغير تقليدية، ويجب تشجيع النساء على الابتكار والابداع للوصول الى المساواة وتمكين النساء لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 من أجل عالم ينعم بالعدالة والأمان والاستقرار .وتعتبر قطاعات العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات (STEM) من القطاعات الهامة التي تساهم في عملية الابداع والابتكار، وستعتمد عليها معظم المهن المستقبلية.
ومن أجل تعزيز وتمكين النساء والفتيات في هذه المجالات أقرت الأمم المتحده عام 2015 الحادي عشر من شهر شباط من كل عام" يوما عالميا للنساء والفتيات في العلوم".
ولدعم النساء في مجالات العلوم والابداع ، ركزت منظمة الأمم المتحدة للنساء هذا العام على تطوير ودعم الابتكارات والابداعات التي تقوم بها النساء وفي كافة المجالات، وكما وطالبت بضرورة ادماج النوع الاجتماعي في كافة مراحل الابتكار لضمان العدالة والمساواة بين الجنسين.
وتشير الاحصاءات الدولية إلى أن 90 ٪ من الوظائف في المستقبل سوف تتطلب مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، ويعتبر هذا القطاع أداة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ، حيث يساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل والتعليم ، ومحو الأمية ، والتدريب على المهارات الحياتية بالاضافة تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين اذا كانت مراعية للنوع الاجتماعي. وبالتالي بات من الضروري تأهيل النساء والفتيات على تعلم المهارات التكنولوجية الحديثة التي يتطلبها سوق العمل لضمان مشاركتهن الفاعلة في ثورة التكنولوجيا الرقمية.
ولتعزيز دور المرأة في هذا القطاع، أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات مبادرة رائدة عام 2010 بعنوان " اليوم العالمي للفتيات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات" ، ويُحتَفَل بهذا اليوم في الرابع من شهر نيسان من كل عام بهدف تشجيع التوازن بين الجنسين في هذا القطاع ، وتهيئة بيئة عالمية لتمكين وتشجيع الفتيات والشابات على الالتحاق بوظائف في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لما له من آثار ايجابية على الفتيات وشركات التكنولوجيا على السواء.
وبالرغم من ما وصلت اليه المرأة من تعليم وعمل الا ان مشاركتها في هذه القطاعات وعلى مستوى العالم ما زالت متدنية مقارنة بالذكور نظرا للصورة النمطية السائدة في المجتمع حول المرأة وعلاقتها بهذه القطاعات.
فقد جاء بتقرير الاتحاد الدولي للاتصالات بأن معدلات انتشار الإنترنت أعلى للرجال مقارنةً بالنساء في مناطق العالم كافة. وقد ازدادت الفجوة بين الجنسين من مستخدمي الإنترنت في العالم من 11% في عام 2013 إلى 12% في عام 2016. كما أن الفجوة بين الجنسين على الصعيد الإقليمي هي الأكبر في إفريقيا إذ تبلغ 23% وهي الأقل في الأميركيتين إذ تبلغ 2 %
وعلى المستوى الوطني فقد جاء في التقرير الصادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة عام 2017 بأن الاناث شكلن ما نسبته 47% من عدد الأفراد الذين أعمارهم 5 سنوات فأكثر ممن يستخدمون الإنترنت مقابل 53% من الذكور.
وبالرغم من التقدم الملموس الدي طرأ على المرأة الأردنيه في هذين القطاعين ولكنه لا يزال دون المستوى المطلوب مقارنة الى ما وصلت اليه من تعليم وعمل
وقد بينت نتائج الدراسة التي اجريتها مند فترة بعنوان " التحديات التي تواجه النساء العاملات في قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن" بأن الإناث يعانين من الصورة النمطية لدى المجتمع حول عملهن في قطاع تكنولوجيا المعلومات، فالمجتمع يعتبر هذا القطاع قطاعا ذكوريا كونهم اقدر على الابداع والتميز في هذا المجال. وأن هناك بعض المجالات لا تستطيع الاناث العمل بها ولا تناسبها مثل مجال الشبكات والميكاترونكس ( Networks & Mechatronics ) لانهما يحتاجان الى الجهد والعمل الميداني اكثر من المكتبي، كما ان بعض التخصصات تعتبر تخصصات ذكورية مثل تخصص (Computer science & Engineering ) بينما تخصص (MIS & Animation) يعتبر تخصصا انثويا مما يرغم الاناث على أن يبذلن جهدا اكثر من الذكور لاقناع اصحاب العمل بقدراتهن ومهارتهن في هذا المجال.
بالرغم من تأكيد الاناث على عدم وجود تمييز بينهن وبين الذكور في الرواتب والسلم الوظيفي كونه يخضع للتعليمات والانظمة التابعة لمؤسساتهن ولكنهن أكدن بأنهن يعانين من التمييز ولصالح الذكور في الحوافز والدورات الخارجية والداخلية، وغالبا لا يتم تعيين الإناث في مناصب صنع القرار أو المناصب القيادية فاصحاب العمل يفضلون تعيين الذكور بغض النظر عن القدرات والمؤهلات، كما ان الغالبية العظمى من المشاركات يجدن صعوبة في الموازنة بين عملهن ومسؤولياتهن الأسرية وقد يطغى احدهما على الأخر الا في حال تمت مراعاة الاناث في ساعات الدوام ( ان يكون الدوام مرنا) وتوفر الدعم والمساعدة من الزوج وافراد الأسرة وكما أبدت معظم المشاركات برغبتهن بالعمل في القطاع الحكومي اكثر من القطاع الخاص لما يوفره هذا القطاع من مزايا عديدة تتناسب وطبيعة المرأة منها: الدوام القصير والمحدد، الأمن الوظيفي، توفير المواصلات واجازة الإمومة.
كما أظهرت الدراسة بأن اصحاب العمل يفضلون تعيين الفتاة العزباء على المتزوجة لاعتقادهم بأن المرأة المتزوجة لديها التزامات اسرية كثيرة توثر على العمل الى جانب حاجتها الى اجازة الأمومة.
وأكدت المشاركات بأن العملاء والزملاء في العمل في البداية ينظرون الى عملهن نظرة سلبية وانهن غير قادرات على العمل في هذا المجال ولكن عندما يثبتن وجودهن وقدرتهن في العمل تتحول نظرتهم الى الاحترام والتقدير ويعتمدون عليهن خاصة في الأعمال التي تتطلب الدقة والتنظيم.
ولسد الفجوة الرقمية بين الجنسين وتعزيز العدالة والمساواة لابد من اعداد برامج ارشادية وتوعوية للأسرة والمجتمع والتركيز على دور الاعلام في تغيير الصورة النمطية للمرأة العاملة في هذا القطاع ، ،بالاضافه الى تمكين المراة بعقد البرامج التدريبية التي يتطلبها سوق العمل وتقديم الدعم والمساعدة للمرأة العاملة من قبل اصحاب العمل مثل: ساعات الدوام المرنة، توفير الحضانات، عدم التمييز بين الذكور والاناث وتوفير المواصلات بالاضافة الى ضرورة تعيين الاناث في المراكز القيادية العليا والعمل على دعم ومساعدة النساء للابتكار والابداع في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتشجيع وتسهيل وصول المرأة للتكنولوجيا الرقمية.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/03/10 الساعة 02:44