تجارب الزواج الفاشلة تنفر “العزاب” من حلم الارتباط

مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/02 الساعة 12:36
مدار الساعة - في جلسة نسائية ضمت الكثير من الصديقات، طغت لغة الندم والحسرة على الأيام السابقة لحياة مريحة وخالية من ضغوط الحياة، إذ بدأت المتزوجات بالشكوى من تجاربهن غير الناجحة، وتلك الحياة المليئة بالمسؤوليات الكبيرة التي تلقى على كاهل المرأة، ومزاجية وأسلوب الرجل الذي لا يتعاون ولا يعامل شريكته كما يجب. لم تكن تعلم غيداء سالم أن تلك الجلسة ستبقى عالقة في عقلها، وهي تستمع لصديقاتها وقريبات لها عن هموم الزواج ومشاكله، مقارنة بين حياة الفتاة وهي عزباء، فبدأ الخوف يسيطر من هذه المؤسسة التي ترى أنها تحتاج لتنازلات كبيرة. منذ ذلك اليوم، ولأنها لم يصدف وأن سمعت من محيطها عن أية تجربة سعيدة نقلت الفتاة لحياة أفضل من تلك التي كانت تعيشها، بدأت تقتنع أن وضعها الحالي أفضل بكثير من الإقدام على خطوة غير مدروسة، فبدأت ترفض كل من يأتي لخطبتها! تقول “أصبح كل شيء حولي ينفرني من الزواج ويؤكد لي بأنه قرار خاطئ”، تقول غيداء ذلك بعد أن أصبحت ترى الزواج بصورة مختلفة تماما، فلم تعد تلك الحياة الجميلة التي كانت تعتقدها أو الاستقرار الذي تطمح به أو حتى عائلة تحلم بتأسيسها. “أخشى الآن الدخول بتجربة الزواج وبعدها أختبر الفشل، ويدفع الأطفال الثمن”، هكذا بررت الثلاثينية شادية عبد الحافظ خوفها من الزواج ورفضها له. فشل زواج العديد من صديقات شادية وانفصال أختها عن زوجها الذي كان يعنفها وأخذ طفلتها منها ودموعها التي لم تتوقف يوما على ما فعلته بنفسها بخيارها الخاطئ بالزواج، يجعلها تفكر مئات المرات قبل أن تفكر في الزواج، واختبار تجربة شبيهة. في حين أن لينا علي التي عملت كمصلحة اجتماعية في إحدى الجمعيات المعنية بالإصلاح السري جعلها ترفض التفكير في الزواج نهائيا. تقول “في اليوم الواحد يمر علينا عشرات القضايا التي توجع القلب ولم أعد أرغب بالزواج أبدا”، متابعة لم يعد الزواج ذلك الحلم للفتاة ولم يعد ذلك الفستان الأبيض الذي تنسجه كل فتاة في خيالها، فلم يبق عالقا سوى تعنيف زوج وتشرد أسرة وتقليل دائم من شأن المرأة. لم يقتصر الخوف من الإقبال على الزواج ودخول هذه التجربة على الفتيات، إذ أن الشباب ليسوا أفضل حالا وفق الثلاثيني محمود الأدهم. يقول التجارب التي حوله مع أصحابه وأقاربه تبدد فكرة الزواج، مضيفا انه لم يعد كالماضي فالأوضاع الإقتصادية تلعب دورا كبيرا في إستقرار الأسرة وسعادتها. ويقول كثير من العلاقات الزوجية فشلت، وانتهت بسبب الأوضاع المادية الصعبة، فلم يعد الزوج قادرا على تلبية احتياحات زوجته وأطفاله وبيته واحتياجاته الشخصية، فأصبح أشبه بالكابوس للعزاب. من جهته يبين أخصائي علم الاجتماع الأسري رئيس جمعية العفاف مفيد سرحان أن الجانب الاجتماعي يتغلب أحيانا على الاقتصادي بالعزوف عن الزواج، والتخوف من الإقبال عليه. ويرى سرحان أن التجارب الفاشلة في الزواج سواء داخل الأسرة او من خلال الأصدقاء والمحيط الاجتماعي، ينعكس سلبا على نفسية الشخص سواء كان ذكرا أو أنثى لأنه يرى في الزواج بابا من أبواب المشكلات والخلافات التي لا تنتهي، معتقدا أن ذلك من اكثر الأمور تأثيرا على الشخص. ويذهب إلى أن وجود حالات كبيرة للطلاق داخل الأسرة وبين الأقارب يدفع الكثيرين للهرب من فكرة الزواج، لكنه يرى في الوقت ذاته أن هذا الواقع لا ينبغي أن يدفع الشباب للمبالغة، إذ أن هنالك حالات كثيرة ناجحة وفيها انسجام كبير لأنها مبنية على أسس صحيحة وواضحة وشراكة حقيقية. وهناك أسباب أخرى، وفق سرحان تزيد من الخوف من الزواج كالظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع التكاليف ومتطلبات الحياة مما يجعل البعض يتأخر لفترة، ربما تقل بعد ذلك فرص الزواج. كما أن ما يسود مجتمعاتنا من ثقافة استهلاكية وتقليد للآخرين ومباهاة وغلبة النفقات غير الضرورية والأساسية على متطلبات الحياة الأساسية، أسباب تؤخر الزواج أو تجعل البعض يغض النظر عنه. ويستغرب سرحان من تصوير الزواج من بعض وسائل الاعلام المتعددة بانه بوابة للمشكلات والتضييق على حرية الشخص الفردية، اذا ينبغي أن يدرك المجتمع اهمية الزواج وبناء الاسرة واثر ذلك على الاستقرار النفسي. وأمام هذا الواقع الذي لا يمكن انكاره، يلفت سرحان إلى أهمية أن يقوم الزواج على أسس صحيحة وسليمة وعدم التسرع، وأن يكون مدروسا وقائما على أسس واضحة مع ضرورة عدم التأثر بوسائل الاعلام المختلفة والبرامج والأعمال الفنية التي تركز بكثير من الأحيان على السلبيات ولا تذكر الايجابيات بالرغم من كثرتها. ويعتبر أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة أن التخوف من الزواج حالة مرضية بغض النظر عن الظروف المحيطة بالشخص باعتباره حالة فردية لا يمكن تعميمها على كل العلاقات. ويجد مطارنة أن من الطبيعي أن يكون الشخص راغبا بالزواج ويملك مهارات الاحتواء والعاطفة والرغبة في تكوين أسرة حتى وإن تعرض لمشكلات وفشل أحيانا بالاختيار أو تشكلت لديه خبرات سيئة، إذ لا يعني ذلك التخوف منه وعدم الإقبال عليه، أو يجعل الآخرين يؤثرون على قراراته، لأن كل تجربة تختلف عن الأخرى. ويؤكد مطارنة أن الظروف الاقتصادية لا تعني عدم الرغبة في الزواج لكن تحول دون تحقيقه بأوقات كثيرة، لافتا إلى أن غير ذلك هو مشكلة نفسية خاصة في الشخص ولدت لديه هذا الشعور. ويضيف، الزواج حالة يرغب فيها الجميع لأنها تلبي الطبيعة البيولوجية، العاطفية والاجتماعية واشباع رغبة الأمومة والأبوة ومطلب حياتي وأساسي لبناء المجتمع. الغد
  • مدار الساعة
  • جلسة
  • صورة
  • لب
  • شباب
  • رئيس
  • اقتصاد
  • ثقافة
  • أعمال
  • يعني
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/02 الساعة 12:36