نحن والجارة إيران: تشخيص جديد لمصلحة النظام (3)

مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/21 الساعة 00:28
لن ينجح الحلف الذي تحاول اميركا بناءه منها وإسرائيل ودول عربية (الأردن خارجه بالكامل)، لتمرير صفقة القرن، لمصلحة نتنياهو والاحتلال والاستيطان وتهويد القدس والخليل والضفة الغربية المحتلة، الذي سيقضي قضاء كليا على حل الدولتين.
واضح ان المخططين لم يأخذوا ردود فعل الشعب الفلسطيني وشعوب الاقليم العربية وغير العربية بالحسبان. فثمة حدود مناورة لا يمكن لاي نظام عربي ان يتخطاها، مهما كانت حدة الضغط الامريكي والاستجابة له. فالمناورة الممكنة في التأرجح بين المبدئي والتكتيكي، بين الصمود والتفريط، ذات شفرات ومقاصل حادة فاعلة.
حلف الأوهام والأحلام الذي يجعل ايران لا إسرائيل اولا، كانت نذر فشله جلية في «بروفة وارسو».
لن يصبح خطر النظام الإيراني القائم فعليا، موازيا لخطر الاحتلال الإسرائيلي، رغم أن نظام إيران يقدم مبررات العداء وهو يتباهى بأنه يحتل القرار السياسي كليا أو جزئيا في هذه العاصمة العربية أو تلك.
وقوفنا إلى جانب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني الشقيق، شعب الجبارين، ينطلق من اعتبارات ودوافع عديدة، اولها ان ما يحدث في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصرة، هو موضوع أمن وطني أردني. ناهيكم عن ارتباطنا الوثيق بما يحدث في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ولبنان وسيناء.
وبصراحة أخوية تامة، بصراحة الشريك الأبدي، فإن تجربة التحالف والتنسيق والعمل المشترك مع منظمة التحرير الفلسطينية، لم تكن سارة ولا مأمونة (والحديث عن صفقة أوسلو السرية). واننا لنصرّ ان تعاود آليات الحوار من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية فعلها بين فتح وحماس والفصائل الفلسطينية كافة، بحيث يكون التنسيق على أشده لمواجهة الإعصار المقبل، فإن لبلادنا مصلحة وطنية في التنسيق الكامل، الذي لن تتحقق المصالح المشتركة للشعبين الا به.
وتملي المصلحة العليا للامة ان يشمل التنسيق مصر وسوريا والعراق ودولا عربية اخرى.
وبصراحة مطلقة فإن النظام الإيراني يكسر ظهرنا ويضعفنا الى اقصى الحدود. فهو يحضر معنا حديثنا في وجباتنا اليومية الثلاث. فقد دخلت سياسات النظام الإيراني على كل حواراتنا اليومية.
وما هو يقيني ان سياسة النظام الإيراني الخارجية التوسعية، تجد رفضا ومقاومة متصاعدتين، والحسابات الصحيحة تقول ان من خلق أجراء مدفوعي الأجر، يستطيع خلق شركاء لا يكلفون خزينتها فلسا واحدا، لا بل يغلق التفاهم معهم قربتها المالية المخزوقة.
كانت الولاية والحكم الى ما قبل آية الله الخميني هي «ولاية عموم الفقهاء وحكمهم» وليس ولاية فقيه واحد، خشية أن يتحول الفرد الى حاكم مطلق. وكان النهج هو «شورى جميع الفقهاء» كما طالب بها العديد من المراجع الدينية الشيعية، أمثال اية الله حسين علي منتظري (فُرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله). والسيد محمد كاظم شريعتمداري (اتهم بتدبير مؤامرة لقلب نظام الحكم في الدولة). والمرجع محمد مهدي الشيرازي مؤلف موسوعة الفقه (حُبس في منزله ومنع من الخطابة والتدريس). ومراجع كربلاء والنجف الأشرف ومنهم أبو القاسم الخوئي وعلي السيستاني ومحمد سعيد الحكيم. والعلماء اللبنانيون محمد جواد مغنية ومحمد حسين فضل الله ومحمد جميل العاملي.
وفي كل الأحوال فإن ما يتم الان في طهران، هو تكرارٌ لما وقع قبل 500 سنة. تكرارٌ لما قام به مؤسس الدولة الصفوية السلطان إسماعيل، وهو «تسخير المذهب لمالك الذهب». و «تسخير رجال الدين في خدمة السلاطين».
القاعدة هي ان السياسة الخارجية، انعكاس للسياسة الداخلية. ولعل الوقت قد حان لمراجعة السياسة الداخلية الإيرانية واطلاق تشخيص جديد لمصلحة النظام بعد مرور 40 سنة على قيامه.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/21 الساعة 00:28