الكولونيالية المُتصابية !
استوقفني ما قاله الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود في لقاء مُتلفز عن الطريقة التي يتعامل بها الامريكيون والاوروبيون مع العرب، حتى لو كانوا من القادة والجنرالات، يقول ان جاك شيراك دعاه الى زيارة فرنسا وبعد فترة وجيزة ارسل اليه السفير الفرنسي ليعتذر عن الدعوة، وذلك لأن د. سليم الحص اصبح رئيسا للوزراء بدلا من الراحل رفيق الحريري .
ويقول ايضا ان وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت اتصلت به في منتصف الليل بعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان، وكانت تردد صفة السيد الرئيس في كل عباراتها واستمرت المكالمة حتى الفجر، لكنها بدأت تخاطبه بصفة المستر لحود فقط وقالت له : اذكرك بأنك تتحدث مع رئيسة خارجية امريكا، عندئذ اعتذر الرئيس لحود قائلا لها انه يريد النوم وأغلق سماعة الهاتف !
وقد سمعت شخصيا من بعض الاصدقاء في اكثر من عاصمة عربية حكايات من هذا الطراز وكيف كان الامريكيون والاوروبيون يغيرون نبرة الصوت وكذلك الصفة البروتوكولية لبعض الساسة اذا لم يرق لهم ما يسمعون . انه الارث الكولونيالي والحنين الى وزارة المستعمرات وثقافتها وكذلك الى المندوب السامي في الزمن الامبراطوري الغارب !
وما قاله الرئيس لحود قد لا يجرؤ على ذكره آخرون ممن تعرضوا لمواقف مماثلة، فالغرب على ما يبدو مصاب بنوستالجيا القرن التاسع عشر الذي يسميه هنري ايكن قرن الايديولوجيا الذي كانت حروب القرن العشرين الكونية والموضعية مجرد ترجمة ميدانية لاطروحاته النظرية .
وقد حدث ذات يوم ان استقبل الزعيم الراحل عبد الناصر لجنة منزيس بشأن قناة السويس وغداة تأميمها، وعندما بدأ رئيس اللجنة يخاطب عبد الناصر كما لو انه اللورد كرومر نهض عبد الناصر على الفور وادار ظهره وترك القاعة فارغة الا من مقاعدها !
ونذكر ايضا ما خاطب به بوش الابن صدام حسين حين طلب منه مغادرة بلاده مع ولديه خلال اربع وعشرين ساعة وكذلك حين خاطب اوباما الرئيس الاسبق حسني مبارك عام 2001 حين قال له عليك ان تغادر الان NOW فأية عنجهية كولونيالية تلك التي تتصابى بعد ان تساقطت اسنانها وشعرها ووزارات مستعمراتها ؟؟؟
الدستور