تحية لبلال الذنيبات

من الكرك سجل الشاب بلال الذنيبات اختراقا بالصلد لـ»تابو ثقافة العيب في العمل «. ولم يسبق أن وقعت، شاب جامعي بدرجة امتياز يشتغل عامل وطن. الحكايا لربما أكثر ما أحرجت الحكومة التي تسمح بتدفق عمليات استقدام العمالة الوافدة للسوق الأردني، وتترك سوق العمل على مصراعيه للعمال الوافدين، يزاحمون الأردنيين على فرصة العمل، ويسرقون أي فرصة تولد مهما كان نوعها ومستواها، ومعدل دخلها.
فكم أنت كبير يا بلال، وكم انت أيقونة تضيء دروب شباب تائهين وحائرين ومحرومين وقلقين. شاب عشريني خط طريقه الى الحياة بالتحدي والعزيمة، والانتفاض على كل التقاليد ما هو راسخ في ذاكرة جمعوية عن العمل وقيم العيش الكريم. في ناصية عيني بلال تحدّ، ومستقبل عظيم، ومن وراء هذه الجراءة ولأسميها الثورية قلب متحدٍّ، وعقل صليد، ومن طرف الجراءة يعرف الرجال.
ولا أجمل من احترام الحياة بالعيش الكريم، دون حاجة الآخرين، ولا التماس عطف وعون من أحد مهما كان. نكتفي بالاشياء الصغيرة والقليلة التي تتيحها الحياة. ولعلها دروس لم تخالط ثقافتنا المحلية، ما زال الأردنيون مؤمنين بوهم بالرفاه والرخاء والعيشة السهلة، وهذا ما لم تجارِ مناهضته ونقده مناهج التدريس ومولدات الوعي الاجتماعي سواء من سياسيين ومفكرين واعلاميين ورجال دين.
مثل بلال الذنيبات كثيرون، وليس بلال استثناء. العمل ليس عيبا، ولكن ما يعيب الرجل، هو العوز والطلب والحاجة، ومد اليد للآخرين. ولو أني صاحب قرار في التعليم، لقررت بأن تدرس حالة بلال الذنيبات في المناهج، وأن تعمم على مدارس وجامعات المملكة، لتكون نبراسا يهدي الشباب والمراهقين الى ثقافة العمل الحر.
فلا أتمنى أن تبقى الجامعات كالفراخات، ترمى في سوق العمل سنويا عشرات الالاف من حملة الشهادات الجامعية، وسوق العمل الأردني عاجز عن توليد الف فرصة عمل سنويا. التعليم على شقيه الحكومي والخاص والاخير تحول الى دكاكين في أحيان كثيرة، وبات بحاجة الى مراجعة ثورية من الف الى الياء، وحتى لا تزداد تعقيدات الفقر والبطالة والتنمية في بلادنا.
ودونما تعميم بالطبع، الا أن أكثرية المؤسسات التعليمية زادت شراهتها للربح. التعليم في الأردن ما عاد فرصة، وأصبح في الحضيض. والأردن لربما سيجابه تحديا أكبر في الاعوام القادمة في تصدير الموارد البشرية المحلية للخارج، فما عدنا منافسين اقليما وعربيا، وتصدير العقول الأردنية يواجه أكثر من تحدّ داخلي وخارجي. الدستور