يا راعي الخير
مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/25 الساعة 17:59
كتب : محمد عبدالكريم الزيود
السلام على غريسا وأنت تعبر "بحلالك " مروجها وموارسها، فما زالت تنبت بيادرها خيرا وما زالت مروجها تنتج طيبا، يا حفيد فارس الكرم والجود "بركة المصطفى المعلا" ، فقد مرّ على هذه الدروب، وصنع مجدا من طيب وقهوة وقصائد، وصعد بحوافر خيله هذه التلال، وأسرج عليها نصرة للمظاليم، وترك بيته مشرعا للضيوف والمحتاجين والسمّار، وسيفه نارا على الظالمين والإقطاعيين.
تعال أعبر "بمعزك وجديانك" هذه المراعي ، فلم تعد هناك من يحتملها إلا أنت ، وفاضت مياه آبارها التي حفروها أهلك يوما على البساتين، فتدلت قطوف العنب على الدوالي، ونضج التين على عوده، كانت هذه المروج تموج بالقمح، واليوم لا قمح ولا تين ولا عنب وكثير من الغضب والعتب.
اليوم يا عم أصبحت قرانا مدنا، وصلتنا المدنية والكهرباء والإنترنت، لم يعد "لحلالك " مكان معها، وإبتلع الحجر الأبيض والقرميد والإسمنت كل المراعي وأماكن "السراحة"، لم يعد يحمي هذه الموارس إلا الزيتون ، يكافح وحيدا ويقاتل ليعيش حارسا للتلال.
إمض وحافظ على رؤوس غنمك ، فقد غادرنا الخير والبركة منذ تركناها ، وتركنا الأرض وركبنا السيارات الحديثة ، ذهب الحراث يبحث عن وظيفة في مصنع ، وإنتظرنا الراتب كل شهر ، ووسعنا المضافات ولكن بلا ضيوف، فضاقت الصدور، وتاهت البوصلة والسطور.
يا راعي الخير وفيّ وجع من وجعك، ومن وجع القرى المنسية من الحكومات، إمضِ وإعبر الطريق فلست وحدك، فأنت من بقية أهل "الحلال" المتعبين، حرّاس البلاد وسادتها، وآخر ما تبقّى لنا من الطيبة والقناعة والرزق الحلال، وبقيّة وطن نشدّ عليه بالنواجذ، وبقيّة أهلنا الطيبين القابضين على جمر الوطن.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/25 الساعة 17:59