هكذا أصبحت العقبة بعدما صارت ’خاصة‘

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/30 الساعة 13:11

مدار الساعة - تَطوي محافظة العقبة عامها السابع عشر تحت إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة، التي تشير آخر أرقام ايراداتها المتوقعة مع نهاية العام 2018 الى نحو 63 مليون دينار.

تغيرت منطقة العقبة كثيرا خلال 17 عاما، فوصل عدد سكانها الى مئتي ألف نسمة حسب الأرقام الرسمية، وكانت الشكوى الدائمة غياب النظافة وندرة الاستثمارات وشبكة طرق لا تليق بالمكان والمكانة، فضلا عن غيابها عن التسويق السياحي، بينما الفوضى سيدة المشهد في منفذ الأردن البحري.

شهود عيان عديدون استحضروا العقبة، قبل مرحلة السلطة الخاصة، لافتين الى أن نقلة كبيرة شهدتها تنمية المجتمع المحلي، والسياحة، والبنية التحتية والمشاريع، وهم لا يترددون في التعبير عن الأمل بأن يكون النجاح أكبر.

حي الشلالة القديم في المدينة البحرية، أحد الأحياء التي نالت قسطا ملحوظا من التطوير، منذ أن تحولت العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة، حسب عمر الخلفات المتقاعد المدني الذي يسكن واهله العقبة منذ ستينيات القرن الماضي، وبدأت حياتهم في حي الرياطية ثم انتقلوا الى الشلالة وهم يشهدون اليوم حركة تغيير مستمرة. الخلفات يقول "كان الحي عشوائيا، وغير منظم فغيرته السلطة الى الأفضل، ونقلت عددا من سكانه، ومنحتهم بيوتا في منطقة الكرامة، والبعض الآخر منحته أرضا في منطقة أخرى، وأصبح الحيُّ أكثرُ نظافة وتنظيما وخدمات، وهي من فضائل المنطقة الاقتصادية". "العقبة أفضل بكثير عما هي سابقا، والسِّياحة الداخلية تحسنت، والدعاية للمدينة تطورت كثيرا" يؤكد الخلفات، الذي يأمل أن تكتمل المشاريع التي اعلن عنها، لتشغيل السكان، وانعاش الحركة الاقتصادية في المحافظة. وحسب الخلفات، فقد شملت الفوائد المناطق التابعة للعقبة، واستفاد كثيرون من الاعفاءات والسوق الحرة كمنطقة القويرة، ويتم تفقد الأسر متواضعة الدخل بتوزيع معونات عليها، وكان آخرُها 300 ألف دينار.

بيد ان الخلفات يلاحظ تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وانخفاضها، ما يلقي مسؤولية مضاعفة على كاهل السلطة في تشجيع الاستثمار الخارجي وفتح فرص عمل للجميع. شواطئ الغندور والجنوبي والسداسي والمتنزه البحري، بدا واضحا الاهتمام بها، وهي شواطئ شعبية يقول الخلفات، وأصبحت أكثر نظافة، وانتهى عهد "القهاوي" بها، وتحولت الى مكان متميز للسياحة الداخلية وحتى الخارجية.

يستذكر الخلفات حال بعض الأحياء والمناطق سابقا، والى ما انتهت اليوم، ويسوق مثال المنطقتين التاسعة، والحادية عشرة، اللتين كانتا بلا ابنية وسكان، فيما هما حاليا مكتظان، معبرا عن الامل أن ينتهي العمل بمشاريع عديدة من بينها مرسى زايد ومنطقة الشميساني، ما سيؤثر على انتعاش المدينة.

رياض الفارس، صاحب شركة تأجير سيارات سياحية، لا ينكر أن العقبة أفضل من قبل بكثير، الا أنه يتمنى أن تتم معالجة السلبيات، وبعض العوائق التي تواجهه كمستثمر، ومن بينها ارتفاع الضرائب، ورغبته في تشجيع الاستثمار الخارجي والداخلي والقضاء على كل ما يعوق قدومهما إلى المدينة.

الفارس يقول إن العقبة من الممكن أن تكون أفضل بكثير، وأن الرؤية الملكية لها منذ أن تم تحويلها لمنطقة خاصة كانت تهدف لتحويلها إلى قِبلة للسياحة والاقتصاد والبناء والتطور، وأن هذا يحتاج الى قرارات مهمة وتسهيلات، تساعدهم في المساهمة في بناء العقبة مدينة أردنية سياحية أسوة بمدن تشبهها في دول الجوار والعالم. اما المستثمر صلاح الشمايلة، صاحب شركة تخليص في العقبة منذ سنوات، فيشعر أن هناك تعقيدات وضرائب كثيرة تواجه المستثمرين، وهي تتسبب بخروجهم من العقبة وإغلاق شركاتهم أو نقلها، داعيا للتفكير بحلول أكثر مرونة لجذب الاستثمارات للعقبة والبحث في أسباب إغلاق كثير من مكاتب التخليص والشركات التي كانت تعمل في السابق. هاشم الزروق مواطن ليبي سائح يستعد لمغادرة العقبة بعد أيام من زيارتها، يؤكد ل(بترا) أن المدينة جميلة جدا وهادئة، وأن الأسعار بها أرخص من العاصمة عمّان والتي يقيم بها منذ سنوات. ما لفت انتباه هاشم في المدينة النظافة الكبيرة حسب قوله، في الشوارع وأحيائها والأسواق التي مر بها، وان زيارتها ماتعة جدا، وتستحق المسير اليها من عمّان خاصة في فصل الشتاء. محمود ومؤيد وراشد وعبد الرحمن، مجموعة من الأصدقاء، هم في العقبة ليومين فقط، يقولون إن الملفت في المدينة هو أن عدد السياح الأجانب كبير، فالمدينة تعج بهم، بعكس الزائرين الأردنيين مبررين ذلك بأن زيارتهم جاءت منتصف الأسبوع وفي الشتاء لذلك قد يكون عدد الزائرين المحليين قليل. يذكر مؤيد انه قرأ أيضا إعلانا عن حاجة أحد الفنادق في المدينة لموظفين براتب يصل الى 700 دينار، مع حوافز عديدة، وان حاجة الفندق هي نحو 500 موظف، وأن هذه الفرص والراتب جيد جدا كبداية وهذا يدل على أن هناك فرصا كثيرة يتم فتحها للعمل يوميا.

بلغت إيرادات سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة للعام 2017 نحو 61.5 مليون دينار، ونفقاتها الجارية 32.9 مليون دينار، ونفقاتها الرأسمالية 16.5 مليون دينار، ووفر مالي بلغ 12.1 مليون دينار حسب أرقام رسمية. وتوقعت أرقام السلطة للعام 2018 أن تبلغ ايراداتها 62 مليون دينار، ونفقاتها الجارية 34 مليون دينار، ونفقاتها الرأسمالية 17.1 مليون دينار، بوفر مالي يبلغ 10.9 مليون دينار، وفي العام 2019 فإن المؤشرات المالية المقدّرة تدل على ان الإيرادات ستبلغ 62.5 مليون دينار، وستصل نفقاتها الجارية الى 34.6 مليون دينار، ونفقاتها الرأسمالية الى 17.5 مليون دينار. وعن أرقام السنوات السابقة بين عامي 2012 وحتى 2016 فقد أشارت إلى ارتفاع اجمالي الإيرادات المحصلة خلال العام 2016 بحوالي 12.9 مليون دينار أي بما نسبته 12.9 بالمئة لتبلغ حوالي 122.8 مليون دينار، مقارنة مع الزيادة المتحققة خلال السنوات الخمس السابقة والبالغة 9.3 مليون دينار، بمعدل نمو بلغ 11.8 بالمئة وهو يفوق متوسط معدلات النمو المتحققة في الايرادات خلال السنوات الخمس الماضية والبالغ نسبتها 10.7 بالمئة. يبين تقرير السلطة للعام 2016 أنها قامت بتحويل نحو 49.8 مليون دينار لخزينة الدولة عام 2016، و 47.9 مليون عام 2015، وبلغ متوسط التحويل خلال الخمس سنوات الماضية 35.6 مليون دينار، وحققت السلطة خلال العام 2016 وفرا ماليا بلغ 22.4 مليون دينار، و14.1 عام 2015، و2.6 مليون دينار عام 2014، بسبب إجراءات وقف الهدر في المال العام. المجتمع المحلي وتنميته حصل على ما يزيد على 31.5 بالمئة من النفقات الرأسمالية للسلطة، وتم توجيه ما نسبته 65.8 بالمئة من هذه النفقات نحو تمكين وتعزيز برامج ومشاريع البنية التحتية الجاذبة والملائمة للاستثمار حسب أرقامها المالية في العام 2016. السلطة على لسان رئيس مجلس مفوضيها ناصر الشريدة كشفت أنها وضعت خطة مستقبلية أيضا تمتد حتى السنوات السبع القادمة وتتضمن محاور، السياحة والاستثمار والتجارة، وتطمح الى زيادة عدد المناطق الصناعية من منطقتين الى 5 مناطق، والمراكز اللوجستية المناطق الحرة من 5 مراكز الى 10 مراكز، وتوفير 30 الف فرصة عمل اضافية.

رفع عدد السياح وصولا الى مليون ونصف المليون سنويا بحلول العام 2025، هذا ما تتضمنه خطط السلطة وزيادة معدل اقامة السائح، وزيادة عدد الغرف الفندقية، واستحداث ست مناطق استثمارية جديدة في لواء القويرة.

قامت السلطة بحسب تقريرها للعام 2017 بتخفيض رسوم التسجيل نحو 50 بالمئة من الرسوم المطلوبة لمدة عام واحد كمحفز إضافي للاستثمار، وفتحت باب تصويب أوضاع العمالة الوافدة في المؤسسات المسجلة، ومنح المصانع المسجلة خصما تشجيعيا عند التصدير للأسواق الخارجية من خلال ميناء الحاويات مقداره 50 بالمئة من إجمالي البدلات المدفوعة لشركة ميناء حاويات العقبة. أنجزت العقبة الاقتصادية خلال العام 2017 انشاء 34 سدّا مائيا وشبكة تصريف مياه داخل المدينة لاستيعاب كل التدفقات المائية خلال الموسم المطري وتركيب نظام رصد وإنذار مبكر، وانشاء المدينة العمالية الجنوبية وإحالة عطاء تنفيذ مجمع المدارس المركزية في العقبة. تذكر أرقام موانئ العقبة أيضا مناولة 17 مليون طن خلال العام 2017 بزيادة 3 بالمئة عن العام 2016، ووصلت ايرادات شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ الى نحو 75 مليون دينار، وخفض معدل مكوث الحاويات لسبعة أيام فقط، ووصل عدد المسافرين في العام 2017 الى 180 ألف مسافر، وزار العقبة نحو 500 ألف سائح خلال هذه الفترة، ووصلت 38 باخرة سياحية على متنها ما يقارب 55 ألف شخص. السلطة صممت موقعا الكترونيا جديدا، يتميز بأنه يتحدث ب 12 لغة، ويحمل كثيرا من التفاصيل الدقيقة التي يستطيع القارئ تكوين فكرة تامة عن العقبة واستثماراتها وبيئتها السياحية.

--(بترا) 

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/30 الساعة 13:11