الأردن والعراق.. بیانات مكررة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/02 الساعة 23:28
في كل مرة یلتقي فیها الساسة الأردنیون بنظرائهم العراقیین تصدر البیانات التي تبعث على التفاؤل وتجدد الامل بتطور العلاقات.. وفي كل مرة یتبدد الامل قبل ان یجف حبر التواقیع منطقیا تبدو المهمة سهلة لكنها في الواقع بالغة التعقید العلاقات الأردنیة العراقیة ستبقى تراوح مكانها مهما تحسنت اللغة المستخدمة في البیانات ما لم یتجاهل البلدان الاصطفافات والمحاور من یستمع للبیانات التي یلقیها الساسة العراقیون والأردنیون بخصوص العلاقات بین البلدین یظن أنهما دخلا في وحدة اقتصادیة ولم یعد هناك أي عوائق في أي من مجالات التجارة والتنسیق والتعاون. هذا الانطباع الذي قد تشكله التصریحات والبیانات لا سند له على أرض الواقع فالتبادل التجاري ضعیف والرسوم للنقل والمرور مرتفعة وتنقل البضائع والركاب یحتاج الى أذونات ورخص قد لا تعطى في كثیر من الاحیان. تاریخ العلاقة بین العراق والأردن شابه الكثیر من التقلبات وصلت في إحدى مراحلها الى الوحدة بین المملكتین قبل ان تحصل الثورة والانفصال والتحول الى عداء وقطیعة لدرجة أن جواز السفر الأردني یسمح لحامله زیارات لكافة الأقطار ما عدا العراق كما حصل في أعقاب الانقلاب وحتى سبعینیات القرن الماضي وقبل ان تعود العلاقات ویحدث التقارب خلال الحرب العراقیة الإیرانیة وسنوات الحصار الأمیركي وحتى احتلال أمیركا للعراق. الیوم یرى الكثیر من التجار والصناعیین الأردنیین ان الفرص المتاحة للبضائع والمنتجات الأردنیة في السوق العراقي لا حصر لها ومع ذلك فان محاولات الحكومات الأردنیة المتعاقبة خلال الفترة اللاحقة للاحتلال الأمیركي للعراق لم تحقق النجاح المرجو ولم تفلح في تبني سیاسات ملائمة ومقنعة تمكن المنتج والتاجر والمقاول الأردني من الوجود في السوق العراقي وجودا فاعلا ومجدیا. في كل مرة یلتقي فیها الساسة الأردنیون بنظرائهم العراقیین تصدر البیانات التي تبعث على التفاؤل وتجدد الامل بتطور العلاقات الاقتصادیة والسیاحیة والسیاسیة بین البلدین وفي كل مرة یتبدد الامل قبل ان یجف حبر التواقیع على الاتفاقیات المبرمة بین البلدین دون معرفة الاسباب الحقیقیة لذلك. منطقیا تبدو المهمة سهلة لكنها في الواقع بالغة التعقید. منذ ایام صرح رئیس الوزراء العراقي بأن بلاده ستقدم النفط للأردن بأسعار تفضیلیة مقابل أن یقوم الأردن بخفض الرسوم على المستوردات العراقیة القادمة عبر میناء العقبة. تصریح المسؤول العراقي مهم لكلا البلدین لكنه لیس مستغربا ولا جدیدا فقد ظهر نفس التصریح في اعقاب لقاء المالكي بالبخیت العام 2006 والعبادي بنظرائه من رؤساء وزراء الأردن ممن التقاهم خلال فترة ولایته. الحدیث عن التعاون الأردني العراقي یفوق بكثیر ما یتحقق على الارض. ربما انها المرة الخامسة التي یجتمع فیها الأردنیون مع نظرائهم في الحكومة العراقیة ویصدر فیها بیان ختامي یتحدث عن النفط بأسعار تفضیلیة وخط نفط یصل بین البصرة والعقبة وكثیر من الافكار لتعاون اقتصادي یحتاج له الأردنیون والعراقیون. في الفترة التي اعقبت احتلال العراق كانت الطموحات عالیة والآمال كبیرة فتناوب الأردنیون والعراقیون على استضافة لقاءات متعددة بأجندات مكتظة. النفط والتجارة وإلاعمار وتسهیل التنقل والتعاون الامني كانت على قائمة الاجتماعات التي تؤكد مع انتهاء جلساتها على عمق العلاقات وضرورة التعاون واهمیة التنسیق وما الى ذلك من الأدبیات المجردة من الخطط والقرارات التي یمكن ان تنعكس على واقع التجارة والتبادل والمرور والأمن وغیرها من القضایا الحیویة والمهمة لكلا الطرفین. العلاقات الأردنیة العراقیة ستبقى تراوح مكانها مهما تحسنت اللغة المستخدمة في البیانات ما لم یتجاهل البلدان الاصطفافات والمحاور التي تشكلت على مدى العقدین الأخیرین. التاجر الأردني والمواطن العراقي والمقاول والمستثمر والسائح یودون الانتقال بین البلدین بحریة دون الامعان في التدقیق وهیمنة المخاوف والشكوك التي یروج لها البعض ویحاول إلزام الآخرین باستخدامها والتعبیر عنها في القول والموقف والفعل. الأردن والعراق یتشاركان بالكثیر من الخصائص والصفات والتطلعات التي ینبغي اعتمادها اكثر من البحث في حواشي الكتب الصفراء عن الاختلافات التي لم نكن نعرفها قبل حضور الأمیركان وأصدقائهم الى المنطقة. الغد
  • الأردن
  • اقتصاد
  • العقبة
  • مال
  • قائمة
  • جلسات
  • معان
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/02 الساعة 23:28