ابو زيد يكتب: صدق قائد، وعظمة شعب

مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/24 الساعة 13:20
استهلَّ الإعلامي المصري عمرو أديب حديثه التلفزيوني بوصف تواضع جلالة الملك عبدالله الثاني في تجواله في أحد جبال العاصمة عمان صباح الجمعة؛ لتناول وجبة بسيطة من الفلافل مع أبنائه، وتحدث مطولاً عن عظمة مشهد الملك وهو يدافع عن وطنه بين جنوده أو في قيادته السيارة متفقدًا إنسانًا هنا أو مساعدًا إنسانًا آخر هناك، ووصف أديب الأردن بالوطن العظيم والشعب العظيم النظيف والمعطاء رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة، وهي شهادة حق من إعلامي مصري كبير كعمرو أديب تضاف إلى كثير من الصور التي وصف فيها الكتاب العرب والأجانب الأردن بواحة التآلف والإخاء مثل محمد المسفر وغيره. إن يوم تسلم الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية قبل ما يقرب من عقدين كان الشعب على موعد مع الفجر, فجرٍ أشرق بنوره فأضاء ما حوله, فجرٍ علَّم الكثير, وأعطى الكثير, وأبلى في سبيل المبادئ والحرية لكل مغلوب على أمره الكثير، وإذا ما رجعنا إلى سنواتٍ خلت من عمر جلوس الملك المبارك ونظرنا نظرة فاحصة إلى ذلك التاريخ، فإننا نرى على مستوى الأرض الأردنية شاب يخرج من رحم بني هاشم, من الصحراء التي طبعت بقسوتها همة الأبطال, وأعطت من أديمها المترامي الواسع سعة الخيال وقوة التأمل وصفاء الذهن, شاب يقود الوطن إلى فجر ندي يرسم فيه مستقبل الأمة, حين يعلنها مدوية سنمضي على طريق النور ونعيد البسمة للشعب مرة أخرى بعد أن فقد سيد الرجال الحسين بن طلال طيب الله ثراه، نعم في ذلك اليوم ابتسم الزمان ابتسامة الرضا لمملكة عبد الله. ولم يكذب الرائد أهله كما يقولون, نعم فقد كان عبد الله ذلك الشاب الذي بذل أقصى ما يملك من قوة الشباب وحكمة الشيوخ لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن المعوقات كثيرة, والمثبطات أكثر, والمحاربين للتقدم والحرية والديمقراطية لا تتوقف حربهم عند حد, ويحتدم الصراع, ويتراجع البعض ويبقى القائد عبد الله الثاني صامداً مدافعاً عن آرائه ومبادئه؛ من خلال أوراقه النقاشية التي يطرح فيها آراءه مبشراً بالسعادة للشعب، فالقائد يعمل دون أن يكلَّ أو يملّ, فقد أدرك قوة الأردن وشعبه، فهداه فكره إلى إصدار الأوراق النقاشية، وخطط للمجتمع والأسرة والدولة, ولكن كما يقولون لأصحاب المبادئ خصوم لا يريدون للنور أن ينتشر, فكان لا بد من العودة إلى المؤامرات والشائعات والأكاذيب, واختلاق الذرائع لوأد قطرات الندى. إنني وأنا أعدُّ السنوات التي مرت على الجلوس المبارك لا أستطيع أن أعدد مآثرها جميعاً, وأنا أعدد منها بما تسعفني به الذاكرة ويجود به عليَّ الفؤاد الذي أحب. طوبى لك يا حكيم الوطن المفكر، وعبقري المرحلة الذي جعل من المستحيل ممكنًا، ففي حديث الملك عبدالله الأخير للكتاب والصحفيين في الديوان العامر، أكَّد أنه متحمس لمستقبل الأردن الذي يمتلك فرصًا كبيرة، والكرة الآن في ملعب الحكومة والقوى السياسية والمجتمع للاستفادة منها مستغربا من البعض الذين يقللون من شأن إمكانيات الأردن، وممن لا يملكون الطموح الكافي، بل ويستغلون الوضع الصعب عند بعض الناس ليكسبوا شعبية لأنفسهم، "يتظاهرون بأنهم من الشعب وخائفون على مصلحته.. وكل ما يريدونه هو الظهور والشهرة على حساب الوطن".

وهنا في دعم مباشر لحكومة الدكتور عمر الرزاز وجه الملك عبدالله الثاني رسالة عميقة للجميع؛ بأنَّ الحل يكمن في النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، والتركيز على دور الشباب، وتنمية المحافظات، والإصلاح الإداري، وضرورة الإسراع في إنجاز برنامج الحكومة الإلكترونية للتسهيل على المواطنين والمستثمرين وهي قضايا احتلت جوانب كثيرة من اولويات حكومة الرزاز.
وما قول جلالته "البلد بحاجة اليوم لمن يشمر ويشتغل بشجاعة وصدق، ليس من يختبئ خلف المكاتب"، إلا دليل دامغ على فكر الإصلاح الجوهري، ورؤية التطوير الإيجابي، ممَّا يتطلب تفكيرًا أعمق من قبل أفراد الشعب الأردني، وإعادة النظر في مشاركتهم في بناء؛ لتغدو أكثر تفاعلاً وإيجابية، وأكبر حرصًا ومسؤولية.

إنها الإنجازات الحقيقية للقائد العبقري الملهم وصانع أمجاد الوطن والمبشر بتقدمه وازدهاره، فقد احتلَّت المكان اللائق بها بين قوى كوكبنا الأرضي، فالأحداث العظيمة لا تصنعها الصدف، ولا تتحكم فيها العشوائية، وإنما يصنعها الرجال ذوو النظرات الثاقبة، والعبقرية النافذة، الذين أفاض الله عليهم نوراً يستشرفون به آفاق المستقبل ويبصرون به ما تفضي إليه الأحداث. إنجازات نتوارثها في هذا البلد من قيادتنا الهاشمية المُظفَّرة، فتستحق منَّا حق التأمل والرعاية والصون من كل عابث. إنجازات جاءت من جهود ملكية، وتأخذها بعين الاعتبار حكومة الدكتور عمر الرزَّاز المُوقَّرة؛ إذ لم يألُ دولة الرئيس جهدًا في النَّهْل من القيادة الهاشمية، وفي البحث والعمل بهدف تحقيق الرَّفاه والسعادة لأبناء الشعب الأردني، ممَّا أكسب هذه الحكومة صبغة إنسانية تحمل في طيَّاتها معاني اللطف، ورؤى الإنجاز والتطور في أجمل حالاته.
سنوات مرت مليئة بالأحداث, والجهاد والعمل في الأردن يزداد ويزداد, فمن خلالها تحقق الكثير الكثير والقائد لا يخذل أهله, ولا يتنكر لأمته, ولا يفرط في حقِّ مجتمعه الإنساني, ولا يأمل إلا السعادة للإنسانية جمعاء, في عالم يسوده العدل ويحتقر الظلم, عالم بعيد عن الأسلحة النووية والتحكم الصهيوني الذي جعل من فلسطين ملعباً للقهر وعنواناً للعبودية، ولذلك فان عبدالله يكررها مرة بعد اخرى؛ فلسطين للفلسطينين وعاصمتها القدس ولن نتنازل عن الحل العادل الذي يقبله الشعب الفلسطيني . إن مدرسة القائد عبد الله لجديرة بأن تحتلَّ جُلَّ تفكير الباحثين ودفاتر تحضير المدرسين, وعناوين كتب السياسيين, فالتجربة غنية, ومن حقها البحث والتنقيب.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/12/24 الساعة 13:20