30 عائلة أردنية وسورية مهددة بالإخلاء
مدار الساعة- تشكو 30 عائلة سورية وأردنية بانها باتت مهددة بشبح التشريد اثر صدور قرار بالاخلاء من مساكنها، التي تديرها جمعية خيرية بضواحي عمان، معتبرة أن الاخلاء اليوم يأتي بعد أن تقطعت بهم السبل، وبما يعد تراجعا من قبل الجمعية عن الاسس التي تم على اساسها تسكينهم هذه الشقق "الخيرية".
وفيما تسعى العائلات المتضررة إلى استئناف قرار الاخلاء، على اعتبار انها "حصلت على تلك الشقق ضمن برامج لتسكين الأسر العفيفة"، فإن جمعية العروة الوثقى الخيرية، مالكة الشقق، تؤكد أن "الشقق التي صدر بها قرارات اخلاء "سيتم تسكين عائلات أردنية أخرى أكثر حاجة لها".
وبانتظار قرار محكمة الاستئناف تجاه قرار الاخلاء، فإن حالة من الاحباط والقلق من المجهول تبدو ظاهرة على العائلات القاطنة في المساكن الواقعة في صالحية العابد، بمنطقة ماركا الجنوبية، حيث استمعت لشكاوى العائلات، المكونة من 26 عائلة سورية وأربع عائلات أردنية، يصل تعداد افرادها لنحو 200 فرد.
يشرح أحمد، وهو أحد اللاجئين السوريين المتضررين، كيف انتهى بهم الحال من لاجئين في مخيم الزعتري إلى عائلات "مهددة بالطرد" من مساكنهم بعمان، بعد ان وعدوا بان تكون لهم طوال فترة اقامتهم في المملكة، ولحين انتهاء الازمة السورية.
يقول أحمد، القاطن في شقة هي واحدة من 56 شقة موزعة على بنايتين تمتلكها الجمعية، تحت اسم مشروع "القرية الطيبة لإيواء الأسر"، إن العائلات السورية المقيمة في المأوى دخلت للأردن مع بداية الازمة السورية، "منا من كان يقيم في مخيم الزعتري والمفرق وعمان، وكنا منتفعون من الخدمات التي تقدمها جمعيات خيرية مختلفة"، مشيرا إلى أن جمعية المركز الإسلامي الخيرية "طرحت علينا العام 2013 الاستفادة من السكن المجاني في صالحية العابد، بعد ان تبرع محسنون كويتيون بكلفة الاقامة والمعيشة في الشقق".
"تسلمت نحو 56 عائلة سورية الشقق بحفل رسمي حضره السفير الكويتي والمحسن الكويتي، يومها قال الاخير لنا إن خروجنا من الشقق سيكون عند عودتنا لسورية بعد انتهاء الأزمة. ويتابع احمد: "العام 2015 ابلغتنا جمعية المركز الإسلامي أنه لم يعد لها علاقة بالسكن، وانها اشترت سكنا أخر في منطقة قرية خالد بن الوليد بأطراف العاصمة تم تحويل عدد محدود من العائلات للسكن الجديد فيما بقيت الغالبية هنا".
يقول متضررون إن جمعية العروة تسلمت المشروع، "ثم بدأت تنهال علينا ضغوطات بفرض ايجارات كانت قيمتها بالبداية 100 دينار شهريا، ثم ارتفعت إلى 125 واخيرا 135 دينارا، دفع ذلك بعض العائلات للبحث عن حلول أخرى والخروج من السكن، فيما تم توطين آخرين بدول أخرى، وفي المحصلة بقيت 26 عائلة في السكن".
ويبين احمد "لم تكن العائلات قادرة على سداد قيمة الايجار، اغلبها عائلات أرامل أو جرحى، حتى من لها معيل فغالبيتها العظمى من غير العاملين، أو يعملون مياومة وبشكل متقطع".
"مع عدم القدرة على دفع الايجارات وانقطاع الماء والكهرباء نتيجة عدم القدرة على دفع الفواتير، وقرار الاخلاء أصبحنا أمام مستقبل مجهول، اليوم لا نستطيع الاستفادة من خدمات أي جمعية أخرى، حتى العودة للزعتري اصبحت مستحيلة"، ويتساءل: "إن لم يكونوا على ثقة بقدرتهم على ايواء العائلات منذ البداية، لماذا تم اخراجنا من الاماكن التي كنا نقيم بها سابقا؟!".
في شقة احمد اجتمع أفراد ممثلون لعشر عائلات سورية في السكن، جميعهم أكدوا على ما قاله أحمد. أحد السكان قال انه تمارس عليهم ضغوطات لاخلاء مساكنهم.
يقول اللاجئون السوريون "التزمنا بكل متطلبات وشروط الجمعية من حضور دورات تربوية ودينية، وغيرها من الشروط التي تتعلق بطبيعة التصرف داخل السكن، لكن ذلك لم يشفع لنا بالبقاء، تسعى الجمعية لاحلال عائلات اخرى في السكن".
بدورها، أكدت جمعية العروة الوثقى، على لسان نائب رئيسها ايهم علان توجه الجمعية لاخلاء الشقق من 30 عائلة، 26 منها من السوريين، وقال ان "أسباب اخلاء الأسر السورية تختلف عن اسباب اخلاء الأردنيين".
ويبين أن "الجمعية تمتلك 5 بنايات، فيها 140 شقة في صالحية العابد، في العام 2013 استأجرت جمعية المركز الاسلامي بنايتين من العروة الوثقى، تحوي كل بناية منها 28 شقة لتسكين عائلات لاجئين سوريين، تم توقيع العقد لمدة عام، بعد نهاية العام الأول تم تجديد العقد لمدة عام آخر".
ويزيد "بعد انتهاء العقد ، طلبنا من السوريين دفع ايجارات الشقق لكنهم امتنعوا رغم ذلك استمررنا باستضافتهم لمدة عامين آخرين، لكن الآن وجب اخلاؤهم للشقق".
يشير علان إلى ما قال انها "الخسائر المادية" التي تكبدتها الجمعية نتيجة تواجد اللاجئين في الشقق، فالى جانب امتناعهم عن دفع الايجارات فان للشقق تكاليف جارية، فضلا عن تكاليف الصيانة بعد الاخلاء".
ونفى علان أن يكون السبب وراء الاخلاء استخدام البنايتين لغايات الاستثمارية، ويقول ان "الجمعية تمتلك في صالحية العابد 5 بنايات، كل بناية تحوي 28 شقة، وفيما كانت جمعية المركز الإسلامي استاجرت شقتين لغايات تسكين السوريين، فإن البنايات الثلاث الاخرى تقطن بها عائلات أردنية عفيفة".
ويتابع "سنعمل على تسكين عائلات أردنية عفيفة في الشقق التي يقيم بها السوريون اليوم، يوجد في الأردن أكثر من مليون لاجئ سوري ولا يختلف وضع هؤلاء عن غيرهم، فيما ترزح العديد من العائلات الأردنية تحت وطأة الفقر وهم اولى بالتسكين". معتبرا أن "حل مشكلة السوريين تقع على عاتق المركز الإسلامي وليس العروة".
مدير البرامج التنموية في جمعية المركز الإسلامي فواز المزرعاوي أوضح أن "الجمعية تلقت تمويلا كويتيا لتسكين عائلات سورية بداية الأزمة، وبناء عليه استاجرت مبنيين من العروة الوثقى"، وقال "المحسن الكويتي دفع تكاليف الايجار بالعام الأول، لكن بالعام الثاني قرر المتبرع شراء شقق لتسكين اللاجئين، وبالفعل تم الشراء بمنطقة خالد بن الوليد في ماركا الشمالية وتم انشاء سكن كرامة، حيث يبلغ عدد الشقق 59 شقة".
وأكد المزرعاوي أن "المركز الإسلامي عرض على جميع اللاجئين السوريين المقيمين في الصالحية الانتقال، لكنهم رفضوا لان موقع سكنهم الحالي أقرب للاسواق، ومع ذلك تحملت الجمعية كلفة الاقامة للعام الثاني".
في المقابل، نفى اللاجئون أن تكون "المركز الاسلامي" قد عرضت عليهم الانتقال إلى سكن خالد، وقالوا "ان عائلات محددة تم نقلها للسكن الجديد وضمن شروط محددة".
يبلغ عدد اللاجئين القاطنين في اسكان كرامة 400 لاجئ ويشترط للانتفاع من خدمات الاسكان ان يكون أفراد الأسرة مرتفعا أو وجود أرامل أو أيتام، أو حالات مرضية.
وأكد مزرعاوي استعداد "المركز الإسلامي" لاستضافة العائلات الـ26 شريطة أن تتوفر فيها الشروط، ومنها أن يكون الحد الأدنى لعدد أفراد الأسرة 7 أفراد.
وقال: "يبلغ عدد الغرف في الشقة الواحد 3 غرف نوم، لذلك نسعى لتحقيق الاستفادة الكبرى لأكبر عدد ممكن من الأفراد". ويلفت كذلك إلى وجود افراد قادرين على العمل أو يصلهم دعم مالي من الخارج"، معتبرا ان هؤلاء لا تنطبق عليهم الشروط.
وتختلف قضية العائلات الأردنية المهددة بالإخلاء عن نظرائهم السوريين.
ويروي عليان جابر قصته ويقول: "أعمل موظفا في أمانة عمان بمكب النفايات براتب 350 دينارا، كنت اسكن بالاشرفية بمنزل من غرفة نوم وصالة بايجار شهري 60 دينارا، لدي 6 أبناء، اثنان منهما يدرسان على مقاعد الكلية".
ويتابع "تقدمت بطلب لأحد الجمعيات للحصول على دعم لأبنائي الجامعيين، بعد فترة طلبت الجمعية زيارة منزلي لاجراء دراسة اجتماعية، وبالفعل حصل ابنائي على الدعم".
"لست من رواد الجمعيات. لم أكن اعرف جمعية العروة الوثقى إلى ان طرقوا بابي وطلبوا مني تقديم طلب للحصول على سكن في الصالحية".
ويزيد "تقدمت بالطلب واحضرت الوثائق المطلوبة، بعد ذلك زرت السكن. بالمقارنة مع سكني السابق 3 غرف نوم ومغسلتين، قلت حينها الرب الكريم اراد اكرامي، انتقلت للسكن هنا العام 2015".
ضمن الشروط التي تعهد بها عليان، دفع مبلغ 30 دينارا شهريا كخدمات للعمارة، ابلغته الجمعية أن المشروع سينتهي بالتمليك، كما يقول، لكن المفاجاة كانت بعد 6 أشهر، حيث تم توقيع السكان على ورقة جديدة، تقضي بدفع ايجار 250 دينارا، فيما تم تمليك شقق اخرى للسكان الاردنيين مقابل توقيع كمبيالة بقيمة 25 ألف دينار.
"لم اقرأ الورقة عند التوقيع، قيل لي انه اجراء روتيني فقط، لكن بعد فترة رفعت الجمعية قضية اخلاء بحجة اني لم التزم بدفع الايجار".
تتشابه قصة عائلة جابر مع عائلة النوري، التي باتت اليوم مهددة بالتشريد كذلك بعد امر الاخلاء.
تروي قمر، وهي الابنة الجامعية للعائلة، قصتهم وتقول "اعيش مع امي واخوتي الخمسة في الرصيفة، والداي منفصلان وتتلقى والدتي نفقة قيمتها 190 دينارا شهريا، وهو لا يكفي للعائلة".
وتزيد "كنا نتلقى مساعدات من جمعية رعاية اليتيم التابعة للمركز الاسلامي بالرصيفة إلى ان عرض علينا الانتفاع من مشروع الايواء التابع للعروة الوثفى، انتقلنا للسكن هنا العام 2015 ضمن ذات الشروط؛ دفع مبلغ 30 دينارا شهريا كخدمات، لكن بعد فترة طلب منا التوقيع على عقد ايجار بـ 250 دينارا شهريا".
"بعد توقيع العقد بفترة طلبت الجمعية اخلاء السكن لعدم سداد الايجارات، كيف ولماذا؟!، لماذا تعرضون علينا ان نغادر منزل العائلة بالرصيفة بوهم الحصول على منزل أفضل، ثم نوقع على عقود نحن غير قادرين على الوفاء بها؟ كيف تسمح وزارة التنمية الاجتماعية بهذا؟ وما الغاية؟".
وأوضح نائب مدير جمعية العروة ايهم علان انه "يوجد نحو 114 عائلة أردنية تقيم في مشروع الايواء، وهو مشروع يسعى إلى الانتهاء بالتمليك، لكن اشكالية الاخلاء كانت مع 4 عائلات فقط، وذلك لاسباب تتعلق بافتعال هؤلاء لمشاجرات مع الجيران أو عدم الالتزام بالشروط المسلكية التي تم الاتفاق عليها عند التسكين".
وتقر كلا من عائلتي جابر والنوري بان ابناءهم القصر شاركوا بمشاجرات مع سكان آخرين، لكن هذا النوع من المشاكل "أمر طبيعي ومتوقع في أي منطقة سكنية".
ولفت جابر إلى الشروط التي وضعتها العروة الوثقى للسكان للاستفادة من السكن، ليست الاشكالية في الحفاظ على علاقات جوار طبية فهذا أمر مفروغ منه من ضمن تلك الشروط كذلك حضور الحصص التربوية والدينية للجمعية إلى جانب الالتزام بزي معين للنساء، وفي حال عدم الالتزام يتم تسليم انذارات للعائلات.
وأكدت قمر ومجموعة سكان المشروع على هذه الشروط، وانه "في حال لم تلتزم الاسر بهذه الشروط يتم اخلاؤها بحجة عدم دفع الايجار أو بواسطة الكمبيالات الموقعة".
من جانبه بين علان أن "المشروع يضم سكانا من مناطق مختلفة، وبكل تأكيد هناك اختلافات بينهم، لذلك فان الجمعية تنظم برامج تربوية الهدف منها خلق التآلف بين السكان".
وتابع "الالتزام بالبرامج هو التزام ادبي وأخلاقي وليس التزاما ماديا، في حال كان التغيب كثيرا يتم ارسال لفت نظر للعائلات لتأكيد الحضور في المرات للاحقة".
ولفت علان إلى أن "فحوى هذه البرامج يتناول جوانب اجتماعية واخلاقية، مثل قيمة النظافة وحق الجوار والوفاء بالوعد وغيرها من الموضوعات"، مشيرا كذلك إلى عقد الجمعية لدورات تأهيل مهني للسيدات في صناعة الحلويات وتصنيع المواد الغذائية، إلى جانب عقد دورة خياطة لنحو 12 سيدة كلفتها 1500 دينار".
وحول عقود الايجار والكمبيالات، أوضح علان أن "الجمعية تطلب بدل خدمات 30 دينارا من العائلات، اما الكمبيالات فهي مؤقتة، نحن بالنهاية نقدم منازل للعائلات المنتفعة ويجب التأكد انهم مستحقون لها".
وزاد "يتم تحديد العائلات المستفيدة من خلال دراسات اجتماعية، طبعا غالبا تصيب الدراسة لكن هامش الخطأ البشري يبقى موجودا".الغد