معارضة من «طينة» البلد

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/31 الساعة 00:42
يمكن لمن يشاء ان يشكك كما يشاء باصناف المعارضة، او بالتقارير التي تصدرها بعض مؤسساتنا حول «حالة البلاد «، او بالتصريحات التي يطلقها السياسون الذين غادروا «قمرة « المسؤولية حول اتجاه بوصلتنا.. هذه وجهات نظر نحترمها كما نحترم اصحابها ايضا، لكن ما لا نستطيع ان نشكك فيه هو اننا بحاجة الى معارضة وطنية عاقلة تحظى باعتراف الدولة وتقدير المجتمع، وهذه المعارضة لا يمكن ان تنشأ من فراغ، لانها بحاجة لمقومات لوجودها ونجاحها، ولمناخات سياسية تمكنها من اداء دورها .
أسوأ ما يمكن ان نفعله بانفسنا هو ان تنبادل وجبات الاتهام والتشكيك، وان نمارس مثل هذه القسوة في توزيع «صكوك الوطنية»، صحيح اننا مع النقد ومع كل عين مفتوحة على الخطأ، اي خطأ، لكن يجب ان ننسجم مع انفسنا،فما نرفضه في اطار التكفير باسم الدين لاخراج البعض مع دائرة « الملة الدينية، يجب ان نرفضه في اطار التكفير باسم الوطن لاخراج شركائنا فيه من الملة الوطنية ايضا .
ما الذي يمنع الاردنيين، سواء اكانوا موظفين او عسكريين متقاعدين او سياسيين او مغتربين من المعارضة، ما دام انهم يتحدثون باسم هموم الناس، ويطالبون بتصحيح مسارات عجلة السياسة واصلاح نهجها ؟ هل للمعارضة طبقة خاصة لا يجوز ان تخرج من غير رحمها،هل يمكن ان نشك في هؤلاء الذين خدموا الدولة في اهم مفاصلها وقاتلوا في جبهات معاركها، ثم تقاعدوا ورفعوا اصواتهم مطالبين بالاصلاح، هل سنكون معجبين بهم افضل لو ظلوا جالسين على مقاعد المتفرجين،واثروا الاسترخاء والراحة على المشاركة في العمل العام ولو من باب ابداء النصيحة .
آخر ما يخطر على بالي ان عن المعارضة بالصراخ، تلك التي يمارس اصحابها «دب الصوت» لكي يستحوذوا على المشهد، او يغطوا عليه بمزيد من الغبار، هؤلاء اصحاب الصوت العالي لا يملكون افكارا كبيرة، ولا برامج محددة، وليس لديهم مواقف او قيم ثابتة، لديهم فقط « بصمة الصوت « ويتحركون دائما على ايقاع غضب الناس، وجاهزون للانقضاض على خصومهم كما يفعل الصياد الشاطر حين يطلق رصاصته او ينصب « الفخ» للايقاع بفريسته .
اعرف ان هؤلاء ليسوا معارضة وانما مجرد صدى لما يطلبه الجمهور،وهم دائما يبحثون عن مصالحهم فاذا ما نزلت اسهمهم في بورصة «المغانم» والمكتسبات انتفضوا لاسترجاعها، اما الذين اعنيهم واعتقد انهم يستحقون الاحتفاء والتقدير فقد ولدوا من طينة اخرى: اصواتهم تشبه اصوات الناس، وضمائرهم لم تلوثها المناصب،واعمارهم لم تعد تتسع لانتظار «هبات « او مواقع جديدة، زهدوا في كل شيء الا في رؤية وطنهم عزيزا كريما معافى من القهر والفساد .
بدل ان نشهر سيوفنا ضد بعضنا، ونحاسب على النوايا ونستبد في شيطنة بعضنا، نحن احوج ما نكون اليوم للبحث عن مشتركات ترسخ وئامنا الوطني،واصوات عاقلة تمارس المعارضة في الدائرة الوطنية المنزهة عن الاغراض والحسابات الشخصية، نحن احوج ما نكون لوضع «حجرنا الوطني» على بساط واحد،ثم نرفعه معا ونضعه في مكانه الصحيح .
كل ذلك لا يمكن ان يتحقق الا اذا اعترفنا ببعضنا، وعرفنا من نحن، وماذا نريد، وتعاملنا مع بعضنا «بالمعروف» الذي يمثل اعلى قيمة للخير الوطني، هذا الخير لا يمكن لاحد ان يحتكره، كما لا يمكن لاحد ان يتنازل عنه ايضا . الدستور
  • الدين
  • الاردن
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/31 الساعة 00:42