قروض الطلبة والغارمات أولى بالعفو
أ.د أمل نصير
طالت جلسات مجلس النواب في مناقشة العفو العام، وتناقلت جهات كثيرة الفئات المشمولة به منذ البدايات إلى آخر التعديلات المقرّة من قانونية النواب في مناقشاتها الأخيرة، ولكن الحكومة أو المجلس قلما جاءوا على ذكر الغارمات أو قروض الطلبة، وإن فعلوا، فيكون على استحياء، وبآليات وشروط محددة!
استوردنا من الغرب فكرة إقراض الطلبة لتمويل دراستهم مقابل السداد عند العمل، لكننا لم نوفر فرص العمل التي تتوافر هناك، فإذا كان الطالب يقضي سنوات بعد تخرجه لتوفير فرصة عمل، فمن أين له المال الكافي ليسدد قروضه؟!
وأما الحديث عن إعطائه فترة سماح، فهو من باب الضحك على الذقون؛ لأن الطالب يحتاج إلى المال لبناء أسرة وتوفير أبسط متطلبات الحياة لاسيما مع غرف الحكومة للضرائب غرفا، وارتفاع الأسعار، والأجور القليلة! إلا إذا أرادت الحكومة دفعه للرزق غير الحلال والاحتيال، ومن ثم إدخاله إلى السجن، ثم إخراجه منه بعد سنوات بقانون عفو جديد!
وأما الغارمات فهن الأمهات والزوجات الصالحات، اللواتي يناضلن من أجل لقمة عيش كريمة لأسرهن بشق الأنفس، وإذا عجزن عن سداد القرض، فيكون لتعثر المشروع نتيجة لسوء الظروف الاقتصادية للمجتمع أو لنقص التدريب الذي يقع –غالبا-على عاتق الجهات المانحة، وليس لتقصير أو تحايل من قبل أكثرهن.
إن وجود أم مثقلة بهم الدين يعني أسرة غير سعيدة ومهمومة ومحبطة أيضا، ولا يجوز أن تقوم الشعوب الأخرى بسداد ديون الغارمات والحكومة وغيرها من الجهات المعنية غافية في سبات عميق!
إن الحديث عن آليات محددة سيتم تفاهم النواب حولها مع الحكومة أو دراسات لأجل إيجاد تسوية لصالح هاتين الفئتين، فأظنه من باب المماطلة غير المحببة، وزيادة لأمد المشكلة، فهاتان الفئتان أولى بالعفو، لا سيما أن الصناديق المانحة أفادت من الربح الوفير الذي حققته من قروض أخرى، ويمكن للحكومة أن تعوضها من ميزانيتها أو يقوم صندوق الزكاة بذلك، أما قروض الطلبة، فإن الحكومة هي صاحبة الحق فيها، وهؤلاء كما الغارمات ليسوا من المحتالين أو ممن أساءوا الإئتمان، ولا من أصحاب الذم والقدح والتحقير، ولم يسرقوا أو يبتزوا أحد، ولم يدخلوا في مشاجرات مع أحد أو آذوا أحدا، ولم يرتكبوا مخالفات سير بعضها مميت، ولم يشتركوا في شهادة زور أو يمين كاذب ممن تم إقرار عفوهم من قبل قانونية النواب، أو قانون العفو المقترح لعام 1919 من قبل الحكومة أو المجلس.
...وعجبا لأمة تطلب العفو للمغتصبين وهاتكي العرض والسارقين ...ولا تفرضه لأبنائها الطلبة وأمهاتها من الغارمات!