مواصـفات حكـومة تغيير النهج التي نطمـح لها

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/29 الساعة 19:03
/>ما زالت مبررات تغيير الحكومات تدور والفترة من الزمن حول أن الحكومة السابقة عجزت عن تنفيذ برنامجها الوزاري وعدم تقيدها فيما جاء في كتاب التكليف السامي، إضافة إلى ضعف أداء بعض الوزراء وتقاعسهم في القيام في مهامهم وبالواجبات المنوطة بهم، واحياناً تكون عدم انسجام الطاقم الوزارة، والأكثر تشويشاً يكون "للإعلام" المغرض دور كبير حيث يتسيد الموقف في ظل ضعف وتراجع إعلام الدولة في توضيح تلك المبررات والمسوغات ويطلق الشائعات هنا وهناك.
ايضاً هناك سبب يفرض نفسه وهو عدم وجود معارضة وطنية حقيقية ممنهجة وصادقة لها مشروعها الوطني، تبني عملها وتحالفاتها على أساس دعم ما هو صالح ونبذ ما قد يؤثر سلباً على مصداقية عملها أمام الناس، وتسعى لتحقيق مكاسب في الإصلاح على مستوى الوطن .. فـ المطلوب حكومة وطنية رشيدة وراشدة، تستطيع تغيير النهج وتلبي طموحات الشعب وتقود البلاد خلال هذه المرحلة وما بعدها إلى بر الأمان، ومن أهم المواصفات المقترحة لهذه الحكومة على سبيل المثال لا الحصر:
في البداية .. ينبغي النظر فيمن يتم تكليفه رئيساً أو وزيراً من حيث قراءة تاريخه وتقييم ماضيه والتأكد من أمانته وصدقه ووطنيته وإخلاصه وقدرته وتفانيه وخبرته، وخلفيته الثقافية، ودرايته بخطة وأساليب الحكم والإدارة، ومدى فهمه لطبيعة أحوال الناس، وطريقته في قراءة المجتمعات، وحضوره وقبوله وقدرته على التواصل والأتصال، لكن كل هذه المواصفات لا تقف ولا تصل إلى من هو بل الشخصية التي وهب إياها، لأن الدفع بشخصيات تفتقر للخبرة ولبعض هذه المواصفات كلفنا الكثير الكثير، وكانت النتائج حتماً أقل من سلبية.
ايضاً أن تكون حكومة كفاءات قبل أن تكون حكومة موالاة، وهذا يعني ترجيح معيار الكفاءة فيمن سيتقلد المنصب الوزاري في هذه المرحلة والمرحلة المقبلة، على معيار الموالاة رغم أهميته مع العلم بأن صفة الموالاة الحقيقية تختلف جوهرياً عن مفهوم الإخلاص الذي لا غنى عن توفره في كل مسؤول.
وأن تكون حكومة نظيفة، وهذا يعني أن لا يكون من بين الذين سيتولون تصريف الشأن العام من من وزراء تحوم حولهم شبهات التورط في جرائم فساد أو اختلاس أو رشوة أو قضايا مخلة بالشرف والأمانة .. فالوزير يعتبر قائد ومثل أعلى وقدوة.
وأن تكون قادرة على ممارسة الولاية العامة بشكل شامل دون خوف أو محاباة أو مجاملة وأن تكون صاحبة قرار جريء فيما يتعلق بمحاربة الفساد واجتثاث جذوره وتجفيف منابعه دون خوف أو هوادة أو تساهل وأن لا تنضوي خلف عباءة الملك وأن تكون قادرة على كشف الحقائق وتوضيحها للناس بكل شفافية كي لا تكون عرضة للتأويل وللتسويف.
أن تكون لديها القدرة على أن تقود البلاد للتقدم إلى الأمام بحرية وأن تصون وتعزز وحدة الوطن وأن تكون ممثلة للجميع، وعليها أن لا تقصي أحد سوى الفاسدين والمجرمين والمخربين الذين يستحيل إصلاحهم، وأن تعتني بالكفاءات وتعزز دورها، وأن تكون لديها المقدرة محاورة كل من يعارض سياستها، وأن تفسح المجال لهم للاشتراك في تحمل المسؤولية الوطنية.
وأن تكون حكومة تمثل الشعب كله وهنا يجب أن يُراعى في تشكيلها تمثيل مختلف المكونات الاجتماعية ، ومختلف جهات الوطن حتى لا يشعر طرف بالغبن أو التهميش، مع الحذر كل الحذر من أن تكون حكومة محاصصة أو صفقات اجتماعية، أو جهوية أو علاقات شخصية، وإذا رجعنا إلى تاريخنا السياسي القريب والبعيد، نجد أن أهم المنجزات التي تحققت على مستوى الوطن، إنما تحققت في ظل حكومات كانت الأوسع تمثيلا لمختلف أطياف المجتمع ومكوناته.
وأن تكون حكومة من الشباب أساسا، بمعنى ضخ دماء جديدة، وكفاءات شابة منسجمة مع توجهات الوطن وطامحة إلى التغيير المنشود ومؤمنة به، ومن الضروري اليوم أكثر من أي وقت مضى مواصلة السير في نهج التجديد والأعتماد عموماً على الشباب ممن تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة والإخلاص.
والمهم أن تكون حكومة فريق عمل متحد ومنسجم ومتجانس ومتضامن، ذلك لأنها في الأصل وحسب الدستور فريق عمل مسؤول عن كل شيء، ومسؤوليتها تضامنية، ومن المستحيل أن ينجح فريق يلعب بعضه ضد بعض، مع أننا نؤمن بالاختلاف في الرأي، وأنه لا يفقد للود قضية، حسب ما يقولون لكن هذا الرأي لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يضر بالمصلحة الوطنية العليا للدولة، وإذا أضر بها فعلى قائد الفريق التدخل والتصرف، لقد سئمنا حالات التدابر والصراعات والتناوش التي تطفو على السطح في بعض الأحيان في بعض الحكومات الماضية، والتي لم يستفد منها إلا أعداء الوطن، فيجب أن يكون لديها الأنتباه إلى أن هناك ثلاثٌ متلازمات ومترابطات تمثل التحديات الجوهرية للوطن هي: التنمية بكل اشكالها، والأمن، والاستقرار.
وأخيرا .. وإن لم تكن هذه المواصفات على أهميتها متوفرة فـ على الأقل أن تكون حكومة وطنية تعمل على خدمة الوطن والمواطن من خلال قراراتها، وأن لا تكثر الشعارات والوعود، فالمواطن أصبح لا تغريه الشعارات الطنانة بقدر ما يلمس من خدمات تقدم له في كافة القطاعات التي تمس حياته، نحن نعلم أن معظم وزراء حكوماتنا المتعاقبة كانوا بعيدون جداً عن هموم المواطنين الذين يفترض أن تكون خدمتهم هي المبرر الرئيسي في وجودهم في هذا الموقع ، فالمواطنون لديهم مشكلاتهم الحقيقية التي لا يمكن تجاهلها والتي ينبغي حلها بشكل عاجل، واحياناً تكون مصالحهم مهددة يجب رعايتها وحمايتها ، المهم جداً أن تقف الحكومة على مسافة واحدة من الجميع وأن تتعامل مع كل فئات الشعب مهما كانت انتماءاتهم الاجتماعية وولاءتهم السياسية .. فالحكومة حكومة الشعب، والوطن للجميع
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/29 الساعة 19:03