لماذا تتلكأ الحكومة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/17 الساعة 09:19
بقلم: ينال البرماوي
يبدو أن القرار الحكومي أصبح يتحكم بآلية عمل دائرة الاحصاءات العامة المرجعية الوحيدة للدارسات الاحصائية في المملكة ودليل ذلك التلكؤ بالاعلان عن نسبة الفقر وفقا لآخر دراسة أجريت عام 2017 والعام الماضي صدرت أكثر من 10 تصريحات لمدير عام الاحصاءات « الاعلان قريبا عن نتائج دراسة الفقر... « ولا ندري قريبا أي وقت يقصده عطوفته.
من غير المعقول ان النسبة الرسمية المعلنة عن نسبة الفقر تعود الى العام 2010 وتبلغ 14.4 ٪ ولم يتم الاعلان عن النسبة الجديدة وفقا لآخر مسح أجري عام 2012 باعتبار ان دراسات الفقر تجرى مرة كل عامين فيما كشفت مصادر أن نسبة الفقر بلغت 20 ٪ بناء على الدراسة الملغاة نتائجها. وبحسب تقديرات البنك الدولي تبلغ 18.6 ٪.
مدير دائرة الاحصاءات قال في تصريحات صحفية نقلت عنه سابقا «تحفظنا على نسبة الفقر السابقة حيث أنه لم يكن قد أخذ بعين الاعتبار التغيرات الهيكلية في السكان مما يجعل النسب المستخرجة غير دقيقة ولا تعكس الواقع».
من الطبيعي في ضوء المتغيرات التي شهدها الاردن في آخر 5 سنوات على الاقل ان يشهد معدل الفقر ارتفاعا كبيرا بسبب تآكل الدخول والغاء الدعم عن السلع الاساسية وزيادة الضرائب وانحسار فرص العمل في القطاعين العام والخاص والتنافس الشديد عليها في سوق العمل نتيجة لاستضافة المملكة أكثر من 1.4 مليون من الاشقاء السوريين.
لا يوجد مبرر للتلكؤ بالاعلان عن نسبة الفقر المحدثة التي بحسب المصادر جاهزة لدى دائرة الاحصاءات العامة منذ أربعة اشهر على الأقل فهذه الارقام تضع الحكومة وكافة الجهات أمام حقيقة الواقع المعيشي للمواطنين والمهم ان يتم تعديل الأولويات للسنوات المقبلة بناء على الارقام الاحصائية وخاصة ما يتعلق بمحاربة بالفقر والبطالة.
جيوب الفقر في الاردن والبالغ عددها 35 منطقة وفقا لبيانات وزارة التخطيط من المرجح ان ترتفع وفقا لمسوحات الفقر الاخيرة والمنتظرة نتائجها. ومن المفيد اعادة تقييم وضع هذه المناطق وكيف أصبحت أوضاعها ودراسة اثر البرامج والمشاريع الموجهة اليها سابقا « ان وجدت اصلا « وفيما اذا كانت ناجعة او مجرد مسكنات ومهدئات آنية.
الرقم الإحصائي عامل أساسي لكيفية ادارة الشؤون التنموية والاقتصادية وتوجيهها بالشكل الذي يخدم المواطن على الوجه الأمثل وحتى تصيب الخطط والبرامج والسياسات الحكومية أهدافها مباشرة وتساهم في تحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر والبطالة.
من أسباب نجاج الدول المتقدمة وحتى كثير من الدول النامية أن عملها يستند قبل كل شيء الى نتائج الدراسات والمعطيات الاحصائية لتلافي العشوائية والتخبط في العمل واجتراح الخطط التي تدوم لعدة سنوات وتفرض الزامية الاستمرار بها وان تغيرت الحكومة والمسؤولين.
أردنيا الوضع مختلف تماما فمتوالية عمل الحكومات وللأسف يتجاهل تماما النتائج الاحصائية التي تصدرها دائرة الاحصاءات العامة بشكل دوري لمختلف القطاعات وخاصة الاساسية منها وتعطي مؤشرات بدقة عالية عن حقيقة الوضع الاقتصادي والفقر والبطالة والزراعة والسياحة والتعليم والانشاءات وغيرها.
وكل ما يرد في خطابات الحكومة عادة أرقام صماء تسوقها على ما يبدو من باب العلم بالشيء فعندما يتحدث المسؤول يحضر في ذهنه نسبة الفقر كذا والبطالة كذا وغالبية المؤشرات الاحصائية تستخدم فقط لتزيين الكلام ذلك ان الخطط تبعد كثيرا عن فحوى ما تقوله الارقام والتي تشخص واقع الحال والنتائج على الاغلب محكوم عليها بالفشل بدليل جملة البرامج التي اطلقتها حكومات متعاقبة للحد على الاقل من الفقر والبطالة ولكن المشكلتين باتجاه صعودي متسارع
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/17 الساعة 09:19