خالد رمضان: لا يجوز أن نأخد برضا الجناة
مدار الساعة - دعا النائب خالد رمضان، الاثنين، إلى أن يأخذ "قانون العفو العام" عند إقراره "أمرين".
وقال رمضان خلال جلسة تشريعية صباح الاثنين، "إن مشروع قانون العفو العام، نحن بصدد إصدار قانون عفو عام، ولسنا بصدد التشجيع على الجريمة بقدر ما نعطي فرصة لمن خرج عن النظام العام والمنظومة الإجتماعية العودة إلى المجتمع وممارسة حياته العادية، إلا أنه يجب أن يكون في وجداننا عند إقرار قانون العفو العام أمران: القبول الإجتماعي من الشعب والصفح عن الجناة شعبيا ومجتمعيا وأن تكون الكلفة الاجتماعية توازن ذلك، ولا يجوز أن نأخد برضا الجناة ومن حولهم كمعيار في ذلك.
وتالياً كلمة النائب رمضان:
زملائي الأكرام
رئيس وأعضاء اللجنة القانونية
نحن بصدد إصدار قانون عفو عام، ولسنا بصدد التشجيع على الجريمة بقدر ما نعطي فرصة لمن خرج عن النظام العام والمنظومة الإجتماعية العودة إلى المجتمع وممارسة حياته العادية، إلا أنه يجب أن يكون في وجداننا عند إقرار قانون العفو العام أمران:
القبول الإجتماعي من الشعب والصفح عن الجناة شعبيا ومجتمعيا وأن تكون الكلفة الاجتماعية توازن ذلك، ولا يجوز أن نأخد برضا الجناة ومن حولهم كمعيار في ذلك.
إن قضاء الجناة أو المحكومين أو المتوارين خلف القضبان مدة من أصل العقوبة تساعد على تأهيلهم وتهذيب نفسيتهم الإجرامية نتيجة مرارة السجن.
أولاً: الحقوق الشخصية:
ومن هنا، فإن مطالبتي بأن يكون العفو نتيجة إسقاط الحقوق الشخصية الصفح الجزئي، وحماية مشاعر المتضررين من الجريمة بإيقاع نصف العقوبة بموجب هذا القانون. وعليه، فإن القول بالإعفاء الشامل لجرائم القتل المنصوص عليها بالمادة (٣٢٦) والمادة (٣٢٧) إعفاءً عاماً بحجة إسقاط الحق الشخصي أو دفع المبلغ المطالب به، ولو اكتسب الحكم الدرجة القطعية، يتنافى مع سياسة العفو. وإني أرى أنه عند إسقاط الحق الشخصي أو المصالحة أمام المحاكم فإن المحاكم، وكما اطلعنا على أحكامها، تخفض العقوبة الى النصف، وهذا ما يسمى بقانون الأسباب المخففة التقديرية. وبالتالي فإن الجاني يكون قد استفاد من المصالحة التي جرت مع المتضررين من مجني عليه أو ذويه في حالة الوفاة.
وإذا قمنا بإعفاء الجاني إعفاءاً كاملا فعليا نكون قد شملنا جناة لم يتم تأهيلهم، وقدمنا للمجتمع قاتلاً لم ينل جزاءه، ولم يذق مرارة العقوبة، والتي بتنفيذها عليه أو جزء منها ترده إلى صوابه. ومن هنا أرى أن تخفض العقوبة إلى النصف فقط عند وقوع المصالحة، مما يعني أن الجاني سيقضي ربع العقوبة فنكون قد منحناه فرصة العفو عنه، إلا أننا أعطينا الحق العام والمجتمع ما تقتضيه سياسة الحفاظ على السلم الاجتماعي حقها.
أما المقولة بإعفاء الشروع بالقتل المنصوص عليها في المادة (٣٢٧)، فالملاحظ أن هذه المادة تعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا وقع القتل على موظف عام أو أكثر من شخص أو قتل مع التعذيب أو لتسهيل جريمة أخرى من جرائم الجنح. وبالتالي فإن إعفاء من يشرع لها ولم تكتمل جريمته لا تؤدي الى تقويم الفاعل ولا تأهيله وأرى أن ما ورد من أسباب حول الفقرة السابقة ينطبق عليها أيضاً.
ثانياً: الافتراء والتزوير:
أما ما جاء بالفقرة (١٠) من المادة نفسها صفحة (٩) بإعفاء جرائم الإفتراء وشهادة الزور واليمين الكاذب إعفاءاً شاملاً عند إسقاط الحق الشخصي وما يترتب على ذلك من محي الجريمة، فإنني أقول إن هذه الجرائم تمس الثقة والأخلاق العامة وتمنع مرتكبيها من تولي وظائف عامة أو وظائف مالية أو وظائف تشترط حسن السيرة والسلوك، وإعفاء الجاني لمجرد المصالحة خروج على مصلحة المجتمع وحق الجماعة بحماية مصالحها من هؤلاء، فإنه يلغي تنزيل العقوبة بموجب هذا القانون إلى نصفها لأنه في الأصل قد استفاد من المصالحة عند المحاكمة.
ولا بد أن أنوه أن هذا البند والإعفاء الشامل سيشمل المتوارين والهاربين من تنفيذ العقوبة وبالتالي فإننا نعطي صك براءة لمجرد إزالة الضرر عند الجريمة التي إرتكبوها.
ثالثاً، القتل الملازم لجريمة أخرى:
زملائي الأكارم، هناك أصوات تطالب توسيع دائرة العفو العام لتشمل جرائم القتل على المادتين (٣٢٧) – (٣٢٨) من قانون العقوبات، ولا أدري ما الهدف من ذلك لمن ارتكبوا جرائم القتل المشدد الملازم بجريمة أخرى كالسرقة والإعتداء على العرض أو على الأطفال من القصر بشكل عام.
إن ذلك لا يتفق من مبررات العفو ولا مع حق المجتمع ولا مع مشاعر ذوي المجني عليهم حتى ولو تم تعويضهم ماليا، سيما وأن صوتهم غير مسموع وخاطرهم مكسور ولا يرغبون بتذكر الجريمة أو الحديث فيها، إنما نسمع الصوت العالي من الجناة وذويهم ومراجياتهم المستمرة.
رابعاً، جرائم الوظيفة العامة:
وكذلك من يطالب بإعفاء جرائم الوظيفية العامة من رشاوي وإختلاسات لكي يعود هؤلاء بعد العفو عنهم لممارسة حياتهم ووظيفتهم السابقة بالوقت الذي ندعو لمحاربة الفساد ومنع الرشوة ومنع اختلاس المال العام والتشديد على مرتكبي هذه الجرائم في المحاكم، الأمر الذي يتناقض مع موقفنا وسياستنا كممثلين للشعب الأردني وللجماعة والمصلحة العليا للوطن.
خامساً: التزوير:
والأمر كذلك لمن يطالب بإعفاء جرائم التزوير الجنائي وهي كما تعلمون زملائي الأكارم تقع بتزوير المستندات الرسمية كالوكالات الدولية وسندات تسجيل الأراضي وعقود بيع العقارات، وهوه ما تشهده المحاكم الآن من قضايا تتعلق ببيوعات وهمية ووكالات وهويات مزورة، أدت إلى نقل الملكيات لأردنيين يعملون في الخارج أو مقيمين في فلسطين المحتلة. فأملاكهم هنا وهناك ووجدوا بعد مدة أن ملكيتهم زالت وأن العقار قد إنتقل من يد إلى يد من جناة وأبرياء قد تم تضليلهم مما شكل مشقة على أصحاب الحق في إقامة الدعاوى الجزائية، وبالتالي لا نقبل أن نمنح الجناة هنا أي عفو أو عطف.
سادساً، الجرائم الجنسية:
ورد أثناء النقاش مع لجنتكم الموقرة وفي مواقع أخرى أن يشمل الإعفاء مرتكبي الجرائم الجنسية من هتك عرض أو إغتصاب أو الإعتداء على القصر هتكا أو إغتصابا، إذا تمت المصالحة بين الجاني ومن وقع عليه الفعل ذكرا أم أنثى وأثناء الطرح ذكر مثال زواج المعتدي من المعتدى عليها تبريراً لتعديل المادة (٣٠٨) من قانون العقوبات التي ألغيت من مجلسنا تحت قناعة تامة بأننا لا نكافئ المعتدي والمغتصب بالعفو عنه عند الزواج.
إن هذه الأراء مهما كانت التبريرات لا تقف للصفح عن هؤلاء الجناة بهذا السلوك المجرم والذي ينطوي على نفسيه غير سوية خطرة على نفسها وعلى غيرها.
وإن عدم شمول هؤلاء الجناة بأي صفح أو رحمة ينسجم مع موقفنا السابق في الحفاظ على القصر والقاصرين وحقوقهم بالاقتصاص من الجناة.
هنالك من يطالب بالعفو عن النساء الذين عليهم قرارات من دوائر التنفيذ، الحبس نتيجة عدم سداد ديون مدنية إما بالإستقراض أو كفالة دين أو شراء بضائع أو مواد أخرى.
سابعاً، الغارمات:
اسمحوا لي أن أقول أن قانون العفو العام لا يحتمل العفو عنهم لأن سياسة العفو العام متعلقة بالجرائم وليس بالديون المدنية، وما يترتب على الدين المدني من إجراءات عند عدم السداد، إلا أنني أقول أن مكان ذلك هو قانون التنفيذ الذي أجاز حبس المدين ذكرا أو انثى نتيجة ديون ناجمة عن تعاملات مالية، خلافا للمواثيق الدولية والأعراف والعهد الدولي والتي تمنع جميعها حبس أي شخص إذا عجز عن سداد ديونه ومن باب أولى عدم جواز حبس النساء.
وعليه فلنوحد صفوفنا لندعوا الحكومة لتقديم مشروع قانون بتعديل قانون التنفيذ لمنع حبس أي شخص بشكل مطلق أو على الأقل حبس النساء وأستميحكم عذرا أن أضيف بأنه لا يجوز لنا إدخال أي أمر أو تعديل على مشروع القانون المقدم من الحكومة بما يخرج عن مراميه لأن مشروع القانون مقصورٌ على تعديل القوانين العقابية وليس القوانين المدنية.
إخواني رئيس وأعضاء اللجنة،
إنني أقدر المهمة الملقاة على عاتقكم وأقدر بل وأؤكد أن وجدانكم النقي سيقوم بالموازنة بين عفو يشمل معنى الصفح وبين الحفاظ على حقوق المجتمع وحقوق متضرري الجريمة.
ثامناً، مخالفات السير:
إنني أجد نفسي متفّقاً في التوسع والصفح عن مخالفات السير كاملها ومهما كان نوعها ما لم ينجم عنها حادث أو ضرر شخصي للغير، وتمثل مثل هذه المبادرة الرحمة بالفئة الواسعة من شعبنا الذين يمتلكون سيارات خاصة أو عامة أو أي وسيلة نقل أصبح الآن اقتناؤها ضرورة لقضاء المصالح لغياب النقل العام في الأردن والتي تقع بطبيعتها نتيجة سهو أو من غير قصد.
وأضم صوتي لمن ينادي بذلك وأملي أن يأتي من لجنتكم الموقرة ما يلبي هذه الرغبة.
أما في موضوع الشيكات:
فلقد لاحظت في الفقرة (٦) صفحة (٨) أن العفو يشمل الشيكات المقترنة بالحق الشخصي شريطة دفع أصل المبلغ المطالب أو إقترنت بإسقاط الحق الشخصي كما هو مبين في مطلع المادة والأمر الذي يعني أن الشكيات التي لم تطالب تقديمها مع ملاحقة مصدرها جزائيا تعتبر معفاة طالما أنها صدرت قبل تاريخ (١٢-١٢-٢٠١٨) وبالتالي نعاقب المستفيدين من الشيك والذي صبر على مدينه وراعى ظروفه ولم يلاحقه أملا أن تتحسن أوضاع المدين وتسقط حقه بالملاحقة الجزائية، بينما أن الذي لاحق المدين وأقام عليه الدعوى والمطالبة بالحق الشخصي إشترطنا أن يصالح المدعي ونحن نعلم بجميع الأحوال أن الكم الأعظم من الشيكات بدون رصيد هي لديون المراباة أو لفئة من التجار يستغلون وضع المدين وتوريطه في صفقات وبيع ما يحتاجه أو يضطر لذلك ويأخذون من هذه الشيكات لدعم وضعهم الإئتماني فإنني أأمل من لجنتكم الموقرة أن تعالج هذه الإشكالية بما يتفق والعدالة ونراعي القانون الذي بين أيديكم.
وفي الختام زملائي الأكارم فإن مراعاة كافة أطرف هذه المعادلة كفيلة بهمتكم وجهدكم المبذول أن نصل إلى قانون يحفظ كافة التوازنات المطلوبة.