باوزير يكتب: اليمن في الوثائق الهاشمية

مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/02 الساعة 09:39
بقلم د. باسل باوزير الجزء الثاني: حسن البنا واليمن
يتناول هذا الجزء من سلسلة اليمن في الوثائق الهاشمية الأردنية تداعيات مقتل الامام يحي حميد الدين سنة ١٩٤٨ والدور الذي اضطلعت به جماعة الإخوان المسلمين في هذا الحدث وما تلاه، كما نعرض لموقف الملك عبدالله الأول بن الحسين الصارم من رفض التدخلات في اليمن. كُتبت العديد من الدراسات والمقالات حول العلاقة المبكرة بين الاخوان المسلمين واليمن خاصة (كما أشرنا) دور الاخوان في أحداث ما عُرف بالانقلاب الدستوري سنة 1948 ومع أن أغلب المؤرخين يعتبرون حركة سنة 1948 ضد الامام يحي حميد الدين هي "انقلاب" بتخطيط وتمويل كامل من قبل جماعة الاخوان المسلمين وبإشراف مباشر من قبل مرشدها حسن البنا غير أن البعض الآخر يرى أن دور الإخوان المسلمين في هذه الحركة قد تم تضخيمه من قبل كتاب الجماعة أنفسهم ومن قبل خصومهم في ذات الوقت لغاية مختلفة اجتمعت لدى الفريقين. أياً يكن من أمر، فإن تناول أحداث سنة 1948 باليمن وعلاقة الإخوان المسلمين بها، هي من قبيل ركوب الصعب الذي تسهله سبر روايات التاريخ وفحص وثائقه التي بين أيدينا، عسى أن نسهم في الاضاءه على ما عُتم منه.
كان حسن البنا على صلة قوية وممتازة مع الامام يحي، ومن قوة هذه الصلة أن أطلق حسن البنا على إبنه الوحيد اسم أحمد سيف الاسلام تيمناً بألقاب أبناء الإمام يحي الذين كان يُطلق عليهم السيوف وخاصة الابن الأكبر للامام سيف الاسلام أحمد. وضمن الدلائل على قوة ومتانة هذه الصلة ما حدث فى سنة 1938، عندما شارك وفد يمنى برئاسة الأمير عبدالله ابن الإمام يحيى فى المؤتمر البرلمانى العالمى لمناقشة قضية فلسطين، لجأ الوفد إلى حسن البنا لترشيح سكرتير خاص ومترجماً للوفد، فاختار البنا لهذه المهمة عضو جماعة الإخوان محمود أبوالسعود، وسافر مع الوفد إلى لندن وباريس. تزخر الوثائق الهاشمية (أوراق عبدالله ابن الحسين) بالعديد من الخطابات التي كان يرسلها مرشد الاخوان حسن البنا ومندوبه في اليمن عبدالحكيم عابدين إلى الملك عبدالله ابن الحسين, حيث تعكس هذه المراسلات حجم حضور جماعة الاخوان المسلمين في اليمن ودورها في أحداث سنة 1948 من جهة، والآمال التي كان البنا يرجوها من نجاح دعوته في اليمن وسيطرتها على الحكم. - برقية بتاريخ 14/3/1948 من مرشد الاخوان المسلمين حسن البنا إلى رئيس الديوان الملكي الهاشمي الأردني, يوضح البنا فيها طبيعة مهمة مندوب الاخوان المسلمين إلى اليمن, ويقدم في البرقية رؤيته لحل المشكلة اليمنية.
يقول البنا في نص برقيته: . . . كان من مهمة مندوب الاخوان لصنعاء (عبدالحكيم عابدين) أن يقوم جاهداً بإقناع رجال الحكومة اليمنية الجديدة بالعمل على إطفاء الفتنة بأية وسيلة وتوحيد كلمة الأمة .. وقدم البنا في برقيته مبادرته للحل السياسي في اليمن الذي يقوم على أن يقبل مسؤولي الحكومة الجديدة في صنعاء: ١- القبول بتحكيم الجامعة العربية.
٢- اعلان دستور يمني على قواعد الميثاق القومي.
٣- اصدار عفو عام عن كل السياسيين وغيرهم.
٤- تأليف الدولة الجديدة من:
. الأمير أحمد حميد الدين إماماً دستورياً بعد مبايعته من أهل الحل والعقد.
. السيد عبدالله الوزير رئيساً لمجلس الشورى.
. تشكيل حكومة دستورية محددة الاختصاصات.
٥- تتولى الجامعة العربية حراسة الدولة الجديدة حتى تستقر الأمور.
- رسالة بتاريخ 26/3/1948 من الملك عبِدالله بن الحسين إلى السيد عبدالرحمن عزام أمين عام جامعة الدول العربية, يبدي فيها رأيه حول المسألة اليمنية وضرورة ابعاد الغرباء ومن ضمنهم الاخوان المسلمين عن التدخل في اليمن. جاء في الرسالة: (عزيزي عزام باشا. . فقد سرني انتهاء مسألة اليمن بغير ما مشقة... والآن اليمن بيد إمامه وفيه أهله ومن الخير أن تترك تلك البلاد تعمل لنفسها بنفسها وأن لا يتدخل فيهم من هم غرباء عنها إن كانوا من الاخوان المسلمين أو من الآخرين, وكما قال المثل أهل مكة أدرى بشعابها . . ., والأمور تأتي وسيكون لليمن دستور يلائم قديمه ويتمشى مع جديده وذلك بمشيئة أهله وافتقارهم إليه ..).
مدار الساعة ـ نشر في 2019/02/02 الساعة 09:39