الأخلاق في خطر
مما يتميّز به مجتمعنا المتديّن المنظومة الأخلاقية التي يعيش في ظلها، وتشكّل حجر الزاوية في الشخصية الأردنية، حيث الكرم والنخوة واحترام الكبير، وحب الجار، والتضحية، والتعاون، وغيرها من الأخلاق الفاضلة التي تربينا عليها، وغرسها أهلنا فينا.
هذه الأخلاق والقيم قد فُقدت بذورها أو سُرقت أو ضاعت، بسبب ثورة الاتصالات الأخيرة أو عاصفة الاتصالات، التي صنعت ضبابا حجب عن عيوننا بذور كثير من الأخلاق، فلم ننجح في زراعتها في أبنائنا. ووجدنا جيلا جديدا يحمل أخلاقا وقيما تختلف عن أخلاقنا وقيمنا. وعلى سبيل المثال: مما توارثناه عن أبائنا احترام المعلم، وأنه شخص نكنّ له مشاعر الحب والهيبة والتقدير، حتى إذا نادنا المعلم في الطريق اعتبرنا ذلك تكرما منه وتفضلا، وكأن أحدنا حصّل جائزة، ويظلّ يكررها: الأستاذ فلان ناداني وحكى معي. هذا الكلام قد يبدو سخيفا أو غبيا أو حالما بالنسبة للجليل الجديد، وربما أسمع أحدهم يقول: إيش هذا الهبل؟
عندما كان يخطئ أحد الأفراد يكتفي المختار أو كبير العائلة أن يقول له: يا فلان عيب عليك، وتكون هذه الكلمات قاصمة الظهر، وسببا في أن يغيّر فلان هذا سلوكه للأفضل، أما الآن يضطرّ الأب أن يشكو على ابنه في المخفر، كما يشتكي الولد على أبيه في حماية الأسرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عندما كان يدخل رب الأسرة بعلبة الراحة مع باكيت البسكوت تشعر الأسرة بالدفء والثراء، وكأنما حيزت لهم الدنيا، أما الآن يدخل رب الأسرة البيت بالحلويات والبقلاوة والكنافة، فيقال له: وين المكسرات، وليش انسيت البزر؟
لقد تغيّرت الأخلاق وتبدلت للأسوأ، مع أن الحياة تسير للأفضل، حيث وسائل الراحة صارت أكثر، ولكننا ركزنا على الماديات وتطورها، ولم نركز على تطوير الإنسان بموازاتها، فحصل ما نرى.
الدستور