العاصفة تقترب

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/24 الساعة 01:22
تتعرض بنية الاعلام الاجنبي والعربي الى تغيرات خطيرة جدا، وهي تغيرات، تعصف بمستقبل الصحافة الورقية، وامتدت حتى الى الاعلام الالكتروني والتلفزيوني، ولايمكن الا نقر ونعترف اننا خلال اقل من عشر سنين، سنشهد انقلابا كاملا.

هذا يعني من جهة اخرى، ان ذات المهنة، اي مهنة الصحفي، تتعرض الى تغييرات ايضا، ومايجده الصحفي اليوم من فرص ووظائف، بات عرضة للتغيير ايضا، وفي العالم كله، هناك تغييرات، وهي تزحف ايضا الى العالم العربي، فشكل المهنة، وطبيعة الوظائف، واشتراطاتها تغيرت كليا.

على صعيد الاعلام العربي، مثلا، فان اغلب التمويل السياسي للصحف توقف كليا، وقد اغلقت صحف ومجلات عربية، كانت ممولة من دول، وهذا التمويل السياسي، انتهى تقريبا، لاعتبارات تتعلق بقياسات الجدوى، ولتأثر الدول الممولة بفكرة اهمية البدائل التي اقلها وسائل التواصل الاجتماعي، وليس الاعلام الالكتروني، او حتى التلفزيوني.

رئيس الولايات المتحدة الاميركية، يعادي كل وسائل اعلام بلاده، المطبوعة والتلفزيونية ويدير وجوده عبر تويتر، الذي يصل عبره الى كل العالم، وهناك زعماء لديهم متابعين عبر هذه الوسائل بأرقام تفوق الخيال، عما لو كانوا يعتمدون فقط على الوسائل التقليدية.

التمويل للصحف والمجلات، بشكل غير مباشر، عبر الاعلانات، تراجع بشكل غير مسبوق، اذ هناك تجفيف مصدره التراجعات الاقتصادية في العالم العربي، اضافة الى ان المعلنين باتوا على يقين ان الاعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يصل الى جمهور اكبر، فلماذا ينفقون ملايين الدولارات على صحف ومواقع الكترونية لايتصفحها احد، وبأمكانهم اللجوء الى صفحات يتابعها الملايين، والى اسماء معروفة اعلامية وفنية، يتم التعاقد معها بمبالغ قليلة مقارنة بما كانت تنفقه هذه المؤسسات، من اجل ان تنشر المذيعة الشهيرة، او الرياضي المعروف، صورة وهو يقود سيارة من طراز معين، او تتحدث المذيعة عبر موبايل من موديل مختلف، فتصل الصورة عبر الصفحة الى ملايين الافراد وتؤثر على التسويق، وهذا الانقلاب الجاري حاليا، يعصف حتى بالمواقع الالكترونية في العالم العربي، لصالح وسائل التواصل الاجتماعي.

هذا التجفيف المالي، وغياب الاشتراكات في الصحف، والاعلانات، يؤدي عمليا الى اضعاف المشاريع الكبرى والصغيرة في الاعلام، ويؤدي تدريجيا الى ترشيق المؤسسات، نحو اغلاقها لاحقا، فلم يعد احد يهتم في العالم العربي، بالاعلام الاعتيادي، وهذا كله يصب لصالح الاعلام البديل.

اضافة الى ماسبق، فأن طبيعة مهنة الصحفي تتعرض الى تغيرات، وكل الذين يظنون ان وظيفة الصحفي كتابة الخبر او التحليل اوتغطية الحدث، عبر الكتابة فقط، عليهم ان يعرفوا اليوم، ان كل الشواغر الجديدة في الاعلام، باتت شروطها مختلفة جدا، فلا يكفي ان تكتب جيدا، ولابد ان تمتلك مهارات اخرى مع الكتابة مثل اللغة الاضافية، والتعامل مع الفيديو، تصويرا ومونتاجا، وقضايا اخرى يتم طلبها اليوم، فقد باتت مهمة الصحفي اكثر تعقيدا، ومن الممكن ان يصاب الصحفي بضمور المهارات، مالم يتفهم الاشتراطات الجديدة في المهنة، وهي اشتراطات ومهارات تتغير كل يوم، وعليه ملاحقتها، والا سيخرج من السباق مبكرا.

مجمل المشهد، يحكي عن وضع صعب مقبل على الطريق، اذ ان كل بنية الاعلام، تهتز من حيث المؤسسات والعاملين، والعاصفة التي تقترب، ليست بعيدة، وهذا امر يفرض التنبه لما سيجري، لاننا قد نجد انفسنا امام تغيرات ثورية، تنهي جيلا كاملا، من العمل الصحفي، نحو انتاج جيل جديد رشيق، قليل العدد، يعمل بتقنيات مختلفة، ويطرد كل سابقيه.

الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/24 الساعة 01:22