مليونية إدراك، الرسالة والمسؤولية
جاحدون من يتهمون الاردن بالإقليمية أو بمرادفاتها، فتاريخه الناصع يعج بالمحطات الوحدوية؛ التي إن قرأت بموضوعية ملكت القدرة على تشتيت و تبديد كل تلك التُرهات، ولعل الجهد الاردني العام في كل المجالات ومنها التعليمي، بتعدد تجلياته ومساراته وآخرها ما يعرف بمنصة إدراك مثال جلي و عامل حاسم في خلق بيئة تعليمية موحدة لتوجهات المتعلمين بالرغم من اختلاف مرجعياتهم السياسية، وثقافاتهم المجتمعية، وخصوصياتهم العرقية.
اليوم تخطت منصة إدراك حاجز المليون مُتعلم من افريقيا وأسيا العربيتين، إلى جانب الكثير من الشباب العربي المغترب سواءً بإرادته؛ بحثاً عن مستوى انساني لائق من التعليم والتنمية والمشاركة، أو ذلك المقهور الذي دفعته للهجرة موجات العنف المسلح والابادة في بلاده تحت عناوين الثورة أو محاربة الارهاب.
منصة إدراك فرع من مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية، تطرح من المساقات المجانية المختلفة ما يعتبر ضرورة مُلحة للحياة اليومية للشباب العربي، و التي من شأنها تشكيل ثقافة مشتركة بين جنسيات مختلفة من جهة، و تمكين المتعلمين من اكتساب المهارات اللازمة للتكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية من جهة أخرى.
لا شك أن الفعل الوحدوي يبدأ من نظريات تعليمية وثقافية متسقة، فتشكيل حالة من التماثل الذهني والاقتراب الوجداني كفيلة بأن تؤسس لجيل شبابي، قواسمه المشتركة أكبر من تناقضاته نحو التسامح والوسطية والمعرفة؛ وهذا ما تسعى له منصة إدراك من خلال تقديمها لمحتوى معرفي موحد وبشكل مجاني للشباب العربي، الذي ينتظر من نخبه السياسية والقيادية الكثير، فكانت تلك الاستجابة من جلالة الملكة رانيا من خلال المظلة التعليمية والتنموية الواسعة ممثلة بمؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية.
وهنا ليسمح لي القارئ أن اقترب اكثر في الحديث عن منصة إدراك؛ كون الجامعة الالمانية الاردنية و الجامعة الهاشمية في هذه المرحة الآنية من ابرز المؤسسات التعليمية التي بدأت تشتبك اكاديمياً بشكل ايجابي مع المنصة؛ من خلال وضع بعض المساقات على المنصة وأهمها مساق التربية الوطنية، والذي يقوم الكاتب بتدريسه في الجامعة الالمانية الاردنية.
وإلى جانب التوجه العام في طرح المساقات بشكل إلكتروني، إلا أن إدراك أحدثت إدراكاً جديداً لدى المتعلم بمدى أهمية التعليم المُدمج أيضاً والذي يزاوج بين اللقاءات الصفية المباشرة بين المدرس وطلابه، و التفاعل الذاتي مع المنصة، فكما هو معروف بأن التربية الوطنية تقوم على بعدين أساسين احدهما نظري؛ بما تحويه المنصة من مادة علمية غنية ومُحدّثة ، والأخر سلوكي والذي يعنى بتطبيق البعد الأول على الواقع الانساني ضمن نطاق الجامعة أو المجتمع عموماً.
فالانطباعات المتشكلة لدى المتعلمين عن هذا التوجه كانت مُرضية بالمجمل، وتعزز فكرة الانفتاح على كل ما هو جديد ونافع، ومن العدل والحكمة التعاطي معه بصورة موضوعية وعقلانية وان نقترب منه أكثر ما دامت أن نتائجه ايجابية ويحدث فرقاً واضحاً بالمخرجات التعليمية. و لهذا الانجاز الاردني نقدم الشكر الموصول لجلالة الملكة رانيا، ولكافة طاقم إدراك واللذين عملت معهم عن قرب عند انشائنا لمساق التربية الوطنية، ووجدت فيهم الكفاءة المعرفية والاصرار على العطاء المُميز.
Adel.hawatmeh@gju.edu.jo