كنز سمير مطاوع

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/02 الساعة 00:35

* د. مهند مبيضين

غير أنه بدأ حياته صحفيا، واعلاميا في البي بي سي، حقق العديد من السبوقات الصحفية، إلا أنه يملك أكثر من مائة ألف وثيقة عن حرب 1967 ومنها الأوامر العسكرية للقوات المسلحة وقد حصل عليها بدعم من الراحل الملك الحسين حين عرض الدكتور سمير مطاوع على الحسين رحمه الله أن يكتب النكسة ومآلاتها من وجهة نظر المنهزم؛ كون التاريخ دوماً يكتب من وجهة نظر المنتصر. يقول سمير مطاوع في كتابه أوراق سياسية ص 198:» حين أطلعت الملك الحسين على مقترحي نظر إليّ رحمه الله بعينية الحانيتين قبل أن يجيب... وانطلق صوته الجهوري الأثير قائلا: حسنا .. وما هو المطلوب مني؟»

بعد ذلك يشرع مطاوع في كتابه بشرح تفاصيل ذلك اللقاء الذي تم عام 1979م، ومن بين ما طلب مطاوع الإذن بجمع الوثائق المتوفرة عن النكسة في القيادة العامة للقوات المسلحة وذات الصلة بالحرب وبما فيها سجل العمليات الحربية، وجمع وثائق الديوان الملكي الهاشمي ووزارة الخارجية ورئاسة الوزراء واجراء مقابلات مع كبار القادة المشاركين، وبعد الانتهاء من هذا كله، طلب من الحسين بالقول:» أرجو أن تسمحوا لي يا صاحب الجلالة بإجراء ما احتاجه من اللقاءات معكم لتضيئوا على كافة النقاط التي توثقها وتؤكدها الأحداث» وكانت النتيجة أن منح الحسين الدكتور مطاوع سبع ساعات كاملة مسجلة على أشرطة كاسيت محفوظة في مكتبته، وفيها كما قال لي الدكتور مطاوع قصة الحسين وبناء الأردن فقد قال له الحسين:» إنك في محاولتك التاريخية هذه يجب أن تسمع ومني قصة الأردن الذي أردناه وطنا نفاخر به الدنيا منذ اللحظة التي اعادتنا في الأقدار إلى مسؤولية قيادته..». وقد اسمعني الدكتور مطاوع صوت الراحل الحسين من السبعة أشرطة المسجلة.

والمهم أنه كما قال لي يعمل لوحدة دون مساعدين وسكرتاريا وتضخيم، فكتابه عن حرب 1967 يعد مرجعاً وثيقا وعلميا، وهو الأفضل عن الحرب ودور الاردن فيها،وحين ذهبت اليه قبل شهرين للحديث عن مشاركته في مؤتمر عربي عن النكسة لم يمانع، والأهم أنه قبل بأن يمنح الجامعة الأردنية نسخة من الوثائق الثرية لديه مقابل أن تصور له الجامعة نسخة الكرتونية منها، وآنذاك اخبرت الزملاء بالمكتبة بأهمية الأمر وضرورة متابعته ولا أدري إن حدث شيء للآن وآمل أن ندرك ذلك ونعمل لأجله.

اعود للدكتور مطاوع وبعض مصائره، فقد كان أول صحفي يجري حواراً مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو بعد ازمة الصواريخ الكوبية عام 1963 والتي جاءت رداً كوبياً في أعقاب عدة عمليات فاشلة للولايات المتحدة لإسقاط النظام الكوبي وعلى رأسها حرب خليج الخنازير 1960م، آنذاك كان مطاوع في أمريكا لتغطية اغتيال كيندي فطلب منه ياسر هواري -مؤسس ورئيس تحرير مجلة الأسبوع العربي في باريس والتي أطلقت عام 1959- بمحاورة  فيدل كاسترو، ويروي مطاوع كيف عبر إلى كوبا مع الصيادين وكيف قابل كاسترو «تحدث إلي بالإسباني ثم بالكوبي.. ثم أحضر مترجما وقدم لي السيجار..» ثم كان أول من يجري تحقيقاً عن جدار برلين عام 1962 وكان أول العابرين لأول نفق يعمل للعبور بين الألمانيتين. وهناك في ألمانيا تعرف إلى عصام حماد وكامل العسلي في إذاعة برلين الحرة.

في ذاكرة مطاوع الكثير من الأحداث، ومما كتب وقرأت له، عن حرب 1956 على مصر، دخول الحسين رحمه الله فجأة لإذاعة عمان وكيف ابلغ الموجودين على رأسهم سري عويضة بقصف إذاعة صوت العرب وطلب وقف البث بإذاعة عمان واطلاق الشارة باسم «صوت العرب»لتكون إذاعة عمان ذراعاً مقاوماً مع الأشقاء في مصر، وكيف بحثوا عن مراسل صوت العرب في عمان نبيل بدر بأحد فنادق وسط البلد وحينئذ ردد سمير مطاوع في الفواصل :إذاعة صوت العرب، وكان آنذاك طالباً في كلية الحسين.

اخيراً، حياة سمير مطاوع مليئة وثرية في المغامرة، والكشوفات بحاجة لإعادة نشر، ووثائقه كنز وتسجيلات الراحل الحسين ثروة، فلا يجب أن تترك ويجب تشيجعه على نشرها.
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/02 الساعة 00:35