مواقع التواصل الاجتماعي تسمم أجواءنا
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/25 الساعة 23:39
لا يحتاج المرء إلى كبير عناء حتى يدرك أن الأجواء العامة في بلدنا ملبدة، بالكثير من غيوم القلق والخوف، وهو خوف له بعض أسبابه الملموسة، خاصة على الصعيد الاقتصادي. لكن التعامل مع هذا الخوف وذلك القلق لا يكون بالاستسلام لهما، أو بالمبالغة في حجمها، وهو بالضبط ما تفعلة الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي في بلدنا، التي صارت نسبة كبيرة منها منفلتة من عقالها، ومن الضوابط الأخلاقية والقانونية في كثير من الأحيان، مما حولها من أدوات لنشر المعرفة وتمتين أواصل التعارف والتواصل إلى أدوات تجهيل من خلال نشر الإشاعات والخزعبلات والخرافات، وإلى أدوات تمزيق للأوصال من خلال تبادل الاتهامات والشتائم وترويج الإشاعات بلا دليل في كثير من الأحيان.
إن واقع الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي في بلدنا يذكرنا بالفرق الكبير بين العلم النافع والعلم الضار، من خلال الاختلاف في الغايات من استخدام العلم ذاته، كذلك هي أدوات الإعلام والتواصل تتحدد فائدتها من ضررها بحسب الهدف من استخدامها،حيث صار الكثيرون يستخدمونها في بلدنا لتسميم الأجواء بالإشاعات التي لا أساس لها من الصحة، والتي تفعل فعلها في تدمير الثقة بمؤسسات الدولة والشخصيات العامة، بعد أن صار التطاول سمة واضحة من سمات الكثير من مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي التي لا يفرق أصحابها بين الحق في نقد أداء المسؤول أو الشخصية العامة، وبين الإساءة إليه واقتحام خصوصيته والإساءة له ولأفراد عائلته.
وعند اقتحام الخصوصية لابد من التوقف طويلاً، لأنها ظاهرة بدأت تستشري في بلدنا من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، وتأخذ أشكالاً مختلفة من بينها نشر خصوصيات الكثير من الشخصيات العامة بصورة مشوهة في كثير من الأحيان، ومنها إشراك الأشخاص في مجموعات التواصل دون استشارتهم ودون رغبتهم، ومنها الاقتحام بالمراسلة على الخاص دون سابق معرفة، إلى غير ذلك من الممارسات غير اللائقة والتي لا تراعي خصوصيات الناس، مما جعل الكثير من صفحات التواصل تتحول إلى أدوات لتهديد السلم المجتمعي والتماسك الاجتماعي وقد سمعنا عن الكثير من المشاجرات التي تطورت إلى ارتكاب جرائم، بسبب ما نشر على مواقع التواصل أو بسبب اقتحام خصوصية فتاة بمراسلتها على الخاص، وغير ذلك من الممارسات السلبية التي تقوم بها نسبة متزايدة من صفحات التواصل وأبرزها العنف اللفظي المتصاعد على هذه الصفحات، والذي صار محل شكوى مجتمعية، مثلما أن كثيرين من المواطنين صاروا يضيقون ذرعاً بالآراء التي تطرح على هذه المواقع والصفحات، والتي كثرت معها ممارسة عمليات الحظر بين أصحاب صفحات التواصل، مما يرفع من مستوى البغضاء والشحناء بين الناس، وهذه نتيجة عكسية للهدف من صفحات التواصل وهو دليل جديد على أن العبرة ليست في العلم أو الأداة بمقدار ما هي بالهدف من استخدامهما، مما يوجب علينا أن نعيد النظر في علاقتنا مع أدوات التواصل الاجتماعي لتصحيح مسارها، وهذا يقتضي أن نعيد الاعتبار لمفهوم حرية التعبيروعلاقتها بالنظام العام وبالأخلاق العامة، فالأصل أن الحرية مقيدة بالمسؤولية فكيف إذا تعلق الأمر بسلامة الوطن وتماسك مجتمعه وحرمة وكرامة أفراده وخصوصيتهم الشخصية، وهذا يقودنا إلى ضرورة مراجعة السياسات والتشريعات ذات العلاقة بالنشر وحريته، والتأكيد على تلازم الحرية بالمسؤولية، والمخالفة بالعقوبة، والتأكيد أيضاً على أهمية تغليظ العقوبات حول جرائم النشر، التي من شأنها الاغتيال المعنوي لسمعة الأشخاص والمؤسسات،مع تسريع إجراءات التقاضي في كل قضايا النشر خاصة تلك التي من شأنها اغتيال الشخصية بالإساءة إلى سمعتها وإثارة النعرات والعصبيات. خاصة وأن النشر على صفحات التواصل الاجتماعي صار يلعب دوراً ملموساً في تغذية النعرات والعصبيات على حساب التماسك الاجتماعي، مما يستوجب الانتباه لهذا الخطر بتعظيم عقوبة من يمارسونه، وهو الأمر الذي ينسحب أيضا على خطابات الطبقية والكراهية والعنف،فكلها ألوان من الخطاب صارت تجد لها طريقاً على صفحات التواصل الاجتماعي في بلدنا، وهو أمر يقودنا إلى القول أننا في الأردن لا نعاني من أزمة أدوات، أو قلة في أدوات التعبير، ولكننا نعاني من أزمة الخطاب، وأزمة في مضامين الخطاب، خاصة في البعد التربوي وبناء الوعي، ولعل هذه الأزمة هي من الأسباب الرئيسية لتحول أدوات التواصل إلى أدوات لتسميم الأجواء.
الرأي
إن واقع الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي في بلدنا يذكرنا بالفرق الكبير بين العلم النافع والعلم الضار، من خلال الاختلاف في الغايات من استخدام العلم ذاته، كذلك هي أدوات الإعلام والتواصل تتحدد فائدتها من ضررها بحسب الهدف من استخدامها،حيث صار الكثيرون يستخدمونها في بلدنا لتسميم الأجواء بالإشاعات التي لا أساس لها من الصحة، والتي تفعل فعلها في تدمير الثقة بمؤسسات الدولة والشخصيات العامة، بعد أن صار التطاول سمة واضحة من سمات الكثير من مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي التي لا يفرق أصحابها بين الحق في نقد أداء المسؤول أو الشخصية العامة، وبين الإساءة إليه واقتحام خصوصيته والإساءة له ولأفراد عائلته.
وعند اقتحام الخصوصية لابد من التوقف طويلاً، لأنها ظاهرة بدأت تستشري في بلدنا من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، وتأخذ أشكالاً مختلفة من بينها نشر خصوصيات الكثير من الشخصيات العامة بصورة مشوهة في كثير من الأحيان، ومنها إشراك الأشخاص في مجموعات التواصل دون استشارتهم ودون رغبتهم، ومنها الاقتحام بالمراسلة على الخاص دون سابق معرفة، إلى غير ذلك من الممارسات غير اللائقة والتي لا تراعي خصوصيات الناس، مما جعل الكثير من صفحات التواصل تتحول إلى أدوات لتهديد السلم المجتمعي والتماسك الاجتماعي وقد سمعنا عن الكثير من المشاجرات التي تطورت إلى ارتكاب جرائم، بسبب ما نشر على مواقع التواصل أو بسبب اقتحام خصوصية فتاة بمراسلتها على الخاص، وغير ذلك من الممارسات السلبية التي تقوم بها نسبة متزايدة من صفحات التواصل وأبرزها العنف اللفظي المتصاعد على هذه الصفحات، والذي صار محل شكوى مجتمعية، مثلما أن كثيرين من المواطنين صاروا يضيقون ذرعاً بالآراء التي تطرح على هذه المواقع والصفحات، والتي كثرت معها ممارسة عمليات الحظر بين أصحاب صفحات التواصل، مما يرفع من مستوى البغضاء والشحناء بين الناس، وهذه نتيجة عكسية للهدف من صفحات التواصل وهو دليل جديد على أن العبرة ليست في العلم أو الأداة بمقدار ما هي بالهدف من استخدامهما، مما يوجب علينا أن نعيد النظر في علاقتنا مع أدوات التواصل الاجتماعي لتصحيح مسارها، وهذا يقتضي أن نعيد الاعتبار لمفهوم حرية التعبيروعلاقتها بالنظام العام وبالأخلاق العامة، فالأصل أن الحرية مقيدة بالمسؤولية فكيف إذا تعلق الأمر بسلامة الوطن وتماسك مجتمعه وحرمة وكرامة أفراده وخصوصيتهم الشخصية، وهذا يقودنا إلى ضرورة مراجعة السياسات والتشريعات ذات العلاقة بالنشر وحريته، والتأكيد على تلازم الحرية بالمسؤولية، والمخالفة بالعقوبة، والتأكيد أيضاً على أهمية تغليظ العقوبات حول جرائم النشر، التي من شأنها الاغتيال المعنوي لسمعة الأشخاص والمؤسسات،مع تسريع إجراءات التقاضي في كل قضايا النشر خاصة تلك التي من شأنها اغتيال الشخصية بالإساءة إلى سمعتها وإثارة النعرات والعصبيات. خاصة وأن النشر على صفحات التواصل الاجتماعي صار يلعب دوراً ملموساً في تغذية النعرات والعصبيات على حساب التماسك الاجتماعي، مما يستوجب الانتباه لهذا الخطر بتعظيم عقوبة من يمارسونه، وهو الأمر الذي ينسحب أيضا على خطابات الطبقية والكراهية والعنف،فكلها ألوان من الخطاب صارت تجد لها طريقاً على صفحات التواصل الاجتماعي في بلدنا، وهو أمر يقودنا إلى القول أننا في الأردن لا نعاني من أزمة أدوات، أو قلة في أدوات التعبير، ولكننا نعاني من أزمة الخطاب، وأزمة في مضامين الخطاب، خاصة في البعد التربوي وبناء الوعي، ولعل هذه الأزمة هي من الأسباب الرئيسية لتحول أدوات التواصل إلى أدوات لتسميم الأجواء.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/25 الساعة 23:39