حل عملي مقترح لدمج ذوي الإعاقة.. بعيداً عن التنظير

مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/19 الساعة 12:38

بقلم: د. محمد ابوعمارة *

في كثير من الصباحات استيقظ على نداء أم... تناشد جلالة الملك المفدى بأن يؤمن مقعداً دراسياً لإبنها الذي يعاني من إحدى أنواع الإعاقات... وسبب المناشدة أن معظم المدارس التي تتقدم لها الأم ترفض قبول ابنها كون مدارسهم غير مهيأه لإستقبال هذه الفئة من الطلبة، وتبدأ رحلة معاناة الام والاب والشعور بالعجز الذي يشعره هذان الأبوان لا يقدر بثمن فكلاهما يشعر بالعجز الكامل كيف لا وهو لا يستطيع ان يؤمن لابنه أو ابنته الحد الادنى من حقوق الإنسان وهو حق التعليم... ومن هنا يلجأ هذا الأب أو تلك الأم إلى مناشدة جلالة الملك أو وزير التربية والتعليم أو غيرهما لإنقاذ طفلهم وتأمين مقعد دراسي له... وبعضهم ينجح وكثيرون يفشلون...

ومن جهة أخرى تجد أن العديد من مدراء المدارس يتهربون من قبول هؤلاء الطلبة لعدة أسباب أهمها : أن مدارسهم غير مهيأه لإستقبال الطلبة من حيث البنيان والتجهيزات وأيضاً لعدم وجود مختصين يمكنهم التعامل مع هذه الفئة من الطلبة وأيضاً للخوف من تحمل المسؤولية من جهة أخرى ولغياب تقدير أصحاب القرار لمثل هؤلاء المدراء...

وبين خوف هذا المدير... وعدم جاهزية تلك المدرسة تضيع فئة كاملة من الطلبة...

وتطالعنا الصحف والمواقع الإخبارية بين فينة وأخرى بأخبار عن نسب الإعاقات وأعداد المعاقين المتزايده بإستمرار وعدد المدارس التي تتقبل هذه الحالات والتي لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة والمشكلة أن تصريحات المسؤولين تتناقض مع الواقع الموجود ومع حجم الطموح والحلم...

فجوة كبيرة، وتقصير كبير من جميع الجهات تجاه هذه الفئة المهمة من الطلبة وأمام هذه الطروحات ما الحل؟

الحل لا يكون بمصباح علاء الدين ولا بعصاً سحرية وإنما بأخذ الموضوع على محمل الجد وبإيجاد حلول جذرية للمشكلة، ومنها قد نستخدم الخطوات التالية :

أولاً : يجب تصنيف حالات الاعاقة وحالات صعوبات التعلم وبطء التعلم والحالات القابلة للدمج من غيرها وذلك تخصيص مراكز تقييم في مديريات التربية والتعليم، وللعلم إن إنشاء مثل هذه الأقسام لا يتطلب سوى وجود شخص واحد فقط مؤهل قادر على استخدام المقاييس العالمية لتحديد أنواع الصعوبات ويمكن بعد ذلك تشكيل لجان اسبوعية مكونة من خبير نفسي وطبيب وأخصائي صعوبات تعلم لوضع التقرير النهائي إن لزم الأمر على أن تجتمع هذه اللجان عند الحاجة فقط وبشكل دوري وبذلك نكون قد حددنا تماماً نوع الإعاقة أو الصعوبة الموجودة لدى الطفل.

ثانياً : إنشاء غرف مصادر تعلم في جميع المدارس الحكومية والخاصة ووضعها كمتطلب رئيس للترخيص أو عند الإنشاء علماً أن إنشاء مثل هذه الغرف لا يحتاج الى التكاليف الباهظة التي يتخيلها القارئ فالتجهيزات الصفية هي عبارة عن تجهيزات صف عادي مع إضافة بعض وسائل الإيضاح ومساعدات التعلم. وجعل هذه الغرف في الطابق الأرضي حتى يسهل الوصول إليها للذين قد يعانون من إعاقات حركية.

ثالثاً: تزويد المدارس بمداخل خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة وهي لا تزيد عن كونها أرض مائلة تسمح للكرسي المتحرك الذي يجلس عليه الطالب من الوصول إلى الصف في حال وجود أدراج.

رابعاً: أود الإشارة إلى أن معظم أصحاب الإعاقات الحركية يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء المعرفي وبالتالي ليسوا بحاجة إطلاقاً لغرف مصادر وإنما بحاجة لتعاون من الإدارة في أن تجعل الغرف الصفية لهم في الطابق الأول وبعيداً عن الأدراج.

خامساً: تأهيل جميع الكادر التعليمي والإداري لآليات التعامل مع الحالات التي تضمها المدرسة، كل حالة على حده وتدريب المعلمين على آليات الدمج وتعريفهم على مفهوم المدرسة الدامجة ودور كل شخص في عملية الدمج.

سادساً : تأهيل وتوعية أقران الطلبة بزملائهم وتوجيههم لتقبلهم بحب وتحميلهم المسؤولية من خلال زرع القيم الإيجابية كالتعاون والعطاء وحب الخير وحب الآخر، وتدريبهم على مساعدة أقرانهم وزرع روح المنافسة بينهم لعمل ذلك.

سابعاً : تطبيق مبدأ الذكاءات المتعددة وذلك من خلال توجيه الطلبة ذوي الإحتاجات الخاصة إلى تخصصات تتلائم مع حاجاتهم الخاصة في المستقبل والتي تمكنهم من إختيار مهنة المستقبل حتى يستطيع كل منهم الإعتماد على نفسه وتأمين مصدر العيش في المستقبل.

ثامناً : توجيه الطلبة إلى المهن من خلال وضع برنامج توعوي تحت مسمى الصانع الماهر على سبيل المثال والذي يلفت إنتباههم إلى مهن غالباً ما أنهم لا يعرفون عنها شياً.

ومن خلال تجربتي بإدارة المدارس الدامجة أيقنت بأن تهيئة البيئة النفسية لإستقبال هؤلاء الطلبة يساعد بنجاح التجربة بنسب لا تقل عن (90%) وأكرر أن التهيئة لا تعني المادية فقط وأؤكد بأن التكاليف المادية قليلة جداً لمساعدة هذه الفئة المهمة من الأطفال.

وأعتقد أنه قد آن لنا أجمعين بأن نتحمل مسؤوليتنا الإجتماعية أمام مكون أساسي من مكونات المجتمع الأردني الذي نحب وكفانا طرح الشعارات الرنانة والعبارات البعيدة عن حيز التنفيذ.

*مدير عام مدارس الراي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/19 الساعة 12:38