الإيمان بالشباب الأردني المبدع.. وليد تحبسم إنموذجاً
بقلم: مها درويش *
في منتصف العام 2015 ذهبتُ إلى قصر رغدان العامر لحضور احتفال أقيم بمناسبة عيد الاستقلال الـ 69 الذي منح فيه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله أوسمه عدة لمن لهم أيادي بيضاء في التطور والنهوض وتقديراً لجهودهم، وكنت متفاعلاً وسعيداً بهذا التقدير لكوكبة من أبناء الوطن .
ومِن بين التكريم جاء تقليد الاستاذ وليد تحبسم وسام الاستقلال من الدرجة الثانية تكريماً لجهوده في تطوير التعليم الإلكترونيّ وإنشاء منظومة تعليم إلكترونية في الأردن، وهنا وكأنني وجدتُ ضالتي؛ فتكريم هذا الرجل جاء في مجال تعمل عليه جمعية إبداع التي اعمل رئيسة فيها، كنت سعيدة بالحفل لكن سعادتي الآن أكبر؛ لأن هنالك مبدعون أكفياء في بلدي ويعملون في ذات المجال الذي اعمل به ويتم تكريمهم من قبل جلالة الملك، فغمرتني بالسعادة لا بل أنني
ناديت في نفسي قائلة : ملامحهُ توحي بأنه سيفهم كثيراً عليّ إذا ما تحدّثت له عن إبداعات شباب الجمعيّة .
وحين انتهى الحفل ذهبت أُبارك له وعرّفته بنفسي كرئيسة لجمعية ابداع وابلغته رغبتي أن التقي به خاصة وأننا نعمل بنفس المجال بالإبداع والابتكار وابدى موافقة على ذلك .
غادرنا الحفل وأمنيتي أن يتذكّر ويتصل وتُتاح لي فرصة لقاء مبدع ومفكر وصاحب نجاحات كبيرة في مجال اعمل عليه ليل نهار. مضت الأيام وبعد شهر جاءت مكالمة هاتفية من مكتبه لتحديد موعد للقاء، وقد سعدت جدا،ً وذهبت وأنا لا أعلم عنه إلا الوسام الذي حصل عليه، وحين دخلت مكتبه الواقع في منطقة اللويبدة شعرت أنني أمام شخص مميز جداً ينتمي للمكان وللوطن .
جلسنا وبدأت اتحدّث بحماسة عن جمعية إبداع ورؤيتها وإنجازاتها وشبابها وكان يستمع بإنصات واهتمام وترتسم البسمة على محياه، وهي ابتسامة شعرت فيها أمل وتفاؤل وتشجيع، حتى وصل الحديث إلى افتتاح الجمعية مركزاّ للروبوت في مخيم البقعة ونعمل فيه على برنامج للتعليم الإلكتروني وطلبت منه زيارة المركز ليخبرنا برأيه، فأجاب بالموافقة وقال : سأعمل معكِ لأنّكِ تتحدثين بحماسة عن الشباب وهم أولوية في اهتمامي. وفعلاً حضر للمركز وتحدّث مع الشباب الذين طرحوا ما لديهم من أفكار بخصوص برنامجٍ مبسطٍ عن التعليم الإلكتروني يريدون المشاركة بهِ بمسابقة دوليّة، فقدّم لهم ملاحظات مفيدة جداّ وابدى لهم استعداده أن يساندهم ويقف إلى جانبهم وأيضاً تدريبهم مجاناً في شركته، وهُنا أدركت أن لديه شركة ضخمة يديرها ومساهمات واعمال كثيرة في مختلف الدول وأن حجم العمل الملقى على عاتقه كبير جداً، وقتها لم تسعني السعادة لأنه منح هؤلاء الشباب من وقته الثمين وأدركت أن في وطننا مَن يهتم بإبداعات شبابنا وأن الخير موجود وأن في نهاية النفق هنالك ضوءٌ نهتدي إليه مهما كانت الطريق شائكة ومليئة بالصعوبات، فلا يخلو الوطن مِن العقول النيّرة المقتدرة التي تساند الشباب وتأخذ بأيديهم نحو تحقيق أحلامهم.
ثم مرّت الأيام وكبرت جمعية ابداع وأصبح لديها مخترعين ومشاريع وشباب تعمل بكل جد واجتهاد، ثم التقيتهُ مرة أخرى في أحد المؤتمرات الدوليّة وكان أحد المتحدثين؛ إذ أنه صاحب شركة عملاقة تمتد إلى عدة دول وهو كثير السفر والإنشغال، فطلبت منه حينها مساعدة مجموعة من الطلبة يعملون على عدة مشاريع وبحاجة إلى مَن يوجّههم لتصبح مشاريعهم قابلة للتنفيذ. وكعادته ابدى موافقة سريعة ليكون اللقاء مع الطلبة الذين استمع إليهم بشغف وابدى توجيهات هامة لهم جعلتهم يسيرون في الطريق الصحيح والسريع نحو تحقيق الحلم، إذ أن توجيهاته عجّلت لهم إنجاز مشاريعهم وتبرّع لهم بثمن تذاكر السفر للمشاركة بالمسابقة الدولية .
ما أبكاني حقاً ردة فعل الشباب اذ اختصروا اللقاء بثلاثِ جُمل :
الأولى : الآن شعرنا بالأمان والحنان والطمأنينة وأن لدينا مَن نستند إليه ويأخذ بأيدينا .
الثانية : أن الاستاذ وليد تحبسم طبّق بجلستين معنا رؤية جلالة الملك المفدى .
الثالثة : ليت رجال الأعمال يأخذون بأيدِ الشباب المبدع والمبتكر ويساندونهم في تحقيق احلامهم بدلاً من مشاعر الاحباط والعجز والقصور والتهميش والوحدة والخذلان التي يعيشون بها .
شكراً وليد تحبسم فأنتم إنموذج نفخر بهِ.
* ناشطة في العمل الإبداعي