تدريس مادة ثقافة الأديان في المناهج المدرسية بين التأييد والرفض.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/25 الساعة 19:07
تدريس مادة " ثقافة الأديان " في المناهج المدرسية بين التأييد والرفض.
مدار الساعة – الدكتور آمال جبور- حين يحل السكون أروقة الصفوف وتنتظم (لارا) طالبة الصف الخامس الابتدائي بتجهيز قرطاسيتها استعدادا لحصة التربية الاسلامية، تذهب نظراتها العفوية والمتسائلة عن سبب مغادرة زميلتها التي تجاورها في المقعد لحضور درس "الدين" في مكان آخر، لتبدأ تساؤلات (لارا) عن الأسباب التي تفصلها عن صديقتها في هذه الحصة بالذات، ولترتسم خطوط من الأفكار لديها حول الآخر والاختلاف، فتحاور ذاتها حول حقها في معرفة عالمها الممزوج بثقافات وأديان مختلفة. تتفاوت الأراء حول طرح مادة جديدة في المدارس عن" ثقافة الاديان" بين مؤيد ومعارض لأسباب أهمها ضرورة البدء في طرح هذه المادة في المناهج المدرسية، وإلا سيبقى الطالب في حالة مغيبة يسهل جذبه إلى جهات متطرفة.وتترسخ لدى العامة بأن الأسباب التي أدت الى حالة الانقسام الطائفي والمذهبي في المنطقة العربية هو جهل الأطراف المختلفة ومنهم فئة الشباب بمذهب أو دين الطرف الاخر، مما ادى ان يستقي الشباب معلوماتهم عن الاخر، من كتب قديمة، أو كتب منحازة، أو متعصبة لصورة الآخر ودينه ومذهبه.ويرى مؤيدو هذا الطرح، أنه من حق الطالب الذي يعيش في عالم مفتوح، أن يطلع على كل الأديان والمذاهب في وقت مبكر والوعي بنقاط الالتقاء والاختلاف بينهما، الأمر الذي يحدّ من العصبية الدينية وتنامي ثقافة الكراهية بين الأجيال الجديدة.ويستند هذا الرأي إلى أن الدستور الاردني ينص على المساواة وتكافؤ الفرص، وكذلك قانون التربية والتعليم الاردني، كما تتفق نظريات المناهج التعليمية كذلك، حيث ان جميع المناهج المقدمة للطلاب مناسبة ودستورية وقانوني ما عدا مادة التربية الدينية التي تشير الى تمييز بين الطلاب، مطالبين بأن تتعادل فرص جميع الطلاب للحصول عليها.ولا بد ان نعرف غرض العملية التربوية وفلسفة التربية في المجتمعات العربية والاسلامية وبشكل خاص في المجتمع الاردني، حسب مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية د. وجيه قانصو.
ويضيف ان غرض التربية هو انتاج طلبة مواطنين فاعلين، لديهم توجه ايجابي في التعامل مع قضايا الدولة والمجتمع والاختلاف.
ولان المجتمع ليس مختلفا فقط بجهة الانتماءات الدينية، بل هناك اختلاف ايضا بالمذاهب والانتماءات الثقافية والسياسية، فثقافة الاختلاف تفيد في ان يتقبل الانسان الاخرالمختلف عنه.ويؤكد قانصو بان المعرفة بدين الاخر شيء والتبشير شيء اخر، والهدف بتعريف الطلبة بدين الاخر هي للمعرفة فقظ ، وهو مطلب اجتماعي يتعرف الطلاب من خلاله على دين الاخر والتعامل معه بكل يسر وايجابية.
والطالب عندما يتعرف على غيره ، نكمل بذلك الاهلية الوطنية في شخصيته وتكوينه النفسي والسلوكي، ويكون فردا فاعلا، ليس له موقف غامض اتجاه الاخرين.
ونحن نتعلم لنتعرف على الاخر لا لنحكم عليه، لاننا نريد ان نكون جزءاً من العالم ولا نريد ان يكونوا طلابنا في عزلة وانفصال عن عالمهم الصغير.
ويضيف قانصو بان الاردن ينهج سياسة الانفتاح ، ولا بد ان يكون المسار الثقافي والتربوي يتناسب مع هذا الانفتاح، ليكون الاردن متفاعلاً مع العالم بأزماته ويشارك في حلوله. وتتجه الأفكار التي تنادي بهذا الطرح إلى أن المعرفة بمعتقدات الآخر جزء أساسي للمعرفة الجغرافية للطالب في العالم ولا يجوز حرمانه من هذه المعرفة، حيث تعتبر الاديان الاسلامية والمسيحية والبوذية واليهودية وغيرها جزءاً مهماً من ثقافة البشرية حسب الاستاذ د. هشام غصيب . ويرى غصيب أنه من حق الطالب ان يطلع من خلال المناهج المدرسية على ثقافة الآخر ودينه ومعتقده، من خلال مادة مستقلة مثل"ثقافة الاديان" أو "مقارنة الاديان"، ولا يكفي أن تتضمن مناهجنا مواضيع فرعية في مادة التربية الوطنية مثلا ليستقي الطالب منها معرفته حول هذا الخصوص، على أن تجهزهذه المادة وتطرح بطريقة موضوعية منفتحة على العالم وليس بالطريقة النمطية الدوغمائية المغلقة. ويشدد على أهمية اختيار الفريق الذي سيعد بناء المنهاج بطريقة منفتحة وعصرية وموضوعية، تتيح للطالب معرفة كل ما تحمله الديانات من ايجابيات وسلبيات، وان توضع امام الطالب بقوالب علمية موضوعية من غير تحقير للآخر. ويؤكد وزيرالثقافة والشباب الدكتور محمد ابو رمان، ضرورة استدخال المناهج بمفاهيم تركز على التعددية والتنوع واحترام وقبول الاخر.
ويضيف يجب تجاوز الموضوع الديني الى الموضوع الثقافي، وتعليم الطلاب في سن مبكر قيم سلوكية معرفية لتعريف الطلبة على الاخر مذهبيا وفكريا، مما يعزز مبدأ المواطنة والسلم المجتمعي في بيئة متعددة الانتماءات العقائدية والذهبية. ويتفق الخبير التربوي بشؤون المناهج د.ذوقان عبيدات على أن المناهج يجب أن تقدم ثقافة وطنية مشتركة عابرة للأديان والطوائف والعرقيات، وتركز على أهمية التنوع الثقافي والديني والعرقي في المجتمع الاردني تكريساً لمبدأ المواطنة الذي لا ينحازلثقافة أكثرية وثقافة أقلية. ويرى أن أي ثقافة فرعية خاصة بفئة هي من مسؤوليات مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، فالكنيسة مثلا مسؤولة عن تقديم الثقافة المسيحية لأبنائها، والمسجد، والمؤسسات الدينية مسؤولة عن تقديم الثقافة الاسلامية وحفظ القرآن الكريم. فيما يرى آخرون أن طرح هذه المادة في المدارس لا تتناسب مع الفئة العمرية للطلاب،ويمكن ان تشتته ذهنيا، وتسبب له معاناه نفسية حسب عميد كلية الشريعة د. الاستاذ عدنان العساف. ويفضل العساف التعايش والحوار اكثر من التطرق للامور الدينية في السنوات المدرسية المبكرة للطالب، باعتبار ان التفاعل الانساني والحضاري مهم لتعليم الطالب قبول الاخر، واحترام معتقده وحريته في ممارسة طقوسه وعباداته.
ويضيف هناك فرق بين الناحية الاجتماعية والعقائدية، لاتتناسب مع عمر الاطفال في الدخول في تفاصيل الاديان ، اما الاجتماعية فانها تعزز من تعليمهم تقبل الحوار والاختلاف والتعددية لانها تؤدي الى مستقبل افضل للانسانية.
ويؤكد العساف ان النظرة الاسلامية التاريخية للاخر تستقي الانفتاح والقبول واحترام الاخر، كما ورد في القران الكريم من الحث على معاملة الاخر باحترام وانسانية " وما ارسلناك الا رحمة للعالمين " .كما يتفق الأب حنا كلداني مديرعام مدارس اللاتين سابقاً، مع طرح هذه المادة في الجامعات وليس في المدارس، مشيرا الى أن الطالب في المدرسة من حقه أن يتعرف على الآخر المختلف بعقيدته ولغته ودينه ضمن محاور معينة ومن خلال مادة التربية الوطنية التي تعزز مفاهيم ايجابية متعددة وتخلق جيل يحترم التنوع والاختلاف بكل اشكاله.ويقول عضو اللجنة العليا للمناهج في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد الخطيب، أن اللجنة قامت بمراجعة المناهج المدرسية وتم ادخال الكثير من المفاهيم التي تحث على محاربة التطرف و تقبل الآخر والاعتراف والتعايش والعيش والمشترك، في مساق التربية الوطنية بالاضافة الى تناول مادة التربية الاسلامية لمفاهيم تدعم النظرة الى قبول الآخر .ويفضل الخطيب أن تبقى هذه العناوين جزءاً من مادة وأن لا تطرح كمادة مستقلة، لأنها بعيدة عن قدرة الطالب الفكري للتميز بين الأديان في المراحل الاولى من الدراسة، مفضلا طرح هذه المادة في الجامعات وليس المدارس.
فيما يدعو رئيس جامعة فيلادلفيا سابقا د. ابراهيم بدران، إلى ضرورة البدء بهذه الخطوة مبكراً من المراحل المدرسية وعدم الانتظار للمرحلة الجامعية لتعريف الطالب بوقت مبكر على الاديان الممارسة في عالمه، والتي تخلق منه حالة إيجابية يصعب مستقبلا أن تأتي جهة متعصبة وتنال منه .ويدعم بدران وجهة نظره بالقول"إن الطريق الصحيحة لمواجهة الأفكار المتطرفة والتي تتعلق بالأديان والطوائف والعرق، أن يستقي الطالب معلوماته بهذا الخصوص من خلال مادة مستقلة تطرحها وزارة التربية والتعليم، لينشئ الطالب في وقت مبكر على معرفة الأديان الاخرى التي تشكل النسيج الاجتماعي لعالمه الصغير، ليبدأ بالتفاعل الايجابي معها من غير تعصب وكراهية".ويرى استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة د. حسين محادين ان مدلول وصف الاديان على عموميتها تحمل معاني المقدس الذي لا يناقش عند معتنقيها، لأنها هكذا باعتقادهم، وبالتالي سنبقى في ضوء عنوان ثقافة الاديان نتحدث عن جزر إيمانية منعزلة وهي العلوم الجينية وسنبقى كجزء من البشر نتحدث ونتصارع على مفاهيم واطروحات غيبية تحترم لكنها لا تناقش لانها تابو ديني.ويضيف ستبقى بعيدة عن العلوم الوضعية اي تلك التي توصل لها العقل البشري ومنجزاته الهائلة عبر تجريب المحاولة والخطأ علاوة على سرعة انتقال المجتمعات نحو المدنية قد قللت من (الكثافة الدينية) كما يقول دوركايم.ويشير اننا نعيش حاليا صراعا حضاريا ودمويا للأسف جراء اختلافنا على تفسير النصوص والفرق الدينية المختلفة وهي صراعات تشير ضمنا إلى أن هذه المفاهيم لم تقدم اجابات وظيفية مشبعة حياتنا على أسئلة الجوع والفقر والتخلف ومعاني تقدم المجتمعات غير الدينية في مجالات حقوق الانسان رجلا أم إمرأة والديمقراطية والمواطنة والعلم والتكنولوجيا ودولة القانون والمؤسسات وحصانة المال العام .
لذا عند طرح مفهوم حوار الأديان لم يحظ بنجاحات مأمولة للاسف.ويعتقد محادين أن طرح مادة "الأخلاق الانسانية" ستدفع باتجاه التقبل والافادة من أي آخر انساني وبغض النظر عن معتقده مثلما ستقود هذه المادة اذا صيغت بمضامين حوارية وثقافية ناجزة ومستدامة من قبل من هم أهل لهذه الفكرة، أن تعميق معاني العيش على هذه البسيطة التي تشبه الحقيقة المرجاة والمشتركة في هواجسنا كبشر منذ الازل.
مدار الساعة – الدكتور آمال جبور- حين يحل السكون أروقة الصفوف وتنتظم (لارا) طالبة الصف الخامس الابتدائي بتجهيز قرطاسيتها استعدادا لحصة التربية الاسلامية، تذهب نظراتها العفوية والمتسائلة عن سبب مغادرة زميلتها التي تجاورها في المقعد لحضور درس "الدين" في مكان آخر، لتبدأ تساؤلات (لارا) عن الأسباب التي تفصلها عن صديقتها في هذه الحصة بالذات، ولترتسم خطوط من الأفكار لديها حول الآخر والاختلاف، فتحاور ذاتها حول حقها في معرفة عالمها الممزوج بثقافات وأديان مختلفة. تتفاوت الأراء حول طرح مادة جديدة في المدارس عن" ثقافة الاديان" بين مؤيد ومعارض لأسباب أهمها ضرورة البدء في طرح هذه المادة في المناهج المدرسية، وإلا سيبقى الطالب في حالة مغيبة يسهل جذبه إلى جهات متطرفة.وتترسخ لدى العامة بأن الأسباب التي أدت الى حالة الانقسام الطائفي والمذهبي في المنطقة العربية هو جهل الأطراف المختلفة ومنهم فئة الشباب بمذهب أو دين الطرف الاخر، مما ادى ان يستقي الشباب معلوماتهم عن الاخر، من كتب قديمة، أو كتب منحازة، أو متعصبة لصورة الآخر ودينه ومذهبه.ويرى مؤيدو هذا الطرح، أنه من حق الطالب الذي يعيش في عالم مفتوح، أن يطلع على كل الأديان والمذاهب في وقت مبكر والوعي بنقاط الالتقاء والاختلاف بينهما، الأمر الذي يحدّ من العصبية الدينية وتنامي ثقافة الكراهية بين الأجيال الجديدة.ويستند هذا الرأي إلى أن الدستور الاردني ينص على المساواة وتكافؤ الفرص، وكذلك قانون التربية والتعليم الاردني، كما تتفق نظريات المناهج التعليمية كذلك، حيث ان جميع المناهج المقدمة للطلاب مناسبة ودستورية وقانوني ما عدا مادة التربية الدينية التي تشير الى تمييز بين الطلاب، مطالبين بأن تتعادل فرص جميع الطلاب للحصول عليها.ولا بد ان نعرف غرض العملية التربوية وفلسفة التربية في المجتمعات العربية والاسلامية وبشكل خاص في المجتمع الاردني، حسب مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية د. وجيه قانصو.
ويضيف ان غرض التربية هو انتاج طلبة مواطنين فاعلين، لديهم توجه ايجابي في التعامل مع قضايا الدولة والمجتمع والاختلاف.
ولان المجتمع ليس مختلفا فقط بجهة الانتماءات الدينية، بل هناك اختلاف ايضا بالمذاهب والانتماءات الثقافية والسياسية، فثقافة الاختلاف تفيد في ان يتقبل الانسان الاخرالمختلف عنه.ويؤكد قانصو بان المعرفة بدين الاخر شيء والتبشير شيء اخر، والهدف بتعريف الطلبة بدين الاخر هي للمعرفة فقظ ، وهو مطلب اجتماعي يتعرف الطلاب من خلاله على دين الاخر والتعامل معه بكل يسر وايجابية.
والطالب عندما يتعرف على غيره ، نكمل بذلك الاهلية الوطنية في شخصيته وتكوينه النفسي والسلوكي، ويكون فردا فاعلا، ليس له موقف غامض اتجاه الاخرين.
ونحن نتعلم لنتعرف على الاخر لا لنحكم عليه، لاننا نريد ان نكون جزءاً من العالم ولا نريد ان يكونوا طلابنا في عزلة وانفصال عن عالمهم الصغير.
ويضيف قانصو بان الاردن ينهج سياسة الانفتاح ، ولا بد ان يكون المسار الثقافي والتربوي يتناسب مع هذا الانفتاح، ليكون الاردن متفاعلاً مع العالم بأزماته ويشارك في حلوله. وتتجه الأفكار التي تنادي بهذا الطرح إلى أن المعرفة بمعتقدات الآخر جزء أساسي للمعرفة الجغرافية للطالب في العالم ولا يجوز حرمانه من هذه المعرفة، حيث تعتبر الاديان الاسلامية والمسيحية والبوذية واليهودية وغيرها جزءاً مهماً من ثقافة البشرية حسب الاستاذ د. هشام غصيب . ويرى غصيب أنه من حق الطالب ان يطلع من خلال المناهج المدرسية على ثقافة الآخر ودينه ومعتقده، من خلال مادة مستقلة مثل"ثقافة الاديان" أو "مقارنة الاديان"، ولا يكفي أن تتضمن مناهجنا مواضيع فرعية في مادة التربية الوطنية مثلا ليستقي الطالب منها معرفته حول هذا الخصوص، على أن تجهزهذه المادة وتطرح بطريقة موضوعية منفتحة على العالم وليس بالطريقة النمطية الدوغمائية المغلقة. ويشدد على أهمية اختيار الفريق الذي سيعد بناء المنهاج بطريقة منفتحة وعصرية وموضوعية، تتيح للطالب معرفة كل ما تحمله الديانات من ايجابيات وسلبيات، وان توضع امام الطالب بقوالب علمية موضوعية من غير تحقير للآخر. ويؤكد وزيرالثقافة والشباب الدكتور محمد ابو رمان، ضرورة استدخال المناهج بمفاهيم تركز على التعددية والتنوع واحترام وقبول الاخر.
ويضيف يجب تجاوز الموضوع الديني الى الموضوع الثقافي، وتعليم الطلاب في سن مبكر قيم سلوكية معرفية لتعريف الطلبة على الاخر مذهبيا وفكريا، مما يعزز مبدأ المواطنة والسلم المجتمعي في بيئة متعددة الانتماءات العقائدية والذهبية. ويتفق الخبير التربوي بشؤون المناهج د.ذوقان عبيدات على أن المناهج يجب أن تقدم ثقافة وطنية مشتركة عابرة للأديان والطوائف والعرقيات، وتركز على أهمية التنوع الثقافي والديني والعرقي في المجتمع الاردني تكريساً لمبدأ المواطنة الذي لا ينحازلثقافة أكثرية وثقافة أقلية. ويرى أن أي ثقافة فرعية خاصة بفئة هي من مسؤوليات مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، فالكنيسة مثلا مسؤولة عن تقديم الثقافة المسيحية لأبنائها، والمسجد، والمؤسسات الدينية مسؤولة عن تقديم الثقافة الاسلامية وحفظ القرآن الكريم. فيما يرى آخرون أن طرح هذه المادة في المدارس لا تتناسب مع الفئة العمرية للطلاب،ويمكن ان تشتته ذهنيا، وتسبب له معاناه نفسية حسب عميد كلية الشريعة د. الاستاذ عدنان العساف. ويفضل العساف التعايش والحوار اكثر من التطرق للامور الدينية في السنوات المدرسية المبكرة للطالب، باعتبار ان التفاعل الانساني والحضاري مهم لتعليم الطالب قبول الاخر، واحترام معتقده وحريته في ممارسة طقوسه وعباداته.
ويضيف هناك فرق بين الناحية الاجتماعية والعقائدية، لاتتناسب مع عمر الاطفال في الدخول في تفاصيل الاديان ، اما الاجتماعية فانها تعزز من تعليمهم تقبل الحوار والاختلاف والتعددية لانها تؤدي الى مستقبل افضل للانسانية.
ويؤكد العساف ان النظرة الاسلامية التاريخية للاخر تستقي الانفتاح والقبول واحترام الاخر، كما ورد في القران الكريم من الحث على معاملة الاخر باحترام وانسانية " وما ارسلناك الا رحمة للعالمين " .كما يتفق الأب حنا كلداني مديرعام مدارس اللاتين سابقاً، مع طرح هذه المادة في الجامعات وليس في المدارس، مشيرا الى أن الطالب في المدرسة من حقه أن يتعرف على الآخر المختلف بعقيدته ولغته ودينه ضمن محاور معينة ومن خلال مادة التربية الوطنية التي تعزز مفاهيم ايجابية متعددة وتخلق جيل يحترم التنوع والاختلاف بكل اشكاله.ويقول عضو اللجنة العليا للمناهج في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد الخطيب، أن اللجنة قامت بمراجعة المناهج المدرسية وتم ادخال الكثير من المفاهيم التي تحث على محاربة التطرف و تقبل الآخر والاعتراف والتعايش والعيش والمشترك، في مساق التربية الوطنية بالاضافة الى تناول مادة التربية الاسلامية لمفاهيم تدعم النظرة الى قبول الآخر .ويفضل الخطيب أن تبقى هذه العناوين جزءاً من مادة وأن لا تطرح كمادة مستقلة، لأنها بعيدة عن قدرة الطالب الفكري للتميز بين الأديان في المراحل الاولى من الدراسة، مفضلا طرح هذه المادة في الجامعات وليس المدارس.
فيما يدعو رئيس جامعة فيلادلفيا سابقا د. ابراهيم بدران، إلى ضرورة البدء بهذه الخطوة مبكراً من المراحل المدرسية وعدم الانتظار للمرحلة الجامعية لتعريف الطالب بوقت مبكر على الاديان الممارسة في عالمه، والتي تخلق منه حالة إيجابية يصعب مستقبلا أن تأتي جهة متعصبة وتنال منه .ويدعم بدران وجهة نظره بالقول"إن الطريق الصحيحة لمواجهة الأفكار المتطرفة والتي تتعلق بالأديان والطوائف والعرق، أن يستقي الطالب معلوماته بهذا الخصوص من خلال مادة مستقلة تطرحها وزارة التربية والتعليم، لينشئ الطالب في وقت مبكر على معرفة الأديان الاخرى التي تشكل النسيج الاجتماعي لعالمه الصغير، ليبدأ بالتفاعل الايجابي معها من غير تعصب وكراهية".ويرى استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة د. حسين محادين ان مدلول وصف الاديان على عموميتها تحمل معاني المقدس الذي لا يناقش عند معتنقيها، لأنها هكذا باعتقادهم، وبالتالي سنبقى في ضوء عنوان ثقافة الاديان نتحدث عن جزر إيمانية منعزلة وهي العلوم الجينية وسنبقى كجزء من البشر نتحدث ونتصارع على مفاهيم واطروحات غيبية تحترم لكنها لا تناقش لانها تابو ديني.ويضيف ستبقى بعيدة عن العلوم الوضعية اي تلك التي توصل لها العقل البشري ومنجزاته الهائلة عبر تجريب المحاولة والخطأ علاوة على سرعة انتقال المجتمعات نحو المدنية قد قللت من (الكثافة الدينية) كما يقول دوركايم.ويشير اننا نعيش حاليا صراعا حضاريا ودمويا للأسف جراء اختلافنا على تفسير النصوص والفرق الدينية المختلفة وهي صراعات تشير ضمنا إلى أن هذه المفاهيم لم تقدم اجابات وظيفية مشبعة حياتنا على أسئلة الجوع والفقر والتخلف ومعاني تقدم المجتمعات غير الدينية في مجالات حقوق الانسان رجلا أم إمرأة والديمقراطية والمواطنة والعلم والتكنولوجيا ودولة القانون والمؤسسات وحصانة المال العام .
لذا عند طرح مفهوم حوار الأديان لم يحظ بنجاحات مأمولة للاسف.ويعتقد محادين أن طرح مادة "الأخلاق الانسانية" ستدفع باتجاه التقبل والافادة من أي آخر انساني وبغض النظر عن معتقده مثلما ستقود هذه المادة اذا صيغت بمضامين حوارية وثقافية ناجزة ومستدامة من قبل من هم أهل لهذه الفكرة، أن تعميق معاني العيش على هذه البسيطة التي تشبه الحقيقة المرجاة والمشتركة في هواجسنا كبشر منذ الازل.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/25 الساعة 19:07