الفرق بين الحقيقة والصورة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/24 الساعة 00:10
الصور في كل مكان، في الشوارع، على جدران المنازل، في الهواتف الخلوية، والمواقع، ووسائل التواصل الاجتماعي، إننا نغرق في بحر من الصور، ولكن ما قيمة كل هذه الصور التي لا حياة فيها؟ هل تقترب الصورة مهما علت دقتها من حقيقة الإنسان الذي أخذت صورته؟ الفرق كبير بين حقيقة الإنسان وصورة الإنسان، ولعلّ الفرق الأبرز يكمن في السر الذي نفخه الله تعالى في هذا الإنسان وهي الروح، وكذلك الفرق بين صنع الله تعالى وصنع البشر، إنه الخلية الحية، حيث ينحني الإنسان بكل عظمته واكتشافاته واختراعاته أمام قدرة الله، إذ ثبت عجز الإنسان عن إيجاد الخلية الحية فيما يصنع ويخترع ويبدع، كما ثبت عجزه على الرغم من تطوره الهائل، أن يعيد روحا خرجت أو يمنع روحا من الخروج. وهكذا يظهر الفرق جليا بين صَنعة الخالق وصَنعة المخلوق.
ويتبين لنا الفرق أكثر، لو أننا تخيلنا رجلا يدخل إلى مكان عام يحمل صورة أسد، أو تمثال أسد، لن يكترث به البعض، وسيقبل البعض على الصورة أو التمثال ليقدم نقده الفني لها. كل هذا لأنها صورة. أما لو دخل أسد حقيقي إلى نفس المكان سيهرب الناس منه، ويتسابقون كأبطال (الماراثون) للخروج من ذلك المكان، وسيعم الذعر وتنتشر الفوضى في المكان؛ لأن هذا الأسد حقيقة وليس صورة أو تمثالا.
ومن الناس من يقدم صورة العبادة من صلاة أو صيام أو حج، لكنه لا يعرف حقيقتها، ولم يحقق الفرق بين صورة العبادة وحقيقتها، من أجل هذا لا تنعكس هذه العبادات على سلوكه وأخلاقه، ولا تحقق وظيفتها المطلوبة؛ لأنها مجرد صورة لا حقيقة بالنسبة لهذا الإنسان، وهذا ما يفسر التصرفات السيئة لبعض المحافظين على الشعائر الدينية.
الملابس، السيارات، المنازل، اللهو، اللعب، هي صورة للدنيا، وليست حقيقتها التي تعني البناء والحضارة والرقي والتقدم والأخلاق، والسير على طريق الأنبياء. وأهل الدنيا وملاكها يريدوننا أن نظل مع صورة الدنيا وزينتها وزخرفها، بعيدا عن حقيقتها وجوهرها؛ لنظلّ أمة ضعيفة؛ لأن الصور لا تزعج أحدا. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/24 الساعة 00:10