بين يدي وزير الأوقاف
بقلم: عبد الله اليماني
علمنا ديننا الإسلامي الذي بني على كتاب الله عز وجل وسنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم حب التآخي والعدل والتسامح .، واحترام الديانات السماوية الثلاث (الإسلام ، المسيحية واليهودية)، ولكن كلما حدثت حرب غايتها أطماع استعمارية، تشتعل في الدولة الواحدة الحرب الطائفية وتمتد نيرانها إلى دول عربية وإسلامية. وتسفك فيها الدماء ويقتل فيها الأبرياء ويشرد بني البشر وتغتصب النساء وتنتشر فيها العمليات الإجرامية من قتل وسلب ونهب وسجن على الهوية والعرق والجنس والمذهب.
وأعداؤنا يقومون بمد نيران الفتنة بأدوات القتل والدمار التي يصنعونها من (أسلحة وذخيرة ومعدات) وهي محرمة استعمالها في بلدانهم لكنها محللة في بلادنا العربية والإسلامية فهي تحللالـ(دي أن) للقتلى بكل سهولة حيث يطلقون علية مسمى إرهابي الأطفال قبل الكبار والنساء قبل الرجال (اقتلوهم هؤلاء أعداؤنا). فأصبح التعايش الديني والمذهبي في بلاد العرب والمسلمين في حالة حرب دائمة. وخير دليل على ذلك ما يجري في العراق، اليمن، ومصر. وهناك حروب أخرى زينوها بغلاف فاضح كشف عوراتهم (إيجاد الديمقراطية في سورية).
وفي الأردن تحول الخطاب الديني ما بين مؤيد ومعارض ومناصر لهذا الطرف على حساب الطرف الآخر ولم يتوقف عند هذا المستوى لا بل انطلق بعض خطباء المساجد بالهجوم على الطرف الآخر. وقد ادخلوا المصلين في خطابات (الهجوم والتعبئة والتحريض الطائفي والمذهبي) على الفئات المتحاربة في الدول التي اشتعلت فيها نيران الحرب الطائفية وعدم القبول بان هناك أطرافاً أخرى لها غاية وهدف في إشعال هذه الحروب وبالتالي عدم قبول الطرف الآخر كمواطن له الحق في العيش الكريم على تراب وطنه في آمان وسلام.
وهنا أوجه سؤالي إلى سماحة وزير الأوقاف بالله عليك كيف يثق المصلون بإمام مسجد يعمل سائق حافلة لنقل الطلاب ويغيب عن صلاتي الظهر والعصر كونه يوزع الطلاب على منازلهم. وعندما يكبر هؤلاء الطلاب بماذا سيتحدثون عن سائق أم عن إمام مسجد؟ أئمة مساجد يتغيبون بشكل دائم عن صلاتي الظهر والعصر كونهم يعملون في التعليم الخاص أو العام. هل ترضى عن هذه الفوضى؟ وهل هذا الغياب عن وظيفته الرسمية في المسجد وتقاضيه راتبا حلال أم حرام؟ وهناك بعض الأئمة يتغيبون عن صلاة الفجر بحجة راحت علية نومة؟ هؤلاء إذا اشتكى منهم المصلون أو العاملون على فتح سماعات الأذان ونظافة المساجد تقع بينهم حرب تكسير عظام؟
هل يعقل أن الإمام الذي وفر له السكن والراتب وخصصت له الوزارة يوم إجازة لا يصلي يوم عطلته بالمصلين في المسجد ؟ هل هو مجرد موظف فقط ؟ وأخذه الإجازة تعني أن ليس لدية أية روابط بالمسجد . ما هذه العلاقة هل هي علاقة وظيفية وليست دينية ؟ هل هم مشايخ وظيفة؟ أم يؤدون واجبهم الديني عن قناعة تامة؟، وهناك وكما اعرف أسبوع للاهتمام بالمساجد لماذا لا تقوم الوزارة بتفعيله؟
لماذا لا يتم عقد ورش لهؤلاء الخطباء دورية وإعطائهم توجيهات حول رسالة المسجد في السلم والحرب، والأوضاع الاقتصادية في البلاد والصعوبات التي تواجه الوطن وكيفية التصدي لها وحث الشباب على العمل وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على فتح مشاريع تنموية تساهم في حل جزء من البطالة والفقر ؟وذلك بالموعظة الحسنة والكلمة الطيبة.
واعلم أن حمل الوزارة كبير جداً نظرا للعدد الهائل من المساجد التي تنتشر في ربوع الوطن والتي يزيد عددها على ( 6 آلاف) مسجد إلى جانب المصليات المنتشرة هنا وهناك. وهذا عبء كبير يقع على عاتق وزارة الأوقاف التي أكثر أعمالها إدارية بحتة وتحتاج إلى اهتمام ورعاية دينية أي آمين عام يتولى (الشؤون الدينية والإرشادية) وآخر يتولى (الشؤون الإدارية).
وأتوقف عند الخطاب القرآني أو الخطاب المدافع عن الإسلام كونه دين تسامح وأحيانا يدخلونه في الخطاب السياسي. وهنا يستمع المصلون أيام الجمع لهذه الخطب والأدعية التي يدعون فيها بعض خطباء المساجد حيث يصورون لـ (المصلين)، أن كل الأديان باطلة إلا ديننا الإسلامي الحنيف، وان هذا الدين يمحي وجود كل الأديان السماوية. ولا أدل على ذلك أحاديثهم هذا (مؤمن ، وذاك كافر)، وهذا زرع لنواة التطرف.
وهنا أتوقف اسأل نفسي كيف يصدقني جاري غير المسلم أني أكن له كل حب واحترام وتقدير وهو يستمع لما يقوله : خطيب المسجد وهو يشتم هذا كافر. ذكر خطيب احد المساجد كلاما يقدر بالذهب في خطبة يوم جمعة ، قال : غلاما يهوديا كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فمرض مرة فعاده صلى الله عليه وسلم، وعرض عليه الإسلام، وهذه هي القصة كما يحكيها أنس بن مالك رضي الله عنه. (أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ : أَسلِم . فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه : أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ . فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ).
وهنا تظهر السماحة والعفو ولين الجانب الذي كان يحمله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قلبه الرحيم. أين الذين يعتلون منابر رسول الله صلى الله علية وسلم مما يحدث في بعض مساجدنا؟
قال سيدنا محمد صلى الله علية وسلم اتركوها إنها(نتنه)..
وأخيرا إلى متى يبقى الخطاب الديني عامل تفرقة ونزاعات، وإشعال فتيل حروب مذهبية لا تنتهي. ومتى يتوقف كلام زرع الفرقة والنزاعات العرقية والطائفية؟