أي أردن؟ أي أردني؟
* طارق مصاروة
في حَمْأة هذه الحوارات، والندوات، والمؤتمرات التي تدور منذ سنوات طويلة، كنا نتفادى السؤال الاساسي:
- اي اردن نريد؟!
- اي اردني نريد؟!
- وكان السؤال الاخطر:
- من هو الاردن؟
- من هو الاردني؟!.
وهذان سؤالآن خطيران فقط في بلدنا، فالسوري او المصري او المغربي يجيب رأسا. لكن الاردني له اكثر من اجابة.. حسب السائل، حسب المكان، حسب المناسبة.
ودون ان نتفذلك، فالفكر العشائري يعطيك جوابا من خلال روابط الدم، او من خلال المساحة الجغرافية التي تحددها واجهات العشائر، او الحدود الجغرافية: من الموجب الى الزرقاء، او شرق سكة الحديد او غربها.
وهذه محددات لا علاقة لها بالانتماء الوطني او القومي. ونتجرأ فنعرف الاردن بحدوده التي نشأ فيها الكيان السياسي. ونعرف الاردني بانه كل من يريد ان يكون اردنيا. فالعقل العربي المخرّب بالديكتاتوريات. ابقى وحدة ضفتي الاردن حالة موقوتة، ثم جاءت هزيمة حزيران فاقنعتنا بان الفلسطيني هو ابن او حفيد من ولد في فلسطين الانتداب. وان الفلسطينيين هم من يحرر الوطن السليب. ومع ذلك فلا مانع ان تكون عمان هانوي العرب، وان يمر طريق القدس من الفاكهاني او دير القمر..
في العقل العربي المخرب لم تعترف ولا دولة عربية بوحدة الضفتين. وهناك قرار في الجامعة العربية بطرد الاردن. مع ان مؤتمرات قمة عربية اعترفت باسرائيل ضمن شروط انسحابها من الارض المحتلة عام 1967 واقامة اعتراف وسلام شامل معها.
ونعود الى الاسئلة المصيرية التي لم يحددها اي حوار دار او يدور في بلدنا. مع ان تعريف المجتمع المدني يقول: إن كل من يريد ان يكون اردنيا ويعيش في الاردن، ويحمل الولاء اليه فهو اردني. وان هذا الكيان السياسي له تعريف واقعي في المملكة الاردنية الهاشمية، وله طموح قومي هو – كما ينص دستوره – جزء من الامة العربية.. التي يمكن ان يتفق العرب على حدودها، ونوعية شخصيتها القومية.. وعلاقاتها بالعالم.
الاردن الذي نريد هو هذا الكيان الذي توافق الاردنيون، والشهيد المؤسس عبدالله بن الحسين على قيامه عام 1921، وأخذ شكله بمقررات المؤتمر الاردني الاول عام 1928 وبقية المؤتمرات اللاحقة، ونتواضع فنؤكد ان الاردني هو ابن هذا الكيان اذا رضي به، واذا اعطاه ولاءه المطلق، فالحرية هي أساس كل الخيارات.
لقد قدّم ابن القدس ونابلس وجنين لوحدة الضفتين هذه الديار المقدسة العامرة، وهو بعد الاحتلال وبعد الرباط وبعد أيلول، هو ابن الاردن اذا اختار ان يكون كذلك، كما ان الدمشقي او الحموي او البغدادي أو البيروتي هو ابن العائلة التي اختارت الاردن وطناً قبل وبعد 1921، ويعتز بأنه اردني، ويحمل للوطن القديم كل أشواقه.
نحن كيان سياسي يجب ان يستقر في عقول ابنائه أو شركائه في الحياة والمصير، ثم في سلوكياتهم، ولا ينفع كل هذا التشتت، في الولاءات القبلية والجهوية والاقليمية، فالتنوع ثروة، والتعصب هو مقتل الوطن الواحد.
لنتفق على الجواب من نحن؟ ماذا نريد؟
المصدر: الرأي