عمان - طهران : تفاهمات غير معلنة..!!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/23 الساعة 01:04
م تخرج العلاقة الاردنية الايرانية - منذ عام على الاقل - من “الثلاجة “، صحيح ان المقرات الدبلوماسية ما زالت مفتوحة في البلدين، وصحيح ان الاحتجاج الاردني على سلوك طهران تجاه السعودية انتهى بعودة سفيرنا هناك بشكل “ ناعم “، لكن الصحيح ايضا هو ان “المسار السياسي” بين الطرفين ظل “ مقيدا “، وبعيدا عن النقاش، على المستوى الرسمي تحديدا .

لا تخفي طهران رغبتها، “ بتطبيع “ علاقتها مع عمان، فقد سبق وسمعت من اكثر من مسؤول ايراني، اخرهم السفير في عمان، ان طهران ترحب بالانفتاح على الاردن، ومستعدة لالتئام لجان التنسيق التي تجمدت منذ اعوام، كما انها تريد ان تتعاون في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية والتعليمية، لكن الردود التي تصلها من المسوؤلين هنا ليست مشجعة .

في المقابل، ثمة اعتبارات عديدة تمنع عمان من فتح الخطوط السياسية مع طهران، اهمها يتعلق بموقف الاشقاء في الخليج من امتداد النفوذ الايراني في المنطقة، وخاصة تدخلها العسكري في اربعة عواصم عربية تشكل “ المجال “ الحيوي لامن المنطقة، زد على ذلك الانقلاب الدولي الراهن – خاصة بعد وصول ترامب للبيت الابيض – ضد طهران، ناهيك عن حساسيات الصراع المذهبي والطائفي الذي اصبح هاجسا للجميع، خاصة بعد محاولات طهران “ التبشير “ بالمذهب الشيعي في اكثر من بلد عربي .

من المؤكد ان الرؤية الامريكية نحو “ التسوية “ الاقليمية، وما سوف يتمخض عنها من تشكيل “ ناتو “ عربي لمواجهة ايران، ستصب في اتجاه المزيد من القطيعة والجفاء بين طهران من جهة وعمان ودول الاعتدال العربي من جهة اخرى، كما ان الخلافات داخل ايران بين المحافظين والمعتدلين والاوضاع الاقتصادية التي تمر بها ستدفع طهران الى التمسك بخياراتها القائمة على توسيع النفوذ واستثمار الخصومة مع واشنطن لدعم اذرعتها في المنطقة، مما يعني ادامة حالة الصراع العربي الايراني، وتلاشي اية فرصة للحوار او اللقاء على طاولة المشتركات المصالح، رغم ان مثل هذا الخيار، هو المخرج الوحيد لازمة الطرفين والمنطقة ايضا .

بالعودة الى العلاقة بين عمان وطهران وما يترتب عليها من تداعيات على صعيد المصالح الاردنية، تعتقد عمان – في تقديري – ان التحالف الاردني مع روسيا كفيل “ بابطال “ او ابعاد اي محاولة ايرانية لتهديد الامن الاردني من خلال الوجود العسكري الايراني في الجنوب السوري المحاذي لحدودنا الشمالية، فالرئيس بوتين – حسب مصادر اردينة – يعرف تماما ماذا تريد ايران في سوريا، كما انه يستطيع ان يضبط حركة نفوذها، وبالتالي فان عمان مطمئنة من هذا الجانب .

اما فيما يتعلق بالعلاقة الاردنية العراقية التي يراهن عليها الاردن في المجالين السياسي والاقتصادي، فان طهران، بحسب معلومات – مؤكدة – لم تدخل على خط عمان بغداد، او انها لا تريد ذلك، وبالتالي فان عمان تبدو مرتاحة وهي تستعد لاطلاق مبادرة “ حوار “، وتوافق بين كافة الاطياف العراقية للخروج “ بحل “ يخرج بغداد من ازمتها، ما يضع بيد الدولة الاردنية ورقة قوية تسمح بها بالتدخل الايجابي – دون المرور من بوابة طهران – بالحالة العراقية .

هذا، بالطبع، لا يعني ان عمان تفكر “ باغلاق “ الطريق مع طهران بشكل كامل، خاصة في المدى المنظور، ولكن من المؤكد ان “ تسخين “ هذه العلاقة ليس في الوارد الان، وفي اطار ذلك يمكن ان نفهم الزيادة التي قام بها لطهران وفد برلماني للمشاركة في مؤتمر دعم فلسطين وفق سياق واحد وهو ايصال رسالة لطهران بان عمان لا تزال تحافظ على موقفها “ الحيادي “ تجاه الحروب في المنطقة، وان ما يهمها هو مصالحها وامنها بعيدا عن اي تصفية حسابات مع طهران يجب الا تؤثر على تسوية القضية الفلسطينية بشكل عادي .

على الطرف الاخر، اعتقد ان طهران “ تتفهم “ ما تفكر به عمان، وان أطرافا اخرى ساهمت في ايصال الرسالة اليها، وهي ذات الرسالة التي تضمنها خطاب رئيس مجلس النواب، ما يعني ان بقاء العلاقة بين الطرفين في “ الثلاجة “ سيظل مصلحة مشتركة وربما ياتي الوقت الذي يسمح للطرفين ان يضعا ملف علاقتهما في “ الفرن “ لكي تصبح ناضجة ومتاحة للنقاش الساخن، اقول ربما، لكن هذا يحتاج الى وقت طويل .

اذا، التفاهمات غير المعلنه او ترتيبات “ الضرورة “ هو العنوان الذي يمكن أن نضع تحته العلاقة “الباردة “ بين عمان وطهران حتى الآن.

الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/23 الساعة 01:04