تقرير اتجاهات الإرهاب: هذا التحدي الأمني والسياسي الذي سيواجه الأردن في العقد القادم
التقرير السنوي لاتجاهات الإرهاب 2018 (حالة الأردن)
الدكتور سعود الشَرَفات *
استغرق إعداد مادة هذا التقرير أكثر من عامين لاستخراج أقرب الأرقام الى الدقة والصحة في مجال التوثيق للحوادث الإرهابية ، نظراً لشح المصادر الأصلية الموثقة وعدم تبويبها وترتيبها حتى تكون صالحة للبحث والدراسة، مع ما رافق ذلك من عدم شفافية أو تعاون الجهات الرسمية كافة في تزويدنا بالمعلومات الموثقة .
يبقى التقرير محاولة أولى لرصد ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف وخطاب الكراهية، واتجاهاته المعاصرة في الأردن. على أمل أن يستمر المركز في السنوات القادمة بنشر وتطوير هذ التقرير ليكون في خدمة صانع القرار السياسي وخدمة الجمهور الأردني والعربي والعالمي المهتم بخطر الإرهاب العالمي .
ولأنه التقرير الأول الذي يصدر عن مركز شُرُفات فقد أهتم بعرض تطور ظاهرة الإرهاب منذ تأسيس الأردن مرورا بالمحطات والمراحل المهمة التي مر بها الإرهاب من مرحلة الإرهاب القومي –اليساري، الى الاسلاموي المعاصر، وأنواع وأساليب الإرهاب. ويمكن ايجاز التقرير بالنقاط التالية:
1- الأردن محكوم بموقعة الجيوسياسي المضطرب والعنيف الذي ينتج استحقاقات عظيمة من ضمنها الإرهاب ، ولن يستطيع الهروب من استحقاقاته في المدى المنظور .
2- نجح الأردن خلال مسيرته التاريخية بالتعامل محطات إرهابيه أكثر خطراً على أمنه واستقراره من استحقاقات مرحلة إرهاب الجماعات الاسلاموية السائدة حالياً.
3- انخفض عدد العمليات الإرهابية بشكلٍ عام في الأردن خلال العقد الماضي، وهذا اتجاه عالمي خلال السنوات الثلاثة الماضية على التوالي، لكن هناك خطورة في أساليب و نوعية العمليات، مثل استهداف رجال الأمن والأجهزة الأمنية.
4- زيادة تأثير آليات العولمة التكنولوجية خاصة وسائل التواصل الاجتماعي في عمليات التجنيد والدعاية والأساليب وتبادل الخبرات ، خاصة في عمليات تصنيع المتفجرات والتفخيخ والتحكم عن بعد.
5-نظراً للتأثير الكبير لآليات العولمة التكنولوجية التي ساهمت بفردانّية ،وعزلة الأفراد، وترافق ذلك مع تزايد ضغط الأجهزة الأمنية على تحركات الأفراد المشتبه بهم ،فأنه من المرجح تزايد استخدام أساليب “الذئاب المنفردة” في تنفيذ العمليات الإرهابية في الأردن مستقبلاً.
6- خطورة استخدام “الأنظمة التكنولوجية المُسيّرة” Unmanned Aerial System (UAS) مثل “الطائرات بدون طيار” في تنفيذ عمليات إرهابية ضد المؤسسات الحكومية والشعبية. وهو ما برز من خلال التحقيقات مع خلية السلط ونية أعضاء الخلية تصنيع طائرة بدون طيار تحمل 10كغم من المتفجرات لاستهداف مؤسسات مدنية وعسكرية.
أن تخيل سيناريو لذئب منفرد عبقري يُصنّع طائرة بدون طيار (Drone) محملة بالمتفجرات أو المواد الكيماوية أو الجرثومية السامة يدفع على الرعب. لكنه ليس مستبعداً.
7- من المتوقع أن يواجه الأردن مشكلة عودة بعض المقاتلين الأردنيين من سوريا والعراق الأمر الذي يستدعي تطوير أساليب مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وخطاب الكراهية وتحديث وتطوير الاستراتيجية الأردنية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
8-لا بد للأردن من تطوير المنظومة القضائية بالتزامن مع إقامة برنامج لإعادة التأهيل والدمج والرعاية اللاحقة يحظى بالشفافية والتقويم والنقد البناء، وإشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتوفير الدعم المالي اللازم لها، خاصة وأن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ذاهبة بهذا الاتجاه.
مقدمة التقرير
يشكل الأردن مع بداية انطلاقة المرحلة الرابعة لسيرورة العولمة التي أطلق عليها عالم الاجتماع البريطاني (رونالد روبرتسون) مرحلة “الصراع من أجل الهيمنة” والتي استمرت منذ العشرينيات حتى الستينيات من القرن العشرين وتتميز هذه المرحلة بظهور الخلافات والصراعات العالمية والحروب ، ومن ضمنها كانت ثورة العرب على الإمبراطورية العثمانية، من خلال الثورة العربية الكبرى التي تزعمها الشريف الهاشمي الحسين بن علي عام 1916م.
هذه المرحلة التي تشكل على نتائجها الواسعة والعميقة ثالوث العولمة : السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية من خلال تشكيلات : الأمم المتحدة ، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية.
كما وجد الأردن نفسه محكوماً بشدة وصرامة جيوسياسية قاسية فُرضت عليه منذ تشكليه في العصر الحديث بعد الثورة العربية الكبرى والحرب العالمية الثانية التي تزعمها الهاشميون الذين ينحدر منهم سلالة الملوك الذين حكموا الأردن منذ استقلال الأردن عن الانتداب البريطاني 22-أذار عام 1946م في عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين الأول .
ويعد الأُردن في الحقبة الحالية من العولمة أحد أهمّ الدول في منطقة الشرق الأوسط، بسب موقعه المتوسّط بينَ بلاد الشام والجزيرة العربيّة، والعِراق ومصر.
ومن المثير في الأمر أن تاريخ تشكيل الأردن وموقعة الجيوسياسي ، و سيرورة تشكل الدولة الأردنية الحديث ، مرتبط بشكل كبير بما وقف في وجهه من تحديات وعمليات إرهابية منذ بديات تشكيله في إقليمٍ مضطرب وملتهب وعلاقات عربية –عربية غير مريحة وصفت في مرحلة الخمسينيات حتى أواخر الثمانينيات بـــ “الحرب الباردة العربية” .
ولقد كان الأردن خلال تاريخه منذ الاستقلال 1946م عرضة لموجات عنيفة من الراديكالية والتطرف الذي نتج بشكل كبير للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
ثم ؛ كان نتيجة لموقعه الجيوسياسي الدقيق والحساس ملجأ للكثير من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين . وهو لا يزال يصارع هذا التحدي، ويعيش هذه الحرب حسب اعتقادي -حتى اليوم.
– الإرهاب في الأردن: تاريخ مشوش وعرض مختصر
ليس هناك – حسب علمي- أية دراسة أكاديمية منظمة أو شاملة لظاهرة الإرهاب في الأردن ترصد وتحلل الظاهرة بشكل عام منذ تشكيل المملكة حتى الآن .
صحيح أن هناك بعض الدراسات والأبحاث والكتابات الصحفية ، لكنها ليست منظمة وتتبع التطور التاريخي للعمليات والجماعات الإرهابية بمختلف الأيديولوجيات(القومية ، اليسارية ، الإسلاموية المعاصرة ) التي نفذتها؛ بل هي متناثرة بلا ترتيب زماني أو إحصاء كمي.
ونلاحظ بأن العمليات الإرهابية كانت تأتي ضمن سياق السرد لتاريخ الأردن وتأريخ الأحداث الهامة، وجاءت متناثرة غير موثقة أو مرتبة ضمن هذا السرد.
ويتناول هذا التقرير الأول لمركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب العمليات الإرهابية التي تعرض لها الأردن منذ الاستقلال عام 1946 حتى 2018م بكافة مراحله الزمنية و أشكاله: اليساري والقومي والاسلاموي المعاصر والاتجاهات المهمة في هذا الإرهاب .
ويشمل العمليات الإرهابية التي استهدفت الأردنيون ،والمصالح الأردنية ، سواءً تمت على الساحة الأردنية أو في الخارج ضد المسؤولين ، أو الأفراد ،أو والمؤسسات والمصالح الأردنية ؛ سواء كانت من قبل “أطراف فاعلة من غير الدول” ،أو أطراف فاعلة نيابة عن الدول وهي الفترة الحساسة التي تلت تشكيل المملكة حتى أواخر 2018م .
إن المصدر الرئيس لرصد هذه العمليات هو: المصادر المفتوحة(مراكز الدراسات المعنية بمؤشرات الإرهاب، الصحف، المجلات، المدونات، المواقع الإخبارية الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي )، والمذكرات الشخصية لبعض الشخصيات السياسية والمؤرخين الأردنيين رغم قلتها للأسف الشديد. بالإضافة لمعلوماتي وتجربتي الشخصية في العمل الاستخباري من 1986-2016م.
– تطور الإرهاب وعدد العمليات الإرهابية في الأردن
شهد العالم 2018 م انخفاضا ملموساً في عدد الضحايا و العمليات الإرهابية للعام الثالث على التولي بنسبة انخفاض بلغت ما نسبته (44%) بعد أن بلغ الذروة عام 2014م خلال فترة انفجار إرهاب تنظيم داعش ، لكن الإرهاب ما يزال ينتشر ويشكل خطرا عالمياً .
أما في الأردن فقد بلغ عدد العمليات “الحوادث “الإرهابية خلال الفترة ما بين 28-2-1970-حتى أخر إحصاء موثق (12 أب 2018م في عملية السلط والفحيص ) ما مجموعة (110) عمليات إرهابية، نتج عنها ما مجموعة (136) حالة وفاة، وما مجموعة (287) جريحاً. (بالطبع هناك عدد من العمليات الإرهابية التي تعود الى فترة الخمسينيات لكنها بحاجة الى تأكيد وتوثيق اكثر، لذك لم نشر اليها في هذا التقرير).
وبلغ عدد العمليات المجهولة (49) عملية، بنسبة (48%) من العدد الإجمالي للعمليات. بينما بلغ عدد العمليات التي تنسب الى جماعات اسلاموية (22)عملية ،بنسبة (%21.7 ) منها (8) عمليات تنسب لتنظيم داعش وبدأت منذ أواخر 2015م ، وأخرها عملية الفحيص والسلط -10-آب 2018م ،و(4) عمليات تنسب لتنظيم القاعدة في العراق-الزرقاوي (من ضمنها (3)عمليات الفنادق في عمان التي تنسب الى الزرقاوي / تنظيم التوحيد والجهاد أو القاعدة في العراق )،وعملية(1) واحدة تنسب لكتائب عزالدين القسام التابعة لحركة لحماس*.
وكانت نسبة العمليات التي نفذها تنظيم داعش (7.9%) من المجموع الكلي للعمليات ، الذي أخذ باستهداف الساحة والمصالح الأردنية منذ 9-11-2015م.
وأصبح الأردن عرضة لاستهداف الجماعات الإسلامية منذ أواخر شهر 28ابريل –نيسان -1990م من خلال عملية تنسب لما يسمى ” الجبهة الإسلامية لتحرير فلسطين” في عمان لكنها لم تسفر عن أية خسائر تذكر.
واحتل الأردن عام 2018م المرتبة 60 دولياً، ،على “مؤشر الإرهاب العالمي” الذي يصدره “معهد الاقتصاد والسلام” في سيدني الذي يقيس أثار الإرهاب في(163) دولة في العالم خلال الفترة من 2000م -2018م. بانخفاض بنسبة 9% عن 2017م .
وعلى الرغم من ذلك فأن هذا يدل على أن خطر إرهاب في الأردن “متوسط” ، حيث يحتل موقع متوسط في العدد الكلي للدول التي شملها مؤشر الإرهاب وهي 163 دولة ، ومن ناحية أخرى يشير الى نسبة الإرهاب على مقياس من صفر الى عشرة والتي بلغت ما نسبته (3.4).
وتشير إحصائيات “معهد الاقتصاد والسلام” الى أن الدول التي تشهد صراعات عسكرية عنيفة تعرضت لخطر الإرهاب اكثر من غيرها ، وأن الدول العربية التي تأثرت أكثر بموجات ما يسمى بالربيع العربي 2010م تعرضت لعمليات إرهابيه اكثر.
وأن 99% من مجموع قتلى العمليات الإرهابية و96% من مجموع العمليات الإرهابية عالميا حدثت في الدول التي تعاني من صراعات عسكرية ، والدول التي تعاني من ارتفاع معدلات الإرهاب السياسي.
– التطورات الحديثة ودورة الإرهاب في الأردن
سبق لمنظر دراسات الإرهاب البرفسور الأمريكي الشهير ديفيد تشارلز رابوبورت صاحب “نظرية الموجات الأربع للإرهاب” (وبما يذكر بنظرية الموجات أو الدورات للاقتصادي السوفييتي نيكولاي كوندراتييف الذي أثارها سنة 1926 من خلال كتابه المعروف “الدورات الاقتصادية الرئيسية”) أن ذكر بأن ظاهرة الإرهاب شهدت منذ عام 1880م أربع مراحل (وكل مرحلة تستمر لمدة حوالي 40 سنة) وهي : 1- الفوضوية ،2-مقاومة الاستعمار 3-اليمين الجديد 4- الإرهاب الديني الذي كان يعتقد بأنه بدأ عام 1979م ، ما يعني أن الموجة الخامسة قد تبدأ عام 2019م. أما في الأردن ؛فيمكن تقسيم المراحل التي مرت بها ظاهرة الإرهاب في الأردن الى مرحلتين هما:
المرحلة الأولى:
مرحلة الإرهاب العلمانّي (الجماعات اليسارية والقومّية )
وتمتد منذ الاستقلال عام 1946- حتى الثورة الإيرانية 1979م وتتميز هذه المرحلة بسيطرة الجماعات والمنظمات اليسارية والقومية وسيطرة الجماعات والمنظمات الفلسطينية المتعددة والجماعات والمنظمات التي كانت تابعة لدول عربية منافسة للأردن وعلى رأسها سوريا، والعراق ومصر، وليبيا.
وتميزت هذه المرحلة بالخطورة الشديدة والصعوبة والإرهاق للدولة والأجهزة الأمنية خاصة دائرة المخابرات العامة التي اكتسبت سمعتها وشهرتها بالحرفية والصرامة والقسوة المدروسة خلال هذه الفترة.
ويلاحظ أنه خلال هذه الفترة ورغم وجود حالة العداء والحرب مع إسرائيل فلم تسجل حالة إرهاب واحدة داخل الأردن تقف ورائها إسرائيل؛ حتى وأن بقيت حرب الجواسيس السرية مستمرة بين البلدين.
المرحلة الثانية:
مرحلة الإرهاب الاسلامّوي (الجماعات ،والمنظمات، والذئاب المنفردة، التي ترفع شعار الاسلام ) وتمتد منذ الثورة الإيرانية 1979-حتى الآن.
بدأ نشاط الاسلام السياسي في الأردن مبكراً ومحايثاً لاستقلال الأردن وتشكل الدولة حيث تم تشكيل جماعة الإخوان المسلمين في 19-4- 1945م برعاية مباشرة من الملك المؤسس عبدالله بن الحسين الذي رحب بوجود الجماعة عندما التقى في الأربعينيات مع عبد الحكيم عابدين / زوج ابنة مؤسس جماعة الإخوان في مصر حسن البنا وقال الأمير آنذاك “إن إمارة شرق الأردن بحاجة الى جهود الإخوان” وفي حفل افتتاح المركز العام للجماعة في عمان القى هزاع المجالي-الذي اصبح رئيسا للوزراء لاحقاً- كلمة جماعة الإخوان في حفل الافتتاح .
ويبدو أن الأمير عبدالله –آنذاك- أراد بحسه وحدسه الاستشرافي المعروف عنه أن يستعين بجماعة الإخوان لتسند شرعيته الدينية غير المشكوك فيها (بنسبة الى النبي محمد ، لكنه الخاسر في صراع عائلته مع آل سعود ) في مقابل السعودية المعتمدة على الحركة السلفية الوهابية والتي كانت ما زالت تخوض صراعاً سياسياً في الخفاء مع الإمارة الأردنية الناشئة. ثم الاستفادة من تجربة الإخوان وتحالفهم مع الملك فاروق في مصر ضد حزب الوفد الليبيرالي.
واعتقد ، بأن طموحات الملك عبدالله الأول ومقارباته الاستشرافية وعلاقته الإقليمية الصراعية مع دول الجوار خاصة الملك فاروق وخلافات ومنافسته مع البرجوازية السياسية الفلسطينية مثل أمين الحسيني وعائلته سبباً في اغتياله ،في أول عملية إرهابية صاعقة في تاريخ الأردن. حيث تم اغتياله على أبواب المسجد الأقصى في القدس حيث كان ينوي صلاة الجمعة 20 تموز 1951م على يد مصطفى شكري عشّو ،الذي قتل على الفور من قبل المرفقين العسكريين للملك. وكان عشّو يعمل خياط في القدس ، ويبدو أن له ميول دينية لأن موسى زكي الأيوبي / أحد المتهمين بتدبير العملية الإرهابية زوده “بحجاب” وضعه في رقبته، وأقنعه بأن قتل الملك عبد الله عمل سيدخله الجنة.
وفي رواية أخرى” أن الجنود الأردنيين، وهم يفتشون جثة عشّو الذي ينتمي لتنظيم يدعى “الجهاد المقدس″ كان يقاوم اليهود في فلسطين ، وجدوا ورقة مطوية في جيبه، فيها فتوى دينية تجيز قتل الملك عبد الله، وتَعِد من يقضي عليه بدخول الجنة”.
وأعتقد بانها أول عملية إرهاب في الأردن ، كما أنها أول عملية “ذئب منفرد” في تاريخ الإرهاب في الأردن لشخص متعصب يبدو مضطرباً سلوكياً ، تحرك بدوافع دينية قومية بهدف مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واتهام الملك عبدالله بالتحالف والتنسيق مع اليهود لتوقيع اتفاقية سلام وعدم اعتداء.
اما هزاع المجالي الذي القى كلمة افتتاح جماعة الإخوان المسلمين والذي اصبح رئيسا للوزراء فقد تعرض لعملية إرهابية وتوفي في صباح يوم الاثنين 29-آب-1960 بانفجار شديد دمر مبنى رئاسة الوزراء في وسط عمان، ويمكن اعتبار هذه العملية أول عملية تفجير إرهابي في تاريخ الإرهاب في الاردن. وبتوقيت ما يزال -حتى الآن – يثير الكثير من الأسئلة قبل ساعات من زيارة مقررة للملك حسين بن طلال للرئاسة الأمر الذي فسره بعض المحللين بأنه استهداف للملك أصلاً ؟
ونلاحظ ؛ أنه مع أوائل التسعينات بدا أنّ الحجج والبراهين كثُرت وتعمقت لتقديم الإسلام للغرب على أنه يمثل (هلال أزمات)، من خلال صِدامه مع الحضارات المجاورة في البلقان وأفريقيا وآسيا الوسطى و(الهند) و(جنوب شرق آسيا) و(الفليبين)، ولقد ساعد على ترسيخ هذه الحجج وصول الخميني للسلطة بعد ثورة عام (1979م) وبات الشعور بأن الإسلام يمثل بالفعل تهديداً يتجاوز الحدود القومية وأنه خصمٌ حضاري، مع الإشارة إلى أن موضوع الصدام بين الطرفين كان موجوداً في الذاكرة الشعبية، وأن جزءاً كبيراً من هذا الصراع انغرس في الوعي الغربي بفعل الدور السلبي للمستشرقين أمثال (برنارد لويس) .
ثمَّ برزت اتجاهات الإرهاب المعاصر من خلال محركات العولمة التكنولوجية والإعلامية من خلال شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك ، تويتر ، يوتيوب ، واتس آب ، وتلغرام ) ورسخت هذه القوالب النمطية عن الإسلام والشرق بشكل عام، خاصة مع بروز الجماعات السلفية الجهادية المقاتلة في أفغانستان.
– الخطر الداهم والتهديد الحديث للإرهاب
لا يمكن دراسة وتحليل الإرهاب في الأردن دون التوقف عند التيار السلفي الجهادي وعلاقته بالمجتمع والدولة والمراحل التي مر بها هذا التيار الذي استولى على المشهد السياسي منذ عودة المقاتلين الجهادين الأردنيين الذين ذهبوا لقتال السوفيات في أفغانستان .
لقد برز التيار السلفي التقليدي في المشهد الاجتماعي والسياسي الأردني بصورة واضحة مع الثمانينات من القرن الماضي، بعد أن سكن الشيخ ناصر الدين الألباني، أحد أبرز رموز السلفية المحافظة أو التقليدية، في عمان. ولقد مر هذا التيار في علاقته مع الدولة بعدة مراحل؛ يمكن إجمالها بما يلي للاختصار:
أولاً : مرحلة التأسيس وما بعد حرب الخليج الثانية 1990-2001م . وتميزت هذه المرحلة بمحاولات نشر الفكر السلفي، والتوتر المشوب بالحذر مع الدولة، و الأجهزة الأمنية خاصة دائرة المخابرات العامة. وخلال هذه المرحلة شهدت الساحة الأردنية عدداً من القضايا المنظورة أمام المحاكم .مثل قضية تنظيم جامعة مؤتة العسكرية 1993 بيعة الأمام 1994م ، وتنظيم الأفغان الأردنيون 1994 ، وتنظيم التجديد الإسلامي 1994، والإصلاح والتحدي 1997، ومؤامرة الألفية عام 2000 التي كشف عنها بالتعاون بين المخابرات الأردنية والأمريكية ، وبيعة الأمام ، والنفير الإسلامي عام 1992م التي اتهم بها النائبان الإسلاميان في البرلمان وهما : المعارض السياسي المعروف ليث شبيلات وصديقة النائب يعقوب قرّش ، وجيش محمد عام 1991م . ثم أخليت السجون تقريبا من المتهمين بالعنف والتطرف عام 1999 في عفو عام أصدره الملك عبد الله الثاني بمناسبة توليه الحكم وكان عددهم آنذاك 64 شخصا.
وخلال هذه المرحلة نشطت عملية التنظير الإيديولوجي لسرديات التيار السلفي والتداخل مع التنظيرات الجديدة التي جاءت من خارج الأردن خاصة من ساحات القتال في أفغانستان ، التي ذهب اليها عدد من أفراد التيار السلفي ثم عادوا محملين بالتجارب والخبرات الفكرية والقتالية.
ثانياً : مرحلة ما بعد هجمات 11-ايلول-2001م الإرهابية ضد أمريكا.
شهدت هذه المرحلة عولمة الإرهاب، ومكافحة الإرهاب بعد إعلان الحرب العالمية على الإرهاب وتطورت العلاقات الاستخبارية بين المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الأردنية في مجال مشاركة المعلومات الاستخبارية حول التيار السلفي الجهادي وأفراده وقياداته الفاعلة والتنسيق في العمليات والمتابعات الاستخبارية داخل الأردن وخارجه.
ثالثا : مرحلة أبو مصعب الزرقاوي والحرب في العراق .في هذه المرحلة زاد نفوذ الزرقاوي واصبح بطل في نظر الكثير من أفراد وشباب التيار السلفي خاصة في مدينة الزرقاء التي ينسب اليها ومن أبناء عشيرته الخاصة الخلايلة وجيرانهم في مدينة الزرقاء والرصيفة وعوجان عشيرة الزواهرة وأبناء المخيمات في : الرصيفة وشنللر ، و جناعة .
وأصبحت المواجهة بين الزرقاوي والأجهزة الأمنية مفتوحة وعنيفة ؛ خاصة بعد أن تمكن التنظيم من تنفيذ تفجيرات الفنادق في عمان عام 2005م تلك العملية التي أطاحت بمدير المخابرات الأردنية المعين حديثا ً سميح عصفورة . وشهدت هذه المرحلة عدد من القضايا التي زادت بنسبة 50% من 10 قضايا بين 1990- 2003 الى 22 قضية أمام المحاكم بين 2003-2008م.
– السيناريوهات المستقبلية
آثار الإرهاب على بنية وسلوك الدولة في الأردن
– من أهم أثار الإرهاب على سلوك الدولة كان قيام الأردن بإعادة تفعيل عقوبة الحكم بالإعدام في كانون الأول من العام 2014 على المتهمين بقضايا الإرهاب بعد أن توقف تطبيقه لمدة طويلة. وقد جاء إعادة العمل بحكم الإعدام بعد سلسلة من النقاشات الموسعة والحادة في “مجلس السياسات الوطني” الأردني خلال عام 2014 م . وكان مجموع أحكام الإعدام التي نفذت منذ إعادة تفعيل العقوبة، 28 عملية إعدام لمحكومين، من أصل نحو 122 محكوما.
ومن المؤكد بان الحكم لم يكن دافعة القضايا الإرهابية فقط بل الحالة العامة من الفوضى الأمنية العامة ومحاولة البعض الخروج على الدولة التي رافقت أجواء “الربيع العربي”.
ولذلك أعدمت الإرهابية العراقية التي كانت معتقلة منذ 2005م ساجدة الريشاوي ،وزياد الكربولي ، المتهم بقتل سائق اردني ، وذلك ردا على قيام تنظيم داعش في سوريا بإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة ، واعدم معمر يوسف الجغبير المتهم بتفجير السفارة الأردنية في بغداد عام 2003،وورياض عبدالله الذي اغتال ناهض حتر2017 ، ومحمود المشارفة عملية مخابرات البقعة 2016، وأعضاء خلية اربد .
وفي شهر نوفمبر 2014 قامت وزارة الوقاف الأردنية وهي المسؤولة عن تنظيم الشؤون الدينية والمساجد في المملكة بمنع 25 شيخاً وإمام مسجد من الخطابة وإعطاء الدروس في المساجد المنتشرة في المملكة والتي تشرف عليها الوزارة بحجة عدم التزامهم بالقوانين وتشجيع ونشر الأفكار المتطرفة.
– تنسق الأجهزة الأمنية مثل دائرة المخابرات العامة ،ومديرية الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة الأردنية مع دول العراق ،وسوريا ، والسعودية ، لمكافحة الإرهاب ونشاط الخلايا الإرهابية . كما أن 50% من القوات المسلحة الأردنية تنتشر على الحدود الشمالية والشمالية الشرقية من الأردن بهدف إحباط أي هجمات محتملة من تنظيم داعش؛ خاصة أن “ما يسمى “ـجيش خالد بن الوليد” وهو تابع لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا لم يكن يبعد عن الحدود الأردنية 2 كم فقط .
– قام الأردن بتعديل قانون الإرهاب 2006م، اكثر من مرة الى قانون منع الإرهاب رقم 18 لعام 2014م ،ثم تعديله لسنة 2016م الذي اقر من مجلس الوزراء بتاريخ 8كانون ثاني 2017م بهدف مواجهة الإرهاب العالمي وتعزيز المنظومة الأمنيّة في مواجهة الإرهاب، وتتبُّع الأشخاص المشتبه بهم في ارتكاب أو محاولة ارتكاب أعمال إرهابيّة، ومحاصرتهم والحدّ من خطر تحرّكاتهم.
وبموجب التعديل منح الحاكم الإداري صلاحية إصدار مذكرة إلقاء القبض على المشتبه بهم في ارتكاب أو محاولة ارتكاب أعمال إرهابية، وصلاحية توقيفهم، إضافة إلى إيجاد سند تشريعي يجيز للأجهزة الأمنيّة والعسكرية استعمال القوة اللازمة لتعطيل المشتبه بارتكابهم أعمالا إرهابية، وإلقاء القبض عليهم، وتحويلهم للحاكم الإداري أو المدعي العام خاصة في الفضاء الإلكتروني واستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية والتجنيد والتمويل للجماعات الإرهابية. ولذك إضافة مادة جديده للقانون تنص على تجريم ” استخدام نظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة نشر أو إعلام أو إنشاء موقع الكتروني لتسهيل القيام بأعمال إرهابية أو دعم لجماعة أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية أو الترويج بأفكارها أو تمويلها أو القيام بأي عمل من شأنه تعريض الأردنيين أو ممتلكاتهم لخطر أعمال عدائية أو انتقامية تقع عليهم .
– عزز الأردن منذ عام 2015م من حملته العسكرية ضد تنظيم داعش بدعم من التحالف الدولي وأمريكا. ولقد وصف الملك عبدالله الثاني المعركة مع تنظيم داعش على أنها “الحرب العالمية الثالثة”.
– المشاركة الفعالة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وتنظيم داعش الذي دعا الى تشكيله الرئيس الأمريكي باراك أوباما آب 2014م ، والمشاركة في العمليات القتالية ضد التنظيم في سوريا.
– قام الأردن بعد تفجيرات عمان 2005 م و بتوجيهات من الملك عبدالله بوضع رسالة عمان للحوار بين الأديان والمذاهب وقام بحملة للترويج لأفكار ومحتويات الرسالة في الداخل والخارج.
– شدد الأردن العقوبات التي يفرضها على المروجين لأفكار تنظيم داعش، أو الذين يحاولون الالتحاق بالتنظيم، وبات يترصد كل متعاطف معه حتى عبر الإنترنت. كما شدد منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011 إجراءاته على حدوده مع سوريا، واعتقل وسجن العشرات لمحاولتهم التسلل إلى البلد المجاور للقتال.
– اعتقلت الأجهزة الأمنية 2014م ما بين 200 الى 300 جهادي ، وأحالت الأجهزة الأمنية إلى القضاء 675 شخصاً ممن ينتسبون إلى تنظيمات إرهابية، أو يروجون لها، تحديداً من تنظيم داعش، في ظل توقعات رسمية بعودة أعداد أخرى من التكفيريين والداعشيين بشكل خاص.
اتجاهات وسيناريوهات خطرة
– تشير تقديرات رسمية إلى أن ملف العائدين الأردنيين من تنظيم داعش الإرهابي والتنظيمات المسلحة الأخرى يشكل اكثر السيناريوهات خطرا على امن الأردن، واكبر تحدي للأجهزة الأمنية والمجتمع ، مع توقع تزايد أعداد هؤلاء في المستقبل الذين قدر عددهم منذ بداية الأزمة بنحو 1300(مع التأكيد على تضارب الأرقام ) قتل منهم 400، فيما عاد منهم إلى الأردن نحو 300، وبقي منهم نحو 600 مقاتل معظمهم مع تنظيم داعش .
وأظهر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ونشر في الصحف المحلية بتاريخ (1-10-2014) أن 7% من الأردنيين يؤيدون التنظيمات الإرهابية مثل داعش والنصرة والقاعدة ، علماً بأن تقديرات تشير بأن دعم داعش بين اثنين وخمسة في المائة في معظم المجتمعات العربية” . ورغم هذه النسبة المنخفضة؛ إلا أن خطورة الإرهاب تظل كابوساً للأجهزة الأمنية والدولة والمجتمع .
– يتميز “النموذج الأردني” في مكافحة الإرهاب بأنه دقيق جداً رغم ما قد يبدو للبعض أنه متساهل. والمخابرات الأردنية معروفة باعتماد “المصادر الاستخبارية البشرية” بشكلٍ كبير في عملية المتابعة الاستخبارية.
وتعتمد المقاربة الأردنية في مكافحة التطرف العنيف والارهاب المعتمدة من قبل دائرة المخابرات العامة مقاربة وقائية بشكل عام و تمزج بين الأساليب الناعمة والصلبة بشكلٍ مدروس .
لكن لا بد من الإشارة الى أنه حتى الآن فأن التركيز على الأفراد وليس هناك جهد مجتمعي منظم لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وخطاب الكراهية . وهي تنبع من تتبع ومراقبة الأفراد الذين يبدو عليهم التطرف في المجتمع والعمل بهدوء وصبر عبر وسائل مختلفة لاحتوائهم وإضعافهم وبنفس الوقت مع عدم السماح بتجاوز الخطوط الحمراء.
ويدرك المتابعون لظاهرة التطرف العنيف والارهاب أن هذه المقاربة لا زالت هي السائدة في الأردن ولم يتغير عليها الكثير.
والأردن يعتمد منهجية مركزة جداً تستهدف الضالعين في العمل الإرهابي أو التطرف العنيف و لا يعتمد الاعتقالات والعقاب الجماعي للمتهمين بالعمليات الإرهابية.
ولقد أدت تفجيرات الفنادق في عمان أواخر العام ٢٠٠٥ التي نفذتها جماعة الزرقاوي، إلى مراجعات في الاستراتيجية الأمنية المعتمدة في مواجهة القاعدة والتنظيمات الإسلامية التي تدور من خلال ملاحقة القاعدة وأعضائها قبل وصولهم الى داخل الأردن فتمّ تبني مفهوم الضربات الوقائية.
-يركز الأردن الآن على مسألة كيفية التعامل مع المقاتلين الجهاديين الأردنيين في العراق وسوريا بشكل خاص وكيفية التعامل معهم خاصة بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا .
ورغم التفاوت في الأرقام الإحصائية الدقيقة ( وهي على العموم مسالة تواجه الخبراء المشتغلين على رصد الظاهرة في كافة الدول) فقد قدر بعض المحللين في بداية 2015 عدد الأردنيين المؤيدين لتنظيم داعش والجماعات الجهادية الأخرى –بدون تحديد- بحوالي 9000 الى 10000 مؤيد بما في ذلك حوالي 2000 مقاتل ذهبوا للقتال في سوريا. قتل منهم حوالي 400، وعاد منهم حوالي 300 شخص .
وفيما قدرت “مجموعة سوفان الأمريكية للدراسات ” لعام 2014م عدهم في سوريا والعراق بـــــ(2250) مقاتل أنضم أكثرهم الى تنظيم داعش والبقية لجبهة النصرة –فتح الشام . تؤكد الأجهزة الاستخبارية الأردنية أن الرقم هو اقل من ذلك وأنه لا يتجاوز 1250 مقاتلاً فقط.
ومنذ عام2014 أحالت الأجهزة الأمنية الى القضاء 675 شخصا ممن ينتسبون الى تنظيمات إرهابية او يروجون لها، تحديدا من تنظيم “داعش” الى القضاء في ظل توقعات رسمية بعودة أعداد أخرى من التكفيريين والداعشيين بشكل خاص.
وشارك العديد من المقاتلين(الجهاديين ) الأردنيين في سوريا والعراق لأسبابٍ متنوعة ومختلفة منها الأسباب الأيديولوجية ، الأسباب الاقتصادية ، الخلاف مع الحكومة ، الشعور بعدم المساواة وقرب الحدود السورية والمنظمات الإرهابية ، الشعور بالولاء للجماعات السنية ضد الجماعات الشيعية في سوريا والعراق ، والسياسات الحكومية العلمانية .
وباختصارٍ شديد؛ ليس هناك نظرية متماسكة يمكن أن تُفسر سبب انضمام الأردنيين للجماعات الإرهابية خارج الأردن أو داخله.
وفي ظل وجود هؤلاء المقاتلين واحتمالية عودتهم ، فان الدولة ستعاني جداً حال عودة هؤلاء رغم انه ليس هناك إحصائيات موثوقة حول عدد العائدين بسبب أن بعضهم قد يعود بطريق غير مشروعة -تهريب من خلال الحدود بين الأردن وسوريا والعراق.
أعتقد؛ بأن التحدي الأمني والسياسي الذي سيواجه الأردن في العقد القادم؛ هو مشكلة المتطرفين من الجماعات التكفيرية المفرج عنهم من السجون خلال العقد القادم.
خاصة في ظل استمرار وجود أهم وأخطر قادة السلفية الجهادية في العالم الآن في الأردن مثل أبو محمد المقدسي ، وابوقتادة الفلسطيني الذين لا زالوا يكفرون الدولة والنظام والديمقراطية والدولة المدنّية ، ويحرضون على القتال والجهاد. ولم يقومّا بأية مراجعة إيجابية لأفكارهم الدينية المتطرفة القديمة التي ساهمت في نشر التطرف العنيف والارهاب وعولمته في كافة أنحاء العالم .
لقد قدم الأردن خلال مسيرة السلفية الجهادية المقاتلة أهم وأخطر قادة السلفية في العالم ابتداء من الدكتور عبد الله عزام الى أبو مصعب الزرقاوي الذين قتلوا خارج الأردن وهم يتزعمون راية التطرف الديني العنيف والارهاب في العالم باسم الاسلام والجهاد وإقامة الخلافة الإسلامية .
ولسوء حظ الأردن فأنه لايزال يصارع “ملحمة الإرهاب” بوجود أهم واخطر منظري هذا التيار من أصدقاء عزام والزرقاوي ،مثل أبو محمد المقدسي ، وأبو قتادة الفلسطيني.
لقد أدى الخلاف والانقسام بين تنظيم داعش، وجبهة النصرة –القاعدة في 11-ايار – 2014م الى انقسام التيار السلفي الجهادي في الأردن ، الذي يبلغ عدد مؤيديه في الأردن حوالي (5000) شخص حسب ادعاءات(محمد الشلبي) أبو سياف المعاني ،وانحاز أهم منظري وقيادات السلفية الجهادية الى جبهة النصرة وأميرها أبو محمد الجولاني ، وعلى رأسهم أبو محمد المقدسي ، وأبو قتادة الفلسطيني ، والدكتور إياد القنيبي من عمان ، وأبو سياف المعاني من محافظة معان في الجنوب ، ولقمان الريالات من السلط- محافظة البلقاء.
بينما وقف مع تنظيم داعش 70% من التيار السلفي الجهادي في الأردن وعلى رأسهم – رغم أنهم لم يعلنوا ذلك صراحة- ؛ وهم : أبو بكر السرحان من محافظة المفرق في شمال الأردن ومصطفى الصوريفي من السلط ، ورشاد اشتيوي من مخيم البقعة ،وأبو محمد الطحاوي من محافظة اربد في الشمال.
ويلاحظ هنا أن معظم منظري و قيادات السلفية الجهادية في الأردن هم ضد تنظيم داعش ، بينما يحظى داعش بتأييد معظم التيار السلفي الجهادي وبعض القيادات من الصف الثاني غير المعروفة سواء داخلياً أو عالمياً .ولذلك فقد سارع القيادي ابوسياف محمد الشلبي بعد عملية الفحيص والسلط الى شجب ونفي علاقة تيار المقدسي بالعملية.التي نسبت لتنظيم داعش.
* مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب - عمان الأردن