الرزاز والإصلاح السياسي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/08 الساعة 01:03
الاطروحة التي قدمها الرئیس للاصلاح السیاسي مثیرة وجریئة وواعدة لكنها مجتزأة وضبابیة تفتقر إلى الدعم والاسناد الضروریین لتحویلها من دعوة إلى برنامج اصلاحي. الحدیث المبكر للرئیس عن العقد الاجتماعي تلاشى من الادبیات السیاسیة للحكومة وترحیبه الدائم بالحراك واستعداده للحوار مع الحراكیین لا یعدو مبادرة فردیة. ما یقوله الرئیس في اللقاءات المتنوعة یعكس طریقة ومنهجا واسلوبا مختلفا في التعاطي مع القضایا أكثر مما یمثل تحولا في مواقف الدولة ومؤسساتها من القوى والجماعات والأحزاب التي تحاول تقدیم تصورات مغایرة لإدارة وتسییر الشؤون العامة. في لقاءات سابقة مع وسائل الإعلام تحدث الرئیس بثقة كبیرة عن نیة الحكومة تسریع الخطى نحو الحكومات البرلمانیة لترى النور خلال عامین، حیث أشار إلى تطویر الحیاة الحزبیة وإعادة النظر في قانون الانتخاب وتطویر اللامركزیة لإزالة بعض القیود والمحاذیر التي حدت من سلطات مجالسها. هذه الأفكار مقرونة بالعقد الاجتماعي والانفتاح على الشباب والحوار الوطني كانت مرتكزات رؤیة الحكومة للاصلاح السیاسي في الأشهر الأولى لتشكیلها. في بعض الجوانب حققت الحكومة شیئا من النجاح إلا أن ذلك لم یخرجها من دائرة الاختبار. فتصریحات الرئیس المتعلقة باصلاح الدولة لإكسابها المنعة والقوة والتذكیر الدائم بمبدأ أن لا أحد فوق القانون، واستثمار مناسبات متعددة للحدیث عن كسر ظهر الفساد لم تمنع أو تردع رهطا من العاملین في إحدى الجامعات طرد رئیسهم ولم تمنع شباب احدى العائلات المعروفة من مهاجمة رجل الأمن الذي حاول مخالفة موكبهم كما أنها لم تصل لسائقي حافلات الكوستر الذین لا یترددون في إیقاف حركة المرور في الشوارع الرئیسة لالتقاط أو انزال راكب أیا كان المسرب الذي یتخذونه. في الأردن لا یوجد خلاف على وجود حاجة لتغییر العلاقة بین الدولة والمواطن فالجمیع یبدون انزعاجهم من نوعیة العلاقة القائمة و یقرون بضعف أو انعدام الثقة ویدعون إلى ترمیم واصلاح هذه العلاقة. في كافة الأوساط والمواقع وبین كافة القطاعات والطبقات وحیثما یكون التفكیر المستقل هناك دعوات للاصلاح. الخلاف بین الرسمیین والأهالي لیس في التشخیص للخلل ولا في التوصیف للواقع بل في تقدیر حجم الخلل والأسباب المؤدیة له والجهات المسؤولة عنه والطریقة الأنسب للخروج من الوضع القائم والسرعة المطلوبة لمغادرة مربع الازمات وبأي اتجاه.. حول هذه البنود وغیرها یوجد خلافات واسعة بین الاطراف كما تقابل المقترحات التي یتقدم بها كل طرف بالرفض والانتقاد فهي احادیة الوجهة ولا تأخذ بعین الاعتبار مواقف واتجاهات ورؤى الاطراف الاخرى. بعض الخلافات تعود إلى تباین الافتراضات والجدل حول ما هو وطني وغیر وطني وما هو ممكن وغیر ممكن في حین یعود جزء كبیر منها إلى تباین التقدیرات لحجم ما یحتاج إلى تغییر وبأي اتجاه. الكثیر من القوى الشعبیة ترى أن الاصلاح أولویة لا تحتمل التأجیل والمماطلة في حین یرى بعض أركان الدولة ضرورة التریث لتجنیب البلاد القفز في الظلام على حد تعبیر بعضهم. في مجال المشاركة السیاسیة تعتقد بعض المؤسسات والمراكز أن الدولة ومؤسساتها وفرت كافة الفرص للمواطن للترشح والاختیار والادلاء بصوته لاختیار من یمثله في المجالس النیابیة والبلدیة واللامركزیة في حین لا یزال البعض یشكك في قدرة المجالس على التعبیر عن إرادة الناخبین ویشیر إلى مستوى التناقض بین الخطاب السیاسي الإعلامي للنواب والمواقف التي یتخذونها عند التصویت على البیانات والخطط والتشریعات التي تعرضها الحكومة، أو السلطات المحلیة. الاصلاح السیاسي عملیة غیر مكلفة مالیا فهي لا تحتاج لتمویل أو اقتراض بل الى نوایا صادقة لإحداث تغییر یطلق طاقة الأفراد، ویمنحهم الفرص في التعبیر والمشاركة وتحمل المسؤولیة دون وصایة أو محاذیر في الاصلاح السیاسي تحصین للدولة وتقویة للمؤسسات وحد من الفساد والشللیة والابتزاز الذي تواجه الدول التي تأخرت في عملیة الاصلاح. الدولة القویة تحترم حقوق وكرامة الافراد وتحمي حریة النشاط وتتیح للجمیع الاستمتاع بحیاة كریمة في ظل القانون. الاعلان المستمر عن نیة الاصلاح والتأخر في تحقیقه لا یخدم مسیرة الدولة ولا یحقق الثقة الضروریة لبناء المواطنة الفاعلة التي یتطلع لها الجمیع. الغد
  • البرلمان
  • قانون
  • شباب
  • مناسبات
  • الأردن
  • قائمة
  • مال
  • منح
  • اعلان
مدار الساعة ـ نشر في 2019/01/08 الساعة 01:03